ممنوع تُدْخُلْ بَعْدي

ممنوع تُدْخُلْ بَعْدي / كامل النصيرات

ذات يوم ..وأنا في مراهقة الإعدادي ؛ كنتُ ولد ( فَلْتَة ) بدروس العربي ..ولمّا أقول ( فلتة ) فأنا أعني هذه الكلمة ..لأن ( الفَلْتَة ) من عندي ومن عند الرجال إللي يخافون الله ؛هو ذلك الشخص إللي يَفْلَتْ من ( البُكْسَة ) والبُكسة للي ما يعرفها هي السحّارة ..والسحارة هي الصندوق إللي ينحط فيه البندورة والخيار والبطيخ ( البطيخ لأ ..) ..!! المُهم ..كنت سابق سنّي في العربي ..وكنت تعبان على حالي ..ودرجة تعبي على حالي وصّلتْ حد المرض و الهوس بهذه اللغة الجميلة ..!! وكان الاستاذ عبد الكريم ( أستاذ العربي ) يكره حضوري للحصّة ..ودائماً يتمنّى غيابي ..فأنا مشاكس إلى حد كنتُ ألوم نفسي وأقول ( يا ولد زودتها ) ..!!
ذات حصّة عربي ..اشتد النقاش بيني وبين الاستاذ عبد الكريم ..وأعترف إنني أحرجته عن قصد وطلّعته غلطان ..أمّا لماذا كنتُ أفعل ذلك ..؟؟ فقط لأنني فلتة ..ولا حدا أيّامها يجاريني في العربي ..والنفس الاستعراضي كان يسكن روحي أيّامها ووجدتُ عناءً شديداً للتخلّص من هذا النفس فيما بعد ..!! المهم (مرة ثانية) ..فطن الأستاذ عبد الكريم وهو وسط الإحراج أنني دخلتُ بعده عندما دخل الصف ..فقال : إنت ليش دخلت متأخِّر عَ الحصّة ..؟؟ فقلت : رُحْتْ أشرب يا أستاذ ..!! فقال : إمشي إطلعْ برّة حصتي ..وكل ما تيجي متأخّر لا تدخل الصف بعدي..سامِعْ ..برّة ..؟؟ وخرجتُ والفرح يملأ أوعيتي الدمويّة ..!! صرتُ كل يوم أتعمّد الدخول بعد الأستاذ عبد الكريم ..وأطقطق على الباب بأدب جم ..ويفتح هو الباب ويقول جملته الثابتة : ممنوع تُدخل بعدي ..!!ويصفق الباب بوجهي ..وذات يوم .. عُيّنتُ عريفاً للصف بالاكراه ..والله عرفوا مين يختاروا ..قال أنا عريف ..؟؟ فدخل الأستاذ عبد الكريم وتجهّم وجهه عندما رآني وكل ( عجقة ) الدنيا بادية عليه ..قال : شو بتعمل هون ..؟؟ قلت وأنا أضحك : أنا العريف ..!! ضحك هو الآخر ولكن باستهزاء : إيش..مش لاقيين غيرك يا (…… )..؟؟ وأضاف : طيب روح جيب طباشير من غرفة المُعلّمين ..!! وذهبتُ مثل الطير الطاير ؛ حملتُ أكمّنْ طبشورة وعدتُ للصف ..طقطقتُ بأدبٍ جم ..وفتح الأستاذ عبد الكريم ..قال : قُلْتْلَكْ ممنوع تُدخل بعدي..وصفق الباب ..ولكني فتحته وقلت : يا أستاذ ..بس إنت بعثتني  ( ولم أُكمل..) لأنه قاطعني قائلا: عارف رُحت تجيب طباشير؛ بس ممنوع تُدخل بعدي..!!
وما زلتُ أضحك حينما أتذكر تلك الحكاية التي لا أعرف لماذا أرويها لكم للمرة الثانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى