مقايضة …

مقايضة …
نور الجابري

هذا الصباح مختلف ..فعندما إستيقظتُ و كعادتي نزلت لآشتري الصحيفة و عندما ذهبت لأدفع الثمن لم أجد معي نقودا رغم أني أحمل محفظتي ،لم أرتبك فأنا أعرف البائع ،أخبرته أنني سأدفع الثمن لاحقا غير انه قال لي ثمنها مدفوع حيث أني ساعدت طفلا على قطع الشارع ،هنا نظرت له نظرة الحائر فأخبرني بالقانون الجديد ،قانون الدفع بالمثل أو المقايضة ،لم يعد هناك قيمةً للمال بعد ..
كنت أظنه يُمازحني ليصُدّ عني الحرج أمام الموجودين ، عُدت الى المنزل و أعددت قهوة الصباح و جلست أتصفح العناوين و كان مما أثار دهشتي أن كلام البائع مذكور في الصحيفة ،
هَرعتُ الى التلفاز و كان الخبر يتصدّر جميع الفضائيات ،بدلت ثيابي و ذهبت لأقابل طبيبا كنت قد إنتظرت موعده لآيام ، بعد الفحص طلب مني أن اقرأ للأطفال الذين في قاعة الانتظار إحدى القصص و كان ذلك بدلا عن قيمة الكشف ،إستمر الحال معي لايام هكذا حتى أنني أحببت الفكرة ،
ثم ذات مرة سمعت عن إتفاق بين طرفين أحدهم العدو الصهوني و هنا أخذت أبحث عن طريقة الدفع او المقايضة ، ما هي قيمة دم الشهداء ،
ما هي قيمة تراب وطن لكي يُدنس بأحذيةٍ قد خطت فوق دماء الأحرار ، ما هي قيمة الثأر الممتد لأجيال ،لم أجد ما يُقايض به دمع الطفولة المشوهة لأطفال فلسطين أو العراق أو اليمن أو سوريا و حتى لو بألف رأس ، ليست المقايضة طريقا أو طريقة بل هي خضوع في أغلب الأحيان ،
ومن لم يُدرك ذلك عليه أن يسأل تراب أرض فلسطين الذي روته دماء شهداءٍ أحرار و أولائك اللذين عَرفوا كيف تتم مقايضة ألاوطان بالدماء ،فجاة صحوت من حلمٍ ثقيل أسرعت و أحضرت الصحيفة و دفعت ثمنها و كنت فرحا بذلك ،قرأت العناوين و صُدِمت عندما عَلمت أنّ الدماء تَمت مقايضتها مقابل أربع عصي من خشب عليها إسفنجة نتنة و قد طال الجلوس عليها ،نعم كرسيٌ نتن لا أكثر ،ليتني لم أستيقظ من حلمي .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى