(مليح) .. يا وزير الصحة
عندما تقترب من جنوب مدينة مأدبا، جليا سترى مشهد بلدة (قضاء مليح) الرحيبة بأراضيها الواسعة وبساتينها الفيحاء وأناسها الطيبين الذين يبلغون زهاء الخمسة والعشرين ألفا، وبالرغم من ذلك فإن المواطن فيها ما فتئ يلجأ إلى مركز صحي يتيم يفتقد إلى أدنى مقومات الشفاء، مما يدفع الناس للبحث عن مشاف بعيدة كل البعد عن مكان سكناهم، بحيث تكلفهم من المشقة والعناء والتكاليف الباهظة ما يفوق استطاعتهم، وهم الذين أعسرهم الضيق وأمضهم البؤس وأثقلت كاهلهم أعباء الحياة .
ما زلت في سياق الحديث عن المكابدة والمشقة التي يقاسيها أهل (قضاء مليح) من الواقع الطبي الصعب، الذي بلغ ذروته في السنوات الأخيرة نتيجة ازدياد عدد السكان .
يقال إن في عقد الأربعينات _ كما وردتني المعلومة _ دشن المسؤولون عن الشأن الصحي في البلاد، مركزا صحيا صغيرا في (قضاء مليح) ليلبي حاجة أهل المكان، وقد كان الطبيب يأتي مرة واحدة في الأسبوع لعلاج الناس، مر زمن طويل ونحن على ما نحن عليه سابقا، وما برح طبيب عام يقوم على الرعاية الطبية في مركز صحي صغير لا يفي بالغرض المطلوب .
إذا وقعت مقالتي هذه بين يدي أحد المسؤولين وقرأها حتى النهاية، فقد يظن أنني أحاول البحث عن أي تعليل أحمل أصحاب الشأن فيه وزر هذه الظروف الصحية السيئة، ولكن في حقيقة الأمر أن نائبنا في البرلمان السابق عمل جاهدا في سبيل إتمام عطاء طريق بلغ مقداره أكثر من مليون دينار أردني مضاره أكثر من منافعه، ولم يدرك أن (قضاء مليح) ليس بحاجة إلى شارع بقدر ما هو بأمس الحاجة إلى مركز صحي شامل، لذلك أنا ألقي باللوم على هؤلاء النواب الذين صدعوا رؤوسنا في حملاتهم الانتخابية حتى جلسوا تحت قبة البرلمان؛ لأنهم لا يفكرون في الأمور ولا يتبصرون بالعواقب .
في سياق الموضوع، ومما لا شك فيه، أن أحد أهداف الانتخابات فرز أناس على قدر عال من الثقافة والفكر للمساهمة في إحداث نقلة نوعية تسهم في تطوير واقع الخدمات في القرى والألوية والمدن الأردنية بعامة، لذلك يفترض بالنواب وأعضاء مجالس المحافظات ورؤساء البلديات أن يكونوا على قدر المسؤولية ومحط ثقة الناس في الأيام والسنوات المقبلة .
وختاما في هذه المقالة، أود القول أن بلدتي (مليح) تعج بالبشر ونحن في القرن الواحد والعشرين ولا نملك الرعاية الصحية، لذلك يحدونا الأمل أن تحظى بلدتنا برعاية صحية على قدر عال من الكفاءة، وذلك بإنشاء مركز صحي شامل؛ درءا لمعاناة أهل (قضاء مليح) .