مـَــزاج الـدجــاج…!!! / د . ناصر نايف البزور

مـَــزاج الـدجــاج…!!!
غير ذي بعيدٍ عن أبصارنا و مسامعنا، بادَرَت دولة الإمارات العربية قبل أسابيع بإطلاق أوّل وزارة “للسعادة” في العالم للعمل على تحسين مستوى الرفاهية المُجتمعيِّة لمواطنيها، إيماناً منها بواجِب الدولة نحو أفراد الشعب. فالمُعادلة رابحة على المدى القصير والطويل؛ فالراحة النفسية للفرد تعود على الأوطان بمزيد من العطاء والإنتاجية والتنافسية؛ وهذا مُثبَت علمياً في دراسات علم النفس، وعلم الإجتماع وعلم الإقتصاد!

أمَّا في الطرف الآخر للكوكب، كألمانيا وبعض الدول الأوروبية، فمنظومة السعادة المتكاملة جاوزَت حُدود رفاهية الإنسان إلى بهجة الحيوانات والطيور! ففي تلك البلاد المُنشغلة بالتَرَف الزائد و “الحتشي الفاظي”، تَوَصّلَ الباحثون بالنظرية والتطبيق إلى ضرورة إسعاد الدجاج وتغيير مزاجه بشكل إيجابي فأصبح الدجاج لديهِم أكثر إنتاجية للبيض و”الكتاكيت”!

ولَم يتمّ تحقيقَ ذلك من خلال توفير الطعام المناسب والمزارع الجميلة الدافئة فحسب (فهذه الأمور متوَفِّرة و مفروغٌ مِنها أصلا)، ولكنَّه تحَقّقَ من خلال التوصُّل علمياً إلى تأثير الإضاءة الساطعة سلباً على مزاج الدجاج؛ فقاموا بتخفيف الإضاءة بنسبة 70%، فآتَت التجرُبة أُكُلَها في غُضون أيّام؛ ففَرِحَ الدجاج وابتهَجَ و ملأت “مكاكاته” كُلَّ مكان؛ وبَدَتْ سعادته على قَسَمات وجهه! وحَتّى الصيصان أصبحتْ تخرُج من البيضة “مزهزِهة”!!!

أمَّا في بعض “بلاد العُرب أوطاني”، فالأنظمة العظيمة “مُش فاضية للجاج” مُنطلقة من حِكمة المتَنَبّي الشهيرة “ويعْظُمُ في عين الصغير صغارُها*** ويَصغُرُ في عين العظيم العظائمُ”؛ لذلكَ فَهِيَ تُكَرِّسُ كُلَّ جُهدها لترفيه الإنسان وإسعاده سعادةً حقيقية و مُستدامة؛ فالحكومات في بلاد العُرب منشغلة بالأمور الجديّة الجِسام التي تعود على الشعوب بالخير الجزيل الذي لا يُمكِنْ رؤية أثَره إلاّ على المدى الطويل الذي لا يُمكِنُ أنْ تلمَسُهُ الشعوب إلاّ بعد عشرات السنين إن شاء الله؛ لكنَّها شعوب مُستعجلة بطبيعتها دائماً!

مقالات ذات صلة

فالراحة الحقيقية والسعادة الدائمة والمُتعة الأبدية للإنسان هي الهدف الأوَّل والوحيد لهذه الحُكومات جزاها الله خيراً! وهَلْ هُناكَ إنسان عاقل لا يَعرِف أنَّ هذا هو ما نُسَمّيه بـ “النـعـيم المُقيم”؛ وهذا لا يُمكِنْ أن يَحصُلَ عليه الإنسان سوى في الجنَّة، وهو “أقصى ما يتمنَّى” الشعب!

لذا فقد دأبَت هذه الحُكومات الرائعة على تحقيق أحلام وأُمنيات شعوبها بإيصالهم إلى وُجهَتِهِم و مُبتغاهم بشَتّى السُبُل من خلال تعجيل مَـوتِهِم: تارَةً بتجهيلِهِم؛ و تارَةً بتجويعِهِم؛ وتارَةً بإفقارِهِم؛ وتارَةً بإمراضِهِم و عدم توفير الخدمات الصحيِّة لهُم!

وعِندما شعَرَ بُعضُ القادَة العَرَب حَفِظَهُم الله بطول مُدَّة وتأخُّر تحقيق الهدَف المنشود، ابتكروا وسائل جديدة لتعجيل موت الشعوب لتحقيق أمنياتها بالسعادة: تارَةً بالاضطهاد؛ وتارَةً بالتعذيب؛ وتارَةً بالقتل رمياً بالرصاص؛ وتارَةً بالتهجير الجماعي؛ وتارَةً بالبراميل المتفجِّرة؛ وتارَةً بالاستعانة بالدول والعصابات من الخارج لِيُساعدوها على تذبيح هذه الشعوب المتلهِّفه للسعادة والنعيم!

أوَليسَ هذا ما يَحصُل من مذابِح جماعية للدجاج في بلادنا في كُلِّ جُمعة؟ وفي المُحَصِّلة، فما يسيلُ من دماء من هذه الشعوب أو من مسالخ الدجاج لا يختلف كثيراً؛ فَكُلُّه سائلٌ أحمر! فهَل شعوبنا أقَل شأناً من مَعشَر الدجاج، يا حُجَّاج!!! فلا عَجَبَ إذا تَمَنَّى بعض المواطنين العرب صائحاً: “يا ليتني كُنتُ دجاجة” بَس مش “فَرّوجـة”!!! واللهُ أعلَمُ وأحكَم!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى