“معاليه “

#معاليه

الأستاذ الدكتور #أنيس_الخصاونة

أدرك تماما من خلال دراستي وأبحاثي مدى تجذر #القيمة_الاجتماعية_للمناصب (ٍSocial Status) والمواقع الإدارية التي يشغلها الفرد في #الثقافة_الأردنية والعربية بشكل عام حيث يجني صاحب الموقع الاداري #مكاسب و #امتيازات ليس لكفاءته ولكن لمجرد إشغاله لموقع معين وخصوصا في مجال السياسة والإدارة العامة.

بالإضافة للمكاسب المادية والسلطوية والسفر والنفوذ ،فإن #الألقاب والمسميات الإجتماعية مثل دولة ،معالي ،سعادة ،عطوفة،باشا،بيك، التي يطلقها الناس على شاغل وظيفة عليا او وزارة او نيابة أصبحت لها سحرها حيث تضع الشخص المتمتع بها في مصاف أعلى من الناحية الاجتماعية من غيره الذين لم يتقلدوا هذا الموقع الرسمي ناهيك عن التسهيلات التي يمنحه اياها عند مراجعته للدوائر الرسمية. بحثت في سلسلة الوثائق الاردنية وفي القوانين والتشريعات الرسمية فلم أجد ما يؤشر على وجود أصل قانوني لهذه الألقاب والتسميات وتيقنت أن أصل هذه المسميات والألقاب تعود جذورها إلى ايام الحكم العثماني حيث كانت تصرف هذه الالقاب بقرارات ومراسيم رسمية .
جمعتني إحدى الجلسات بوزير أسبق كان يتحدث بلهجة ولغة ونبرة توحي بأنه ما زال وزيرا عاملا وأنه ما زال يعيش في أوضاع الأحكام العرفية وغياب الديمقراطية وغياب الاحزاب والحريات العامة .الوزير كان ملكيا أكثر من الملك وكان يتحدث عن المعارضة والحراك السياسي الأردني وكأنهم يهود يريدون احتلال الدولة الأردنية متناسيا أنهم اتفق معهم أم لم يتفق هم أردنيون يدفعون الضرائب ويقومون بواجباتهم ويمارسون حقهم الذي منحهم إياه الدستور.
ما أثار اهتمامي الأكبر في تلك الجلسة مع “معاليه” هو تنافس الحاضرين لدعوته والقيام بواجبه ومعاليه يتدلل “ورامي رأسه” وقد لحظت بساطة اهلنا إذ ما زالوا يعتقدون أن هذا الوزير المتقاعد هو آت من جرم فضائي آخر يمكن أن ينفعهم بشيء علما بانه لم يقم بعمل استثنائي في خدمة البلاد والعباد أثناء عمله في وزارته العتيدة.
لا أعلم أسباب هذا التزلف من بعض الناس الذين يعتقدون أنهم نخب وأنهم “المتنورين والي بيفهموا” يتزلفون للوزير ويطلقون عبارات مثل “ما تفضل معاليه” “وأشار معاليه” وهو لا يتفضل بشيء إلا بالتسحيج للمسؤولين وأولي الأمر الذين وزروه وصنعوه علما بأن هذا الوزير الأشم كان في يوم من الأيام مناضلا وقائد معارضا وبعثيا صلفا.
بعض الأردنيين على ما يبدوا لم يشاهدوا رؤساء دول أطاحت بهم جحافل الجماهير وظهروا خلف القضبان وآخرون ينتظرون دورهم إما في الهروب أو المحاكمة على تغطرسهم وتجبرهم بشعوبهم المظلومة وعند ذلك لن ينفع هؤلاء القادة دعم أصحاب الدولة أو المعالي لأنهم سيكونون قد سبقوهم في الهرب من سخط الشعب.
إن استمرار الحرس القديم في التشكيك بمقاصد المعارضة وعدم تجاوبها مع المطالب الإصلاحية للشعب سيؤدي الى مزيد من مظاهر السخط والإحتقان الشعبي الذي يمكن أن يشكل مقدمات لظواهر عنفية تهدد أمن الوطن لا سمح الله .
يا أهلنا في الأردن كفا نفاقا للمسؤولين الحاليين والسابقين فهم يقاومون الاصلاح لأنهم مستفيدون من الوضع الحالي وعيونهم على مناصب ومكاسب تغدقها الدولة العميقة عليهم مقابل دفاعهم عن الظلم والجبروت.قاتل الله معاليه ومن ينافق له ومن يتزلف إليه ويشجعه على هذا السلوك المتعجرف والمنحرف.

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى