#مفاتيح #السعادة 3 – معرفة #الإسلام –
ماجد دودين
بعد أن تحدّثت في المقالتين السابقتيْن عن معرفة الله تعالى ( المرْسِل) وعن معرفة (الرسول) صلى الله عليه وسلّم، انتقل إلى الحديث عن المعرفة الثالثة وهي الثمرة ألاّ وهي معرفة الإسلام (الرسالة)… الميراث العظيم، ميراث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم …
ويكفي لأدلل على هذه المعرفة أن أسوق هذه القصة:
نزل أبو هريرة رضي الله عنه ذات يوم إلى السوق ورأى الناس قد شغلهم البيع والشراء والأخذ والعطاء فقال لهم: ” أإنّكم لها هنا وميراث محمد صلى الله عليه وسلم يقسّم في المسجد؟
فانطلقوا إلى المسجد مسرعين … لكنهم ما وجدوا ميراثاً يُقسّم، فانقلبوا إلى أبي هريرة عاتبين يقولون له:
“تهزأ بنا وتضحك علينا ؟!”
قال: وكيف؟
قالوا: ما وجدنا ميراثاً يُقسّم؟
قال: فماذا وجدتم؟
قالوا: وجدنا أناساً يقرؤون القرآن الكريم ويتدارسون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ويذكرون الله
فقال لهم: وهل ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ميراثاً خير من هذا الميراث أو ثمّ ميراث خير منه؟!
هذا هو الميراث الحقيقي الذي التزم به أصحاب الحبيب صلى الله عليه وسلم فورثوا الدنيا وخاطبوا السحاب أن تحرّك بقدرة الله ومشيئته حيث تريد وأمطر حيث تريد فخراجك عائد إلى بيت مال المسلمين …
لقد ربّى الإسلام الإنسان الرشيد وكوّن المجتمع السعيد … النظيف الطاهر التقي النقي …
لقد كان للإيمان أزكى الأثر في إصلاح النفوس وإرساء قواعد الأمن والطمأنينة في جوانبه.. جوانب المجتمع وآفاقه وبث السلام والسعادة والسكينة بين ربوعه … ذلك أنّ الإسلام هو الدين الحق … وهو دين الصدق …
الدين الذي يسّوي بين الناس ومقياس الكرامة فيه يقوم على أساس التقوى لا على أساس الأجناس…
الدين الذي لا يقرّ الخرافة أو الجهل ولا يقبل الخبث أو السُم في النفس أو الجسم …
الدين الذي يحث على العمل والتفكير في ملكوت العلي القدير …
الدين الذي لا يجعل بين الفرد وخالقه أي واسطة …
الدين السمح الذي لا يُكْرِهُ أحداً على اعتناقه ولا يسمح بالعدوان ولا يُبيح الفساد في الأرض …
الدين الذي يأمر بصلة الأرحام ويجعل من العمل إيماناً ويجعل طلب العلم فريضة وطاعة وعبادة وإحساناً …
الدين الذي يعتبر إماطة الأذى عن الطري قُرْبة وصدقة وحتى البسمة يعدّها ويعتبرها صدقة وحسنة،
إنه باختصار دين ” أمنتُ بالله ثم استقم “.
فإذا ما فقهنا إسلامنا تغيرّت أحوالنا … وقد قيل: عِمارة القلب في أربعة أشياء: في العلم، والتقوى، وطاعة الله، وذكر الله.
وخراب القلب من أربعة أشياء: من الجهل، والمعصية، والاغترار، والغفلة.
وسُئل الحسن البصري رحمه الله عن مسألة فأجاب عنها فقال السائل: إنّ الفقهاء يخالفونك. فقال للسائل: ثكلتك أمُّك وهل رأيت فقيها بعينك؟ إنما الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغبُ في الآخرة … البصير بدينه المداوم على عبادة ربه… الورعُ الكافُّ نفسه عن أعراض المسلمين، العفيف عن أموالهم … الناصح لجماعتهم … المجتهد في العبادة … المقيم على سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. الذي لا ينبذ من فوقه… ولا يسخر ممّن دونه …
إن المؤمن – ومفتاح الإيمان العلم – إذا آمن بالله واستحكم إيمانه خاف الله تعالى فإذا خاف الله تعالى تولّد من الخوف الهيبة … فإذا سكنت غلبةُ الهيبة دامت طاعته لربه… فإذا أطاع ربه تولّد من الطاعة الرجاء. فإذا سكنت درجة الرجاء في القلب تولّد من الرجاء المحبة. فإذا استحكمت المحبة في قلب العبد سكن بعدها مقام الشوق، فإذا اشتاق قاده الشوق إلى الأنس بالله، فإذا أنس بالله اطمأن إلى الله، فإذا اطمأن إلى الله كان ليله في نعيم ونهاره في نعيم وسرّه في نعيم وعلانيته في نعيم وحياته في نعيم وموته في نعيم ودنياه في نعيم وآخرته في نعيم …
وهل تنال كل هذه النعم إلا بمعرفة الإسلام والعِلم والعمل؟!