مطر ..ما اروعكم / فراس عوض

 

ان الانسان وان كان كفيفا لا تهوله العتمات، لطالما ملأ قلبه بالنور، وكانت البصيرة مرشده الدائم، ومصباحه الذي لا ينطفأ. كيف لا وذلك النور يخرج من قلوب كوكبة من شاباتنا وشباننا الواعد ، بعد ان اناروا الطريق امام المكفوفين، من خلال تأسيسهم لمشروع انساني ضخم اطلقوا عليه اسم ” مشروع مطر” في عام 2013، مطر الخير والحياة، لينبتوا في قلب المكفوفين املا جديدا في الحياة وحب الحياة والطموح، من اجل تمكينهم وازالة العقبات التي تعترضهم اثناء دراستهم، شباب مثابر انكر ذاته، يصل الليل بالنهار يعمل بصمت، في الخفاء دون مقابل من اجل تحقيق حياة كريمة للمكفوفين تمكنهم من استكمال تعليمهم في مختلف الدرجات العلمية وفي مختلف الجامعات لإعطائهم الفرص التعليمية والثقافية المتكافئة، من خلال توفير مرافقين لهم داخل الجامعات يساعدوهم باستخدام مرافق الجامعة كالمكتبة ومختبرات الحاسوب والجلوس معهم والقراءة لهم لاعتماد المكفوف على حاسة السمع بطبيعة الحال، وتوفير مرافقين في الامتحانات، والاجمل من ذلك، توفير مواد دراسية واكاديمية صوتية من مرحلة التوجيهي حتى الجامعة بمراحلها المختلفة، يقومون بتسجيلها من خلال عمل فريق منظم مرتب بشكل احترافي من المتطوعين الذين يبلغ عددهم بالالاف في مختلف الجامعات ، كي يتمكن المكفوف من سماعها مرات عديدة وحفظها كأنما يستمع لأغنية عذبة، انها اغنية المطر، مطر مطر مطر، ليس كمطر السياب، وإنما مطر الغيث والنور والقبس المضيء، ليس ذلك فحسب، بل يعمل القائمون على المشروع على توفير روايات وكتب فكرية وثقافية ايضا كي يمارس المكفوفين هواياتهم بالقراءة ، عشرات الكتب تم تسجيلها ومنتجتها وتسليمها للمكفوفين، اضافة الى مساعدتهم في اجراء بحوثهم وتوفير الكتب اللازمة للبحث وطباعته ،وتحويل مواد دراسية من كتب الى وورد والى لغة”بريل” كي تتمكن قوارئ الشاشة من قرائتها للمكفوف، او قرائتها بتلك اللغة الخاصة بالمكفوف، كم يستحق هذا العمل الاحترام و التقدير و رفع القبعات اجلالا لهذا الشباب الرائع الصادق الذي لا يبتغي في عمله سوى رفعة وطنه والنهوض بكافة مكوناته،ومشروعهم الكبير الذي اغلق ثغرات لم تغلقها حكومات،أضاء شموعا في دروب المكفوفين وحول العتمة امام عيونهم لضوء ساطع كضوء الشمس تخترقه حبات “مطر” فيظهر قوسا يلون سماء المكفوفين، يملأهم بالحب والسعادة والأمل. مطلوب من الحكومة و مؤسسات المجتمع المحلي والمنظمات المعنية دعم هذا المشروع الوطني وتقديم اللازم لتلك الكوكبة لتطوير مشروعهم لافضل ما يكون و ازالة العقبات من طريقهم كنقص المتطوعين والتسويق للمشروع ، ان هؤلاء الشباب هم الورود والازهار التي تزين الوطن وتجعله باجمل حلة، انهم المواطنون الفاعلون الذين يجسدون معنى المواطنة الحقيقي الواضح بأجمل صوره، بعيدا عن عدسات الكاميرات التي يروها كفوهة البندقية، سرعان ما يهربون منها للعمل الدؤوب. طبتم وطاب ممشاكم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى