مصر ٢٠٢٤ “حاجة ثانية”

#مصر ٢٠٢٤ “حاجة ثانية”

د. #عبدالفتاح_طوقان.

أتت زياراتي الي القاهرة في الأسبوع الثاني من شهر مارس ٢٠٢٤ ، ومن لحظة وصولي مطار القاهرة الجديد بلونه الأحمر (مستمد من اللون الاحمر الأرجواني الغامق في الحضارة الفرعونيّة القديمة والذي يرمز الي القوة و الغضب ) ، وبعد ثلاث أسابيع من زيارتي إلي الأقصر وأسوان في نهاية فبراير ٢٠٢٤ من نفس العام و اقامتي في فندق كتاركت أسوان ثم اقامتي في فندق عمر الخيام ماريوت بالزمالك ( اطلق عليه اسم الشاعر والفيلسوف عمر الخيام الذي هو جزء مهم من مسلسل الحشاشين والذي يعرض الان في رمضان ) لتؤكد دون أي مجال للشك عظمة مصرليست التاريخية والفنية والثقافية فقط وانما الإدارية والتخطيطية والهندسية وإدارة المشروعات ، والجهد غير الطبيعي الذي بذل ولا يزال مستمر خلال فترة عشرسنوات مضت ، ومجالس الوزارات المتعاقبة التي أتت مكملة لمن سبقتهم من حكومات وأفكار لمدن و مجتمعات عمرانية في الثمانيات والتي تمثلت حينها في مدن استحدثت و منها مدينة السادات و ٦ أكتوبر والعاشر من رمضان.

ان ما حدث في التخطيط والإنشاءات والهندسة خلال فترة تلك السنوات الأخيرة وما زال يحدث في مصر هو كتابًا أساسيًا ورائدًا للمهتمين بدراسة الفكر الحكومي والإنتاج التشاركي والتقدم العمراني والتخطيط الحضري بمشاركة من القطاعين العام والخاص للبناء، والمقاولين والمقاولين من الباطن، والمصممين المعماريين والانشائيين، ومديري المشاريع، والمحامين و الاف الفرص للعمل مهما كانت الظروف والأوضاع السياسة في تلك المشاريع الذي هو نهضة حقيقية في مصر.

وإن ما انجز علي ارض الواقع وما هو قيد التنفيذ حاليا من تجمعات ومشاريع سكنية (الاف من الشقق والعمارات الحديثة) ، و افتتاح لطرق و محاور طولا و عرضا في القاهرة و ضواحيها، وإعادة ترتيب المناطق الأثرية وبمشاركة من القطاع الخاص ( منطقة مشروع الاهرامات مثلا بمشاركة رجل الاعمال نجيب ساويرس) و اجراء توسعات حولها و إظهارها وأنارتها و إقامة اسوار مثل منطقة القلعة ، لهو إضافة كبيرة و ذات قيمة مكتسبة عالية لمصر والمصريون حتى وان كانت علي حساب قروض ومديونية لأن العائد القادم خلال سنوات سيآتي بأضعاف ما تم صرفه.

و اقصد وقد حللت القيمة الهندسية لبعض المشاريع المقدرة بثلاثين مليار دولار مقارنة مع ما قدم من أوراق الاقتصاديين وخبراء المجدولين للديون وتحدثت الي الأكاديميين لنجد ان مصر لم تعد مصر التي عرفنها في الستينات و السبعينات و الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي بل هي مصر الحديثة و مصر المستقبل والتي هي نموذج لكل مهتم بتحسين الأداء والإنتاجية في مشاريع البناء والتخطيط للمستقبل وحل مشاكل متشابكة ومعقده في المواصلات والطرق والكباري ومجتمعات عمرانية جديدة، وفرت ملايين من الساعات الضائعة والمهدرة شهريا في الازدحامات و التي كان يضيع علي الطرقات وقت المواطن، بإنشاء طرق محوريه بها حارات اربع وخمس في كل اتجاه، و يافطات كبيره مقرؤه عن بعد لتحدد المناطق والاتجاه بإتقان وباللغتين العربية والإنجليزية، وجسور معلقة وانفاق ومترو معلق، وتحويل مساحات شاسعة من صحاري ورمال الي مدن وتجمعات عمرانية ضخمة بمساحات خضراء و حدائق لا مثيل لها ، سواء كانت منطقة التجمع من الرابع الي التجمع العاشر اومحور جيهان السادات أومحور شريف إسماعيل ( رئيس حكومه سابق و مهندس) و محور المشير الطنطاوي ( قائد جيش سابق) و غيرها من المحاور التي ربطت المدن الجديدة وخففت من ازدحامات مرهقة للمواطن ولخزينة الدولة.

واهتمت الحكومة بتاريخها فأطلقت أسماء أبنائها علي طرق حديثه تحمل أسماء ساسه و أدباء و مفكرين وقاده عسكريين من قبل وبعد الثورة المجيدة يوليو ١٩٥٢ .

اما المدن الجديدة مثل مدينه الشيخ زايد وأسواقها ومولات التسوق المغلقة (سيتي ستار، كايرو فيستفال ، اركان، أركاديا و غيرهم ) والتي بعض منها اكبر من مول الإمارات و من مول ميسي في نيويورك ومول فانكوفر ومول جاكرتا وغيرهم من المولات في العالم التي ارتدتها و علي دراية بطرق تصميمها ومساحاتها، وأيضا المولات المفتوحة مثل مول اركان في مدينة الشيخ زايد ومجموعات من مئات الفلل التي هي تضاهي و تتميز وتتفوق علي مشاريع فلل أقيمت في دبي وفي كان وفي صقلية ، شيء من الخيال علي ارض الواقع.

يستحق ان نقول للمطورين “برافو” و للحكومة المصرية نرفع القبعات فقد احسنوا التخطيط بلا ادني شك.

والأهم هو مشروع مترو يربط القاهرة بالمدن الجديدة ناهيك عن مترو العاصمة الإدارية وأبراجها الشاهقة تحت التنفيذ ، كما هو مشروع تطوير المنطقة علي النيل بجانب مبنى ماسبيرو الشهير للاذاعه والتلفزيون حيث تم الانتهاء من بعض مشاريع الأبراج و تطوير المنطقه و تحسينها.

وكل ذلك تم بتميز وإتقان تحت إشراف إدارة المشروعات العسكرية التي ترفع لها القبعة ، فهو جهد جدير بالإشادة . خلية نحل تعمل دون انقطاع وضمن ميزانية ووقت محدد يسابق الزمن . وهو فكر استراتيجي مستقبلي فرض تغييرات علي ارض الواقع وانتصرت فيها الممارسة المصرية العملية علي التنظير لدي عديد من بعض الدول العربية والأفريقية فاستحقت مصر الجدارة .

أن تحليلات القيمة المكتسبة الجديدة للبناء، و طرق المواصلات والمتكاملة مع جداول التكلفة المحملة بالموارد تعتبر تغييرًا نموذجيًا ايجابيًا لمستقبل مصر، فقد حددت عتبات الأداء الموثوقة للتقدم والإنتاجية وهذا فهما واضحا للترابط بين الإنتاجية والتقدم وأنماط الأداء الذي سينعكس مع مرور الوقت علي برنامج مصر عام ٢٠٦٠ و الذي تحدث عنه رئيس مصر و طلب تخصيص صندوق له ، والذي يراعي الجدول الزمني الاحتمالي والزيادات السكانية المتوقعه و المطالبات المالية و المترتبة ومشكلة التطبيق العملي الحالي آخذا في الاعتبار الإنتاجية و تحسين أنماط الأداء والمرافق للمستقبل.

اجد نفسي متحيزا -عذرا واحتراما لكل التخصصات – لاختيار رؤساء مجلس الوزراء ذو خلفية هندسية من خارج التركيبة الحكومية المتدرجة، وهم لديهم خبرات كبيرة في مشاريع هندسية داخل وخارج مصر انعكست علي الأداء و التطور ، واقصد دون تخصيص بعض منهم عرفتهم أمثال كل من المهندس المدني إبراهيم محلب والمهندس المعماري الدكتور مصطفى مدبولي ( المختص في التخطيط والتنمية الحضرية ) و المهندس شريف إسماعيل رحمه الله عليه، وخصوصا فيما يتعلق بشبكات الطرق والمواصلات فهو جهدا و فكرا لا غبار عليه و يستحق الإشادة.

مصر ٢٠٢٤ “حاجة ثانية” بمستوي “درجة أولى”.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى