معتقل سابق بسجون الأسد: عذبوني حتى اعترفت بما لم أقترف

سواليف
شهادة المعتقل المحرر محمد العبدلله :

– خرجنا في مظاهرات العام 2011 للمطالب بالحرية فتعرضنا للقمع

– 3 آلاف من قوات النظام هاجمت مدينتي واقتادوني للسجن

-تعرضت لكافة أنواع التعذيب وبينها تهديدي بقذفي من الطائرة

– اضطررت لتأليف قيامي بمهاجمة حاجز أمني لتخفيف التعذيب

– خرجت أحمل كافة الأمراض الكلى والمثاني والتبول دمًا

ربطوا عضوه الذكري ليوم كامل بباب غرفة التحقيق، ما أدى لتبوله دما، ودخل مرحلة ما فوق الحدود البشرية للتحمّل، فكان أن استسلم لجلاديه، وألّف بنفسه قصة إدانته كما أرادوها وكما لم تحدث أبدا.

شهادة صادمة أخرى يقدمها هذه المرة المعتقل السوري السابق بسجون الأسد، محمد العبدلله، من مدينة مورك بريف حماة (وسط).

العبد الله، الذي كان طالبًا جامعيًا لدى اعتقاله، روى للأناضول قصة معاناته في سجون النظام، وكيف أجبر على تأليف قصة إدانته، بعد ربط عضوه الذكري ليوم كامل بباب غرفة التحقيق، ما أدى لتبوله دما، وهو ما تواصل بعد الإفراج عنه لحين استكمال العلاج.

واستهل الشاب السوري قصته بالقول: “خرجنا في مظاهرات العام 2011 مثل عامة الشعب، للمطالب بالحرية، ولكن تم قمعنا من قبل قوى الأمن والمخابرات التابعة للنظام”.

وأضاف: “طالبنا بإسقاط النظام، لكن الأخير بدأ بعدها بشن حملات عسكرية في كل الأرياف والقرى والبلدات في أرجاء سوريا”.

وتابع، “في 8 يوليو/ تموز 2011 تمت مداهمة مدينة مورك، من قبل 3 آلاف عسكري، من جيش النظام، وعناصر الأمن، وتمت مداهمة بيتنا واقتيادي لعربة مصفحة، وتأكدوا من اسمي عبر مخبرين”.

و”بعدها”، يقول، “أعادوني إلى البيت ثم اعتقلوني ووالديّ، وحرقوا دكاننا، واقتادونا إلى فرع المخابرات الجوية بمطار حماة العسكري”.

هناك، “بدأ التحقيق والضرب والإهانات.. كنا 80 شخصا من مدينة مورك، أوقوفنا بمعتقلات مزدحمة، وبعد الضرب والشتم والإهانات، بدؤوا التحقيق معنا”.

من أقسى ما يمكن أن يتعرض له الشخص، أن يضرب والداه أمامه، ويهان هو أمامهم، وفق المعتقل المحرر.

واسترسل، مستعرضًا أهوالًا لا يكاد يصدّق أنه عاشها،: “بقيت 8 أيام في المطار العسكري بحماة، وبعدها وضعونا على متن طائرة، وكنت مربوطا بالسلاسل، وعينيي كانتا مغمضتان”.

“لا أعرف تفاصيل المكان أيضا”، يضيف، و”على متن الطائرة، كان الحديث يدور بطريقة مشفرة غير مفهومة، وخلال الرحلة، كانوا دائما يهددونني بإلقائي من الطائرة، بل يقومون بدفعي”.

وأردف: “حين هبطت، سمعت أصوات تقول لي: ‘مرحبا بكم في طهران’، فانتابني الشعور بالقلق، وتساءلت: كنت بسوريا فما الذي جاء بي إلى طهران؟ طبعا يحدث كل ذلك والضرب مستمر”.

“بعد ذلك نقلوني إلى زنزانة منفردة أبعادها لا تتجاوز متر بمتر، ولا توجد بها دورة مياه أو أي مرفق، وبقيت هناك 50 يوما لا أسمع أي صوت، ولا أحد يسأل عني، فقط يقدمون لي الخبز والماء من فتحة بالباب، وأحيانا حبات زيتون، أو خبز”.

“كانوا يرشون عليّ الماء، وكان علي التقافه بفمي وإلا فإنه سيضيع على الأرض، كما كنت أقضي حاجتي في الزنزانة حيث كنت أنام، لأنه لم يكن هناك مرحاض”.

و”بعد 20 يوما”، بدأت اشعر بالجوع الشديد، وآكل كل شيء حتى لو وقعت حبة الزيتون على الأرض واتسخت، وكنت أنتظر الماء، وأصرخ لكن لا أحد يرد.. كنت أريد التحدّث مع أي شخص”.

بعدها “نقلوني إلى عنبر جماعي، وكنت أظن عائلتي لازالت هناك، ثم نقلوني لفرع التحقيق القديم بمطار المزة، فأدركت مكان وجودي لأن المكان هو فرع المخابرات الجوية”.

العبدلله تحدث أيضا عن مرحلة التحقيق قائلا: “كنت بزنزانة رقم 11 وبدأ التحقيق، كنا نسمع صوت التعذيب والضرب.. أنا لم أستخدم أي سلاح، فقط خرجت بمظاهرات، وطالبنا بإسقاط النظام”.

و”في جلسات التحقيق التي استمرت 68 يوما، تعبت مرة لدرجة كبيرة ووصلت مرحلة اليأس، وشعرت أني سأموت كما غيري، وتعرضت للإهانة، عندها شتمت المحقق، فما كان منه إلا أن أخرج مسدسه وأطلق النار على رجلي”.

“بقيت 3 أيام أنزف دون رعاية، ولم يعيدوني للزنزانة.. لم أعترف بأني قاتل وإرهابي، لكن في اليوم 68، تعكر وضع رجلي المصابة، وعند الصباح ناداني السجان وخرجت بدون أن يغمضوا عيناي كالعادة”.

لكن، “فجأة طلب مني خلع كل ملابسي، وأحضر خيطا وتريا، وربط العضو الذكري وعلقه في باب المكتب، وبعدها أغمضوا عيناي وتركوني عار تمام، وكلما دلف أو خرج أحدهم، كانت قوة الدفع ترميني إما إلى الأمام أو الوراء”.

وتابع قوله “بعدها انحصرت للتبول ولم أستطع، فقلت له ماذا تريد أن أقول، قال ستعترف على السلاح، فقلت له كيف سأعترف بشيء لم أقم به، كان يريد الاعتراف لملء الضبط، وبعد فكي تبولت دما، وهجم علي 3 أشخاص ضربوني، وطلب مني تأليف قصة أعترف بها”.

وقال أيضا “بالفعل ألفت قصة بأني هجمت على حاجز عسكري بالقوة، ما خفف عني التعذيب، وعدت للزنزانة، وبعد 3 أيام حولت للإيداع، في صالة كبيرة حلقوا شعري والقاعة مليئة جدا، والكل عراة وعدد كبير الكل واقف على رجليه”.

الأمور لم تقف مع العبدلله هنا، بل تعرض المعتقل المحرر لمواقف كثيرة لكن أكثر ما أثر فيه، حسب قوله، مجموعة 60 طفلًا أعمارهم أقل من 12 وإخوة صغار كانوا مهووسين من فكرة تعرضهم للتعذيب مثلنا، وكان يتم اغتصابهم من السجانين.

وتابع: “وفي موقف لا أنساه، دخلت فرقة مكافحة الإرهاب وكانوا مقنعين ومعهم هراوات وعصي كهرباء، وبدؤوا بضربنا ما أدى لوفاة 22 شخصًا بسبب الاختناق بغرض الترهبيب فقط، كما بقيت سنة وشهر على نفس وضعية الجلوس”.

وأكمل الشاب قصته قائلا: “يناير 2013، حولت للشرطة العسكرية بالقابون، وهناك وجدت مشهدا لا يتخيله عقل، أكداس من البشر، يتم تقسيم البلاطات على الأرض، ينام معتقل ساعتين، ليأتي دور الآخر واقفًا، أي ساعتين نوم، و4 ساعات وقوف، ويمكن أن تقضي سنوات طويلة هناك بهذا الشكل”.

وأضاف: “بعدها نقلت إلى سجن صيدنايا، السجن الأحمر، وبقيت فيه 6 أشهر و22 يوما، قبل نقلي إلى سجن عدرا المدني، وحين مثلت أمام القضاء، قلت للقاضي إني تعرضت للتعذيب لمدة عام و7 أشهر، وآثار التعذيب واضحة، وأقوالي جرت تحت التعذيب”.

وعن الإفراج عنه، قال: “بقيت في هذا الفرع 3 أشهر وخروجي من السجن كان بسبب ضغوطات، وخرجت بمبادلة (صفقة تبادل)، وكانت فرحة كبيرة”.

ويضيف: “علمت أن أمي وأبي بقيا 15 يوما بالسجن ومرضا بعدها قبل أن يخرجا، خرجت ووزني 52 كغ، كنت أصارع الموت كل لحظة، لم يكن لي أمل بالخروج لما وجدته من إجرام، ولكن صارعته بكل لحظة”.

وأردف: “خرجت مصابا بكافة الأمراض، الكلى والمثاني، وبعد خروجي لمدة عام تبولت الدم وتلقيت العلاج بتركيا، ونحن حاليا في سوريا مستمرون بقضيتنا وثورتنا”.

وختم قائلا “الحالة النفسية بعد خروجي من السجن كانت صعبة، خضعت للعلاج النفسي، وبقيت عاما لا أستطيع النوم عندما يغلق الباب، أو النوم بغرفة عادية، أريد غرفة فارغة، وبعد الزواج عانيت من عدم قدرتي على النوم بجانب زوجتي وأبنائي”.
الاناضول

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى