متى يأتي جيش الأحرار ؟ / إيناس سلاّمي

متى يأتي جيش الأحرار ؟
ولدتني أمّي صبيحة يوم ماطر ..على الطّريق إلى الفتوحات الكبرى .. لذلك كنتُ منذ طفولتي أرتدي الملابس العسكريّة و أحمل سيفًا من خشب و أجلس على حافّة الرّصيف منتظرا أوّل الجيوش لأنضمّ إليها .. و لقد جلستُ طويلا حتّى أعياني الأمل .. كان الأطفال يلعبون الغُمّيضة و كرة القدم … و كنتُ أنظر صوب الأفق عسى أن يأتي الثوّار لأركب معهم حصان الحريّة ..

جدّتي كانت تؤكّد لي أنّه لن يأتي أحد و أنّ آخر جيشٍ مرّ من هنا كان لمجموعة من قطّاع الطّرق سرقوا المواشي و خطفوا معهم أجمل نساء القرية ، المرأة ذات الشّعر الطويل الطّويل و آختفوا خلف الجبال .. و كنتُ كلّما سمعتُ ذلك أنخرطُ في البكاء .. فيأتي جدّي ليحضُنَني و يعود بي إلى البيت و كان إمبراطورًا عظيما يحكم قبيلة من الأبناء و الأحفاد لا يعرف أحد على وجه الدقّة كم يبلغ عددهم ..

في الليل كنت أحلم دوما بالمعارك الفاصلة بين الخير و الشرّ .. و في النّهار أتوشّح سيف الخشب و أخرج للشارع فأطارد الصبية الرّافضين للدّخول تحت قيادتي من أجل الزّحف على هذا العالم الدّاعر الّذي باعت فيه ” أورسولا إيجواران ” الكثير من حلوى الكارميلّلا على شكل حيوانات صغيرة و إخراج المشعوذين من صياصيهم و شنقهم في السّاحات العامّة ليكونوا عبرة لمن يأتي بعدهم .

لقد ضاعت طفولتي ولم أتمتّع بها … و ضاعت مراهقتي .. و ضاع شبابي .. و أنا أجلس على حافّة الطّريق أراقب الأفق عسى أن يهلّ ركبُ الأخيار .. فنمضي سويّاً لنحرّر هذا الكون من الأوهام .. و نحرّر القلوب من الأحقاد .. و نحرّر الأوطان من الطّغاة .

مقالات ذات صلة

يقول لي الطّبيب و هو يفحصني : ” يا بنيّ إهتمّ بقلبك .. إنّي أرى فيه جراحا غائرة و نُدوبًا و دموعا و أنينًا .. و أرى فيه شعر طويل لإمرأة جميلة في قبضة عصابة لئيمة.. و غبار جيش مهزوم ” .

أقول : ” أيّها الطّبيب دعكَ من قلبي و قل لي : متى يأتي جيش الأحرار ؟؟

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى