ملفات ما زالت تنتظر وزير التعليم العالي!
د.مفضي المومني
منذ شهرين تقريباً كتبت مقالاً بعنوان ملفات تنتظر وزير التعليم العالي القادم! دون أن نعرف الوزير القادم! وبعد الشهرين وبعد أن أتى الوزير ما زالت ذات الملفات تنتظر! وهي ملفات من الأهمية بمكان ونعتقد أنها بذهن أي شخص يحمل المسؤولية بما يخص التعليم العالي، الوزير الجديد على غير عادة من سبقه من الوزراء بادر بزيارات للجامعات الأردنية وحمل ملف تعيين رئيس الهاشمية الوجوبي، مع استمرار الغموض والتحفظ على آلية الإختيار، ومعروف أن حكومة التعديل الأخير هي حكومة مرحلية ستذهب مع ذهاب مجلس الأمة القريب لإنتهاء فترته، إذا لم يحصل تغيير دستوري يطيل من عمر حكومة الرزاز التي إشبعت تعديلاً! فهل ينتظر معالي الوزير ذلك؟ إذ لم نلحظ أي مبادرات وطنية تقودها وزارة التعليم العالي بوزيرها الذي نحترم ونجل خبراته، لفتح ملفات التعليم العالي! حتى الزيادات المستحقة على الرواتب أعلنت الوزارة أنها من إختصاص الجامعات وهذا نفهمه، لكن يجب التنسيق للخروج بزيادة ترضي الجميع بعد اكثر من عشر سنين عجاف، تناقصت القدرة الشرائية فيها ولم تحصل أي زيادات للعاملين في الجامعات، وما زال الجميع ينتظر توجيه الوزير او مجلس التعليم العالي لإقرار الزيادات بأسرع ما يمكن إعتباراً من بداية العام.
أما مقالي السابق والذي أعيده للتذكير بالملفات التي ما زالت تنتظر وأن لا تدخل في بيات شتوي وتسويف يعمل على ترحيل المشكلات… وعلى مبدأ (خليها تيجي من غيري)… !
وهذه مقالتي السابقة بتصرف!
الناس ملت كل المعالجات التي لا تظهر تقدم، ولا تحل مشاكلنا، نحن بحاجة لحلول تظهر التقدم والتطور ، إذ ليس المهم تعيير الوجوه.
ملف التعليم العالي ليس سهلاً ، ويمر بمرحلة إثبات الوجود والتحدي قد لا يحسد حامل حقيبته لأن هنالك ملفات شائكة وكبيرة تنتظره، وإذا لم يستطيع تحويل المسار وتغيير النهج سنستمر في التأخر عن الآخرين، وقد قلتها سابقا ربما لم نتأخر ! ولكن الآخرين سبقونا، وأهم ملفات التعليم العالي التي ستواجه الوزير ويطلب منه تحريكها والبدء بوضع حلول لها :
1- الملف الأول هنالك إستراتيجية وطنية لتنمية الموارد البشرية 2016- 2025 يدعمها الملك، وتم تشكيل لجنة تنفيذية لها، ماذا لو دعا جلالة الملك لأجتماع لرؤساء الجامعات ووزير التعليم العالي بشكل مفاجئ وطلب من الجميع عرض لما تم عمله في جامعاتهم ووزارته ؟ اعتقد أن إلإجابة ستكون لا شيء إلا من جامعة او أكثر قليلاً تعمل فعلاً بإتجاه مقررات الخطة التنفيذية، وحتى على الصعيد الحكومي، لم أسمع عن أي إجتماع للجنة المتابعة التنفيذ وإصدار جدول وتقرير يبين مدى ونسب تحقيق مؤسسات التعليم العالي لخطتها التنفيذية! سيما أننا في منتصف الفترة ويجب أن نكون حققنا 50% على الأقل من أهدافها!، وأعلم أن بعض جامعاتنا ليس لها علم بذلك، وراجعوا محاضر اجتماعات مجالس الحاكمية فيها لن تجدوا ما يشير لهذه الإستراتيجية! والأمور لدى البعض إستراتيجية تكمن على احد الرفوف يعلوها الغبار مثلها مثل سابقاتها والله اعلم!.
2- ضبط الكم في جامعاتنا، ونحن نرى هذه الأعداد غير المسبوقة من الملتحقين بالجامعات وبما يتجاوز الطاقة الإستيعابية لها، وهذا له مردود في تدني جودة التعليم والنتاجات وكذلك تغذية سوق البطالة بمزيد من حملة الشهادات الجامعية، وهنا لا بد من وضع سياسات محكمة تتيح توجيه الطلبة نحو التعليم التقني الذي يطلبه سوق العمل، وهنا لا بد من الإشارة لنجاح جامعة البلقاء في زيادة اعداد الملتحقين في التعليم التقني والتطبيقي بشكل غير مسبوق في العام الجامعي الحالي وما سبقه.
3- النوع وجودة التعليم والمخرجات، لم تعد الجامعات تعمل دون تقييم ومراقبة، هنالك جهات دولية ومقاييس عالمية للتصنيف وقياس جودة التعليم، الخريج يجب ان يكون عالمي وليس محلي، في ضوء متطلبات الشركات الكبرى العالمية العابرة للدول، المنافسة لم تعد محلية أو إقليمية بل اصبحت عالمية، من هنا مطلوب من وزير التعليم العالي فتح هذا الملف بقوة وضبط معايير الجودة لدى الجميع أي الجامعات الحكومية والخاصة، والعمل على تطوير البرامج والخطط الدراسية، وتدريب وتأهيل أعضاء هيئات التدريس في الجامعات، وكذلك تطوير البنى التحتية والتجهيزات الفنية التي تخدم العملية التدريسية، لضمان نوعية وجودة التعليم بما ينعكس على الخربجين، والعمل على إدخال الجامعات في التصنيفات العالمية المرموقة والتي شئنا ام ابينا تعتبر مؤشراً يعتد به عند تقييم النظم التعليمية والجامعات، وهيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي موجودة وتستطيع التطوير والعمل بهذا الإتجاه.
4- الجامعات الخاصة، هي جامعات وطنية بكل المقاييس، ولكن هنالك ملفات في بعضها بحاجة لجراحة مثل ضعف العملية التدريسية والتركيز على الجوانب الربحية على حساب الجوانب الأكاديمية، وتغول المالكين على الإدارة الأكاديمية، فقد روى لي بعض الزملاء الذين عملوا في هذه الجامعات الكثير من السلبيات وانتقاص لا بل عدم وجود اي صلاحيات بيد رئيس الجامعة، وبعضهم يوقع استقالته في أول يوم دوام بضغط وشرط من المالك!، وبعضهم عبارة عن صورة فقط، إضافة إلى عمليات التعيين لأعضاء هيئات التدريس حيث يكون العقد شيء وما يحصل عليه الدكتور شيء آخر ، وقد ذكر لي أن بعض الجامعات تستغل أعضاء هيئات التدريس وحاجتهم للعمل وتوقعهم على عقود إذعانية غير عادلة وقد ذكر لي أن بعض الجامعات تعطي رواتب متدنية تصل إلى 300 دينار لحملة الدكتوراه! وبعض الجامعات تعمل على إنهاء خدمات أعضاء هيئة التدريس القدامى والذين ارتفعت رواتبهم وتتخلص منهم لتعين بدلا منهم برواتب زهيدة! أيضا بعض الجامعات لا توفر وسائل إنجاح العملية الأكاديمية، وهنالك ملفات كثيرة بحاجة لمعالجة وضبط محكم، (طبعا اتحدث عن الجامعات الخاصة في جزر القمر وليس في بلدنا…!) وبنفس الوقت هنالك جامعات خاصة تحترم نفسها وتحترم العملية الأكاديمية ويشار لها بالنجاح في الكثير من المجالات.
5- البحث العلمي، ما زلنا نتحدث عن البحث العلمي ودعمه وأهميته ولكن الواقع يقول غير ذلك رغم وجود نجاحات فردية تكاد لا تذكر، مطلوب عمل نظام وقاعدة محكمة للبحث العلمي على مستوى الجامعات الاردنية، والتركيز على البحوث التطبيقية المنتجة وليس البحوث من أجل الترقية كما هو دارج حاليا، ولا ننسى الإنفاق بسخاء على البحث العلمي الرصين، ولا مانع من ابتعاث مجموعات بحثية في شتى الحقول لمراكز بحثية عالمية متخصصة لنقل تجاربها وبناء قاعدة بحث علمي على المستوى الوطني، فنحن ما زلنا متأخرين تمويلياً وكذلك انتاجياً.
6- مشكلة الإدارات الجامعية وضعفها، يعلم الجميع من خلال إستعراض لتاريخ جامعاتنا أن هنالك مشكلة كبرى في الإدارات الجامعية تبدأ من رئيس القسم وتنتهي برئيس الجامعة، وهنا لا بد من إعادة النظر في طرق التعيين، وكذلك ايجاد نظام رقابي فاعل ودوري يعتمد النتاجات ودرجة الرضى عن كل من يشغل إدارة اكاديمية، وربط استمراره بنتائج تقييمه، وعدم التقيد بالفترات الزمنية، ونحن نرى أن وجود بعض الإدارات الضعيفة في بعض الجامعات يعيدها إلى الوراء عشرات السنين، يجب أن يتم الإهتمام بهذا الجانب، فالقضية ليست تغيير رؤساء والسلام، أقولها وعن خبرة غالبية خيباتنا هي بسبب الإدارات غير الكفؤة في جامعاتنا.
7- ملف التمويل، لا يجوز أن تبقى جامعاتنا ترزح تحت مديونية كبيرة تعيق تقدمها، في ظل وجود دينار الجامعات وما يتحصل منه، إذ يجب إعادة توجيه هذه الضريبة لدعم ميزانية الجامعات، وتخفيض العبء المالي عن الأهالي وما يدفعوه لتدريس أبنائهم، والنظر في إمكانية تطبيق مجانية التعليم الجامعي ضمن خطط مدروسة.
8- إعادة النظر في طرق القبول في الجامعات بما يحقق أسس التوجيه والإرشاد الصحيحة، وربط التخصص بالميول والإتجاهات والقدرات لدى الطلبة وحاجات سوق العمل للحد من البطالة.
9- دعم التعليم التقني ووضع موازنة حكومية خاصة له منفصلة عن دعم الجامعات، إذا عرفنا أن جامعة البلقاء التطبيقية تنوب عن الحكومة في دعم التعليم التقني المكّلف جدا، ولا تحصل على دعم خاص لهذا النوع من التعليم الذي تتولى إدارته وتقديمه ورعايته منذ إنشائها، والرسوم التي يدفعها الطلبة لا تغطي جزءً بسيطاً من تكلفته!.
10- التنسيق مع وزارة التربية لتحسين مدخلات التعليم العالي، إذ أن الجامعات تشكوا تدني تحصيل الطلبة خريجي التعليم العام الملتحقين بها.
11- مجالس الحاكمية في الجامعات، يجب العمل على تفعيلها وإعطائها الدور الذي يجب أن تقوم به من مجالس الأقسام إلى مجالس العمداء، وأن لا تكون هذه المجالس عبارة عن ديكور مكمل ومسلوب الإرادة، ولا يكون ذلك إلا من خلال تشريعات تمنع التغول عليها من أي كان داخل أو خارج الجامعات.
12- مجالس الأمناء، وما ادراك ما مجالس الأمناء، واختلاط الحابل بالنابل، وتداخل المصالح مع رؤساء الجامعات، وأحيانا تغولها على الرؤساء مقابل تنفيعات وتعيينات، فالواقع يقول أن بعض مجالس الأمناء بدل أن تكون داعماً للجامعات أصبحت عبئاً كبيرا عليها، ناهيك عن كيفية تشكيلها وما يدور من ملاحظات على الإختيارات غير الموفقة والتنفيعية وتدخل الصحبة والمعرفة وإنعدام الشفافية.
13- ربط مخرجات الجامعات بمتطلبات سوق العمل والحد من نسب البطالة بين الخريجين، وهذا ملف موحل حد الغرق، وبحاجة إلى معالجات وتشريعات وتغيير وتطوير البرامج والبنى التحتية وتشريعات وسياسات العمل، وعمليات التأهيل والتدريب، وبناء استراتيجيات علمية تربط البرامج بمتطلبات وتطورات سوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي.
14- لا أنسى ملف أعضاء هيئات التدريس وتطوير أدائهم وتحسين أحوالهم ونحن نرى هجرة العقول والنخبة منهم بحثا عن دخل يؤمن لهم عيشاً كريماً، في ظل تآكل مداخيلهم وعدم قدرتهم على تلبية متطلبات الحياة.
16- إعادة الألق لجامعاتنا من خلال كل ما سبق وغيره، وهذا التحدي الأكبر لوزير التعليم العالي على المدى القصير وقادم الآيام، الآخرين سبقونا كثيرا ونحن لم نتأخر بل نمشي بخطوات سلحفائية نحو التقدم وأحيانا سكون وسكوت مريب! وهذا يجعلنا خارج ركب التقدم المتسارع الذي لا ينتظر المتلكئين.
هذه مجموعة من الملفات والقضايا التي تواجه وزير التعليم العالي الحالي ومن سيليه، فإما يكون على قدر الحمل! أو سيعد أياما في الوزرنه، أو سيُرَحِل كل هذا لمن بعده، نأمل أن يكون(على قد الحمل)، بلدنا تستحق الأفضل… حمى الله الأردن.