مفاهيم اسلامية: الإحسان

#مفاهيم_اسلامية: #الإحسان
مقال الإثنين: 27 / 10 / 2025

بقلم: د. #هاشم_غرايبه


لغويا الاحسان مصدر من الفعل الرباعي أحسن، وهو مزيد بالألف عن الفعل الثلاثي (حسن)، لتعني أجاد وأتقن الفعل أو القول.
من هنا نفهم المراد بالإحسان، لكنه كمصطلح شرعي أوسع من ذك بكثير، اذ يضم المعاني التالية:
1 – يعتبر أعلى درجات الإيمان، ولما كان التقوى يتحقق باكتمال الايمان، فمن وصل الى درجة الاحسان فقد بلغ المرتبة العليا من بين المتقين.
وقد وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبسط توصيف على أنه: “أن تعبد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فهو يراك”، ويعني ذلك استحضار تقوى الله في كل حركات المرء وسكناته، وهذا لا يمكن لمن كان قلبه غافلا عن ذكر الله، بل للموقن بوجود الله ورقابته له، لذلك فهو حريص على عمل كل ما يرضيه والبعد عن معصيته.
2 – اتقان العمل، وأداؤه على الوجه الأمثل، وهذا شامل لأداء كافة الأعمال، سواء منها تلك التي يقوم بها طاعة لربه وتقربا منه كالعبادات، أو تلك التي ينفع بها نفسه ويحفظ بها بقاءه ودوام صحته وسمته، أو التي يخدم به آخرين وينفعهم مقابل أجر بموجب مهنته أو وظيفته، أو تبرعا بجهده وعلمه وخبرته لأجل الله.
هذا الإتقان هو أصلا واجب شرعي، وقد حثنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” لكن الله تكرما يجازي من يحسن العمل بركة في الرزق وتوفيقا في الدنيا وثوابا في الآخرة.
3 – عمل الخير، ونفع الغير سماه الله إحسانا، وهو تسمية أخرى للصدقات، التي يقدمها المرء ابتغاء مرضاة الله وثوابه، وجعلها الله زادا للآخرة وبمقدارها تعلو الدرجات وتتفاضل منازلهم في الجنة، فقد قال على لسان من وجد في ميزان حسناته يوم الحساب نقصانا أورده موارد التهلكة: “حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ” [المؤمنون:99-100]، فعندما رأى هذا التعيس كم أن الاحسان ثقيل في الميزان، ندم على قلة ما قدم في حياته، وتمنى لو يعاد الى الحياة فيكثر منه، ولم يقل لعلى أكثر من العبادات المفروضة، ولا النوافل منها، بل فقط الإحسان الى الغير الذي هو قوام العمل الصالح.
وقد بين الله تعالى عظم جزاء المحسنين في الدنيا، فقال بحق كثير من أنبيائه مثل ابراهيم ويوسف وموسى عليهم السلام: “إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” [الصافات:110]، وذكر فضل المحسنين ورفعة قدرهم بنحو هذا المعنى في ثمانية وثلاثين موضعا في كتابه العزيز.
نستخلص مما سبق أن منهج الله يعتبرالإحسان أسمى أعمال الانسان في الحياة، وهو معيار نجاحه، لأن فيه نفع خالص من الرياء والأذى، إذ لا يبتغي المحسن فيه غير وجه الله.
وللمقارنة مع معايير النجاح والارتقاء في المناهج البشرية، سنجد أنها في الليبرالية تنحصر في تحقيق الثراء والنفوذ، ومن يحقق ذلك يعتبر ذو حظ عظيم، لذلك تنكشف مدى تباين الصلاح بينهما بمقدار ذلك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى