#معسكر #سلام .. أم #استسلام ؟!
المهندس : عبدالكريم أبو زنيمة
ينشط الطابور العربي المتصهين هذه الأيام على تشويه وشيطنة كل من يعادي الكيان العنصري الصهيوني ، فقد وصل بهم الأمر وعلى لسان رئيس سلطة التنسيق الأمني الى تحميل مسؤولية ما يجري في غزة من مذابح ومجازر وإبادة يرتكبها الكيان العنصري بحق الشعب الفلسطيني إلى فصائل المقاومة ، إنّهم يختزلون بذلك تاريخ الصراع مع هذا الكيان الإجرامي الذي مضى عليه أكثر من 76 عاماً ويحصرونه في سبعة أشهر ، وكأنّ الصراع نشب بعد السابع من تشرين عام 2023م ، وأن الاحتلال بحاجة ويبحث عن ذرائع ليوغل في جرائمه لكل ما هو فلسطيني وعربي منذ الانتداب البريطاني على فلسطين من القرن الماضي ولغاية تاريخه ، هذا الطابور يصوِّر ويسوِّق الاحتلال الصهيوني كحمل وديع مسالم ينشد الأمن والطمأنينة ، إنّهم يتناسون كل مجازره وجرائمه وتوحشه في حيفا ويافا واللد ودير ياسين وقبية وقلقيلية وكفر قاسم وخان يونس وبحر البقر ومذبحة الأسرى المصريين ومذبحة الأقصى والمسجد الإبراهيمي وصبرا وشاتيلا وقانا الأولى وقانا الثانية ومخيم جنين وتدنيسه لأقدس مقدساتنا ، هذا المعسكر هو بحقيقته ليس معسكر سلام ! إنّه معسكر الخنوع والأستسلام والتآمر.
السلام بمفهومه العام هو الحالة التي تسعى إليها الجماعات أو الدول للوصول إلى الهدوء والاستقرار والأمن من خلال إنهاء كافة اشكال الاضطرابات والعنف والنزاع المسلح والأعمال العدائية وبنفس الوقت معالجة كافة الأسباب الكامنة وراء هذه النزاعات والصراعات دون تغوّل طرف على الآخر مع التزام كل طرف بتعهداته والتزاماته تجاه الآخر وذلك لعدم تجدد الصراع ، وغالبا ما ينشأ الصراع بين طرفي نشآ نشأة طبيعية بنفس البيئة والجغرافيا والتاريخ ، فمن حيث المبدأ أنّ كل ما يُقال حول السلام مع هذا الكيان اللقيط يتناقض والمفاهيم الإنسانية والتاريخية – فهو كيان مصطنع فُرض بالقوة من خارج هذه البيئة الجغرافية الطبيعية وهو محتل ومغتصب لحقوق الغير ، وهو بمعتقداته وسلوكه وثقافته مجرم متعطش للدماء متوحش مخادع ،ذو أطماع توسعية يُسمِعها للعالم كله من خلال نشيده الوطني ويُريها من خلال عَلَمِهِ ذو الدلالة على حدوده ويترجمها من خلال سلوكه الإجرامي ، وبالرغم من عقده إتفاقيات مع مصر والأردن وفلسطين سُمِّيتْ زوراً وبهتاناً بمعاهدات سلام إلا أنه لم يلتزم مطلقاً بها ، ويعمل ليل نهار على تقويض ركائز ودعامات هذه الدول بكافة الوسائل ، كل ما أراده بما يخص مصر القوة العسكرية العربية هو سلخها عن تاريخها وحضارتها ودورها العروبي التحرري وقتل الحلم العربي ، وكان له ما أراد للأسف – حيث يُباد شعب عربي مسلم سني على مرآى ومسمع جيش مصر ! أمّا ما يخص الأردن وفلسطين فكان رهانه على الوقت بأن يبتلعهما بالقوة الناعمة وفي المقدمة تدمير منظومة التربية والتعليم فيهما لإيجاد أجيال قادمة غريبة عن هويتها وعقيدتها وثقافتها وتاريخها وإنسانيتها وكذلك تدمير الاقتصاد فيهما ورهنهما وتكبيلهما بالديون ” كيانات بلا سيادة وشعوب جائعة على أبواب السفارات الغربية “، أمّا بقية دول معسكر ما يُسمَّى السلام فهي تتساقط في شباكِهِ الواحدة تلو الأخرى بوتيرة أسرع ما كان يحلم به الكيان الصهيوني ، وأما الدول العربية التي رفضت المسار الاستسلامي والسقوط في شركه فجرى التآمر عليها الواحدة تلو الأخرى وتدميرها .
من المستحيل وبكل المفاهيم أن يكون هناك سلاماً مع هذا الكيان الغازي المحتل للأرض العربية الإسلامية والمغتصب لحقوق الآخرين ، فهذا السلام المزعوم هو مقتصر على النخب الحاكمة ومرفوض ومدان شعبياً ، كل الأجيال التي ولدت بعد إتفاقيات السلام وأنفقت عليها مئات المليارات لتجهيلها وتغريبها وتشويهها هي أكثر عدائية لهذا الكيان العنصري ، من يسطر معجزات الرجولة والشجاعة والجسارة والأقدام وملاحم البطولة اليوم في فلسطين ولبنان والعراق واليمن ومن يتحرق شوقاً للانضمام إليهم في بقية أقطار الوطن العربي هم جيل ما بعد إتفاقيات السلام ، والأجيال القادمة هي أكثر عدائية لهذا الوجود اللقيط ولا أدلُّ على ذلك أن شباب العالم غير العربي وغير الإسلامي بأجمعه اليوم ينادي بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر ، كل الاستفتاءات العالمية غير المزيفة تقول أن أكبر خطر يهدد السلم العالمي هو هذا الكيان الصهيوني .
أصوات وعويل الطابور الخامس المتصهين وأن بسط لها السجاد الأحمر ونثر فوق روؤسها الورود لن تغير من الحقائق شيئأ ، فالحقوق لن تموت ما دام هناك شرفاء وأحرار وأبطال يغسلون بدمائهم الطاهرة رجس ودنس أمة تخاذلت عن نصرتهم ويسطرون أسمى معاني التضحيات وأنبلها في سبيل تحرير الأرض الطاهرة ، فإسرائيل هذه هي بحقيقتها جيش عصابات ومرتزقة لهم دولة مصطنعة – هذه العصابات هُزمت عسكريا وأخلاقيا وهي إلى زوال أكيد ومحتّم وما كانت لتصمد طوال السبعة شهور الماضية لولا الدعم والإسناد والتمويل الغربي والعربي المتصهين ، وأن حاميتها وصانعة الحروب ومؤسسة وراعية الإرهاب العالمي الولايات المتحدة الأمريكية في تراجع وانكسار وستتفكك ، فهذا الطابور وإن ما فردنا الخارطة الإعلامية خلال كل العقود الماضية لا نجدهم إلّا في الخندق الصهيو- أمريكي ولن يكون مصيرهم إلّا كمصير من سبقهم من خونة التاريخ .