سواليف
بعدما ضاقت مقابر مدينة دوما المحاصرة قرب دمشق بجثث أبنائها بسبب سنوات النزاع الطويلة، لجأ الأهالي إلى اعتماد أسلوب جديد في دفن موتاهم عبر وضعهم في مقابر عمودية من طبقات عدة تبنى من الطين.
وفي ظل الحصار الخانق من قبل قوات النظام السوري على دوما، بات السكان يعتمدون بدلا من الإسمنت على الطين والتبن لبناء القبور، وهي طريقة قد تحافظ أيضا على الأراضي الزراعية التي هم بأمس الحاجة إليها.
ويشرح أبو عبدو، أحد العمال في المقابر الجديدة، كيفية صناعة المواد الجديدة البديلة عن الإسمنت بالقول: “نقوم بخلط الطين والتبن بالماء ثم نضعها في قوالب نقويها بوضع القصب داخلها بدلا من الحديد، وننتظرها لتجف وتصبح على شكل حجارة نبني فيها المقابر”.
وأظهر شريط فيديو لـ”فرانس برس” العمال أثناء تحضيرهم للمواد اللازمة للمقابر الجديدة، فوقف اثنان منهم في حفرة وبدؤوا بخلط المواد بأرجلهم، قبل أن يضعوا المزيج في مكعبات ستصبح لاحقا بعد أن تجف حجارة لبناء المقابر.
كما تظهر في شريط الفيديو طبقات عدة من المقابر وقد بنيت بهذه الحجارة، وأحضرت جثة دفنت وغطيت بالحجارة للتمكن من بناء مقبرة ثانية فوقها.
وتتعرض دوما التي تسيطر عليها فصائل معارضة وإسلامية، على رأسها فصيل “جيش الإسلام”، منذ العام 2013 بشكل شبه يومي للقصف المدفعي والجوي، ما أسفر طوال هذه السنوات عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى.
ويوضح سمير، وهو المهندس المسؤول عن تطوير المقابر الجديدة، أن “تجهيز القبور بشكل أفقي يحتاج إلى مساحات كبيرة”، أما اليوم وعبر القبور الطابقية فإن مساحة أرض غير كبيرة “قد تتسع لحوالي ألف قبر”.
ويضيف: “لجأنا لمشروع القبور الطابقية لأسباب عدة، أهمها العدد الكبير للشهداء (…) وتوفير الأراضي الزراعية”، مشيرا إلى حاجة دوما إلى كل “دونم أرض للزراعة لنستفيد منه بسب الحصار الخانق من قبل نظام الأسد”.
وأشار إلى أن “المواد الأولية المستخدمة هي الطين والتبن والقصب وهي مواد متوفرة في الغوطة الشرقية”.
وتحولت سياسة الحصار خلال سنوات النزاع السوري إلى سلاح حرب رئيسي تستخدمه الأطراف المتقاتلة كافة. ويعيش، بحسب الأمم المتحدة، نحو 600 ألف شخص في 19 منطقة محاصرة في البلاد التي دمرتها الحرب، 452 ألفا و700 شخص منهم يحاصرهم الجيش السوري، خصوصا في ريف دمشق.
وتشهد سوريا نزاعا داميا بدأ في آذار/ مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد النظام، تطورت لاحقا إلى نزاع متشعب الأطراف، أسفر عن مقتل أكثر من 290 ألف شخص وتسبب بدمار هائل في البنى التحتية وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
عربي 21