سواليف
رأت مجلة “فورين أفيرز ” في #تقرير مطول نشرته على موقعها الإلكتروني أن التفكير في الاعتماد على #الطاقة #النووية كطاقة نظيفة ومستدامة لن يساهم في إنقاذ #كوكب #الأرض من #الانبعاثات الكربونية المنبعثة من #الوقود الأحفوري، مشيرة إلى أنها لا تزال #مكلفة من الناحية الاقتصادية، بالإضافة إلى أن تقنياتها بحاجة إلى تطوير قد يحتاج إلى عشرات السنين.
وأكد التقرير أن العديد من الخبراء يتفقون على أن العالم لا يملك رفاهية الوقت والانتظار لإيجاد بديل عن الوقود الأحفوري، وذلك بالتزامن مع حدوث #تغييرات #مناخية خطيرة تؤدي إلى العديد من الآثار البيئية السلبية ذات العواقب المخيفة كارتفاع منسوب مياه البحر والجفاف وانتشار الحرائق وتحمض المحيطات وما شابه ذلك.
وقد أدت تلك التهديدات إلى التفكير في تطوير التصميمات المبتكرة للمفاعلات النووية للسماح لسكان كوكب الأرض بالاعتماد بشكل أقل على مصادر الكهرباء التي تنفث الكربون مثل الفحم والغاز الطبيعي والنفط.
وفي السنوات الأخيرة، كانت التصاميم النووية المتقدمة محط اهتمام ودعم مكثفين من مستثمرين في القطاع الخاص مثل المليارير الأميركي بيل غيتس الذي أسس شركة “TerraPowe” في العام 2006 لتطوير تصاميم المفاعلات النووية السلمية.
ويأمل المدافعون عن ذلك التوجه أن يؤدي التركيز المتجدد على تطوير مصادر الطاقة النووية إلى حدوث المزيد من التقدم التكنولوجي وخفض التكاليف، ولكن حتى الآن أثبتت أحدث التقنيات النووية أنها قليلة للغاية ومتأخرة جدًا، وأنها لا يمكن أن تؤثر بشكل إيجابي على تغير المناخ في السنوات العشر القادمة أو أكثر.
وبالنظر إلى المهل الطويلة لتطوير نماذج أولية هندسية كاملة النطاق للتصاميم المتقدمة الجديدة والوقت اللازم لبناء قاعدة تصنيع وقاعدة عملاء لجعل الطاقة النووية أكثر تنافسية من الناحية الاقتصادية، فمن غير المرجح أن تبدأ الطاقة النووية في الحد بشكل كبير من الاعتماد على موارد الطاقة التقليدية حتى خلال 20 عامًا.
مكلفة اقتصاديا
ففي الولايات المتحدة، تعتمد البلاد هناك على نحو 20 في المائة من احتياجاتها الكهربائية على الطاقة النووية، ولكن تلك الصناعة تكافح للاستمرار بسبب الجدوى الاقتصادية، فقد جرى في أواخر أبريل إغلاق محطة إنديان بوينت التي تعد آخر مصدر للطاقة النووية في نيويورك، وهي المفاعل الثاني عشر الذي يتم إغلاق منذ العام 2013، في حين أنه من المقرر إغلاق 7 مفاعلات أميركية أخرى على الأقل بحلول العام 2025.
وكان دراسة أجريت في أكتوبر من العام الماضي أوضحت أن التكاليف الرأسمالية للطاقة النووية في الولايات المتحدة أعلى من أي تقنية أخرى لتوليد الطاقة تقريبًا، وذلك رغم العديد من الجهود الجارية لجعل المفاعلات النووية أكثر كفاءة وبالتالي أكثر تنافسية مع مصادر الطاقة الأخرى.
ويقترح صانعو المفاعلات الجدد جعل المفاعلات أصغر حجمًا مع استخدام أنواع مختلفة من الوقود والمبردات والمعدلات.
وأحد هذه التصميمات الجديدة “NuScale” وهو مفاعل صغير يعمل بالماء الخفيف قادر على توليد 77 ميغاواط من الكهرباء ويؤكد على ميزات الأمان القصوى.
وسيكون المستخدم الأول لذلك التصميم هو شركة “Utah Associated Municipal Power Systems” والتي لديها خطط لبدء تشغيل مفاعل في ولاية أيداهو بحلول عام 2027، علما أن وزارة الطاقة الأميركية قد دعمت هذا المشروع بمنحة قدرها 1.355 مليار دولار.
بيد أن التحدي الرئيسي الذي يواجه كافة أنواع التصميمات الجديدة للمفاعل النووية، ضرورة اعتمادها على أنواع جديدة من الوقود، والتي يجب أن تكون مرخصة من ناحية إنتاجها وإدارتها أثناء الاستخدام وتخزينها وطرق التخلص منها عند انتهاء صلاحيتها.
وتعتمد بعض تصميمات المفاعلات الجديدة على استخدام أنواع الوقود التي تتطلب تخصيبًا أعلى لليورانيوم – وهي مادة لا تمتلك الولايات المتحدة حاليًا سوى القليل من القدرة على إنتاجها – خاصة وأن الوقود المخصب يثير المخاوف بشأن انتشار الأسلحة النووية.
وحتى لو أمكن حل مشكلات التزويد بالوقود الصعبة هذه، فإن تصميمات المفاعلات غير التقليدية تواجه أيضًا تحديات بناء هائلة لأنها تستغرق وقتا طويلا لإنشائها مما يزيد في قيمة التكاليف، فقد شهد تصميم مفاعلات EPR الفرنسي تأخيرات متعددة وتجاوزات كبيرة في التكلفة في كل من فرنسا وفنلندا.
كما أن تلك المشاريع العملاقة تواجه تحديات في إدارة البرامج ومراقبة الجودة والمسائل التنظيمية التي تؤدي إلى تأخيرات طويلة.
ولكل هذه الأسباب، يرى قسم من الخبراء أن الطاقة النووية لايمكن أن تشكل حلًا سحريًا على المدى القريب أو ربما متوسط المدى لمشاكل التغيرات المناخية، إذ لا تزال هناك العديد من العقبات الاقتصادية والتقنية واللوجستية التي تقف في طريق بناء مفاعلات أكثر أمانًا وكفاءة وتنافسية من حيث التكلفة.
ولكن بالمقابل، يرى فريق من العلماء أن الابتكارات في تصميمات المفاعلات والوقود النووي تبقى تستحق مزيدا من الأبحاث والدعم الحكومي، لأنها تبقى عاملا مهما في الحد من انبعاثات الكربون، مع التركيز على إيجاد حلول أكثر سرعة لمواجهة أخطار التغيرات المناخية التي تكون جاهزة للاستخدام في أقرب وقت وليس بعد عشرين عاما.