لبنان يعلن حالة “التعبئة” لمواجهة كورونا (فيديو)

سواليف _ قبل أن يعلن المجلس الأعلى للدفاع قرار التعبئة العامة وحالة التأهّب ويرفع القرار إلى مجلس الوزراء للتصديق عليه، دخلت مناطق لبنانية عديدة في حالة طوارئ عملية قبل صدور أي قرار رسمي، حيث خلت شوارع في مدن وبلدات كثيرة وأغلقت مجمعات تجارية ومطاعم وبقي مؤمنون في منازلهم ولم يتوجّهوا إلى المساجد والحسينيات والكنائس، في وقت عدّلت شركة طيران الشرق الأوسط برنامج رحلاتها.

غير أن خروقات سجّلها موضوع الحجر المنزلي التلقائي تمثّل بتنزّه مواطنين على كورنيش المنارة الروشة وعلى كورنيش ضبيه، ما أثار استهجان العديد من الناشطين على مواقع التواصل، وتدخّلت في وقت لاحق مخابرات الجيش وطلبت من المتنزّهين المغادرة وملازمة منازلهم.

وفي إطار المواجهة الرسمية لفيروس كورونا، ترأس رئيس الجمهورية ميشال عون الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للدفاع بحضور رئيس الحكومة حسان دياب ووزراء المالية، والدفاع الوطني، والخارجية والمغتربين، والداخلية والبلديات، والاقتصاد والتجارة، والعدل والإعلام والأشغال العامة والنقل والصحة العامة.

كما حضر الاجتماع كل من: قائد الجيش، مدير عام رئاسة الجمهورية، مدير عام الأمن العام، مدير عام قوى الأمن الداخلي، مدير عام أمن الدولة، أمين عام المجلس الأعلى للدفاع، المستشار الأمني والعسكري لفخامة الرئيس، مدير المخابرات في الجيش، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، مساعد مدير عام أمن الدولة، والوزير السابق مستشار وزارة الدفاع المحامي ناجي البستاني، وممثلة رئيس الحكومة للشؤون الصحية في اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس “كورونا” الدكتورة بترا خوري.

واستهل عون الاجتماع بعرض سريع للإجراءات والتدابير الواجب أخذها بعين الاعتبار في إطار الوقاية من فيروس “كورونا”، بحيث اعتبر أن الحالة أصبحت تؤلف حالة طوارئ صحية تستدعي اتخاذ الإجراءات التي تنص عليها المادة 2 من المرسوم الاشتراعي رقم 102/1983 (الدفاع الوطني) المعمول به والمتمثلة بالتعبئة العامة.

ثم عرض رئيس مجلس الوزراء الإجراءات التي يجب اتخاذها وتنفيذها، وشدّد على أن الوضع القائم أصبح يستدعي خطوات أكثر شمولية. كما عرض وزير الصحة العامة الوضع من الناحية الاستشفائية والصحية، وطرح أهمية وضرورة متابعة الموضوع من جوانبه كافة. ثم عرض رؤساء الأجهزة العسكرية والأمنية المعطيات المتوفرة لديهم حول هذا الوباء وسبل التعاطي معها.

وبعد المداولة في الخطر الداهم المتمثل بوباء “كورونا” الذي أضحى هاجساً حياتياً في جميع أقطار العالم، والاستماع إلى ما عرضه الوزراء المتخصصون بشأن المرحلة التي وصل إليها هذا الوباء في لبنان، قرّر المجلس الأعلى للدفاع رفع إنهاء إلى مقام مجلس الوزراء لمواجهة هذا الخطر بالتعبئة العامة التي تنص عليها المادة 2 من المرسوم الاشتراعي رقم 102/1983 (الدفاع الوطني) مع ما تستلزمه من خطط وأيضاً من أحكام خاصة تناولتها هذه المادة بالإضافة إلى التدابير والإجراءات التي سبق واتخذها مجلس الوزراء في اجتماعاته السابقة. وتنصّ هذه المادة على ما يلي:

1 – إذا تعرّض الوطن أو جزء من أراضيه أو قطاع من قطاعاته العامة أو مجموعة من السكان للخطر يمكن إعلان:

أ – حالة التأهب الكلي أو الجزئي للحدّ من تعرض السكان والمنشآت الحيوية للخطر، ولتأمين عمليات التعبئة واستخدام القوى المسلحة.

ب – حالة التعبئة العامة أو الجزئية لتنفيذ جميع أو بعض الخطط المقررة.

2 – تعلن التدابير المذكورة بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على إنهاء المجلس الأعلى للدفاع.

3 – يمكن أن تتضمن هذه المراسيم أحكاما خاصة تهدف إلى:

أ – فرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها.

ب – فرض الرقابة على المواد الأولية والإنتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم استيرادها وخزنها وتصديرها وتوزيعها.

ج – تنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات.

د – مصادرة الأشخاص والأموال وفرض الخدمات على الأشخاص المعنويين والحقيقيين وفي هذه الحالة تراعى الأحكام الدستورية والقانونية المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ.

بعد ذلك، انعقد مجلس الوزراء برئاسة الرئيس عون الذي ألقى كلمة مباشرة موجّهة إلى اللبنانيين جاء فيها: “إنها المرة الأولى منذ قرابة القرن ونيف، التي يواجه فيها لبنان وباء يعمّ العالم. إنه وباء الكورونا، الذي صنّفته منظمّة الصحة العالمية منذ بضعة أيام وباءً عالميًا. وهو ينتقل بطرق شتّى وقد يهدّد الحياة، عابرّا حدود الأنظمة والدول، ولم يتمكّن العلم حتى الآن من إيجاد الوقاية أو العلاج الناجع له. لهذا فإنّه يتطلّب اتخاذ أقصى درجات الوقاية والحماية للحدّ من سرعة انتشاره”.

وقال: “لأسابيع مضت، لم نتخلّف مطلقاً عن المواجهة، بتصميم، وإرادة ووعي، بشكل آني واستباقي. وقد تجنّدت مختلف القطاعات الصحيّة في لبنان، بمتابعة مباشرة من دولة رئيس مجلس الوزراء واللجنة الوزارية للوقاية من فيروس الكورونا، وتمّ اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة وبسرعة نموذجية من أجل مواجهة مخاطر هذا الوباء، والحد من انتشاره في وطننا وبين مواطنينا. وقد كانت التدابير المتخذة وسرعة إنجازها على المستويّين العام والخاص، وسط ظروف اقتصادية ومالية هي في غاية التعقيد، محطّ تقدير من قبل مرجعيات دولية، لا سيما وأنّ لبنان كان سبّاقاً في اتخاذها بالمقارنة مع دول شقيقة وصديقة، عدد سكانها أكبر كما نسبة الإصابات فيها”.

وأضاف: “اليوم، وأمام سرعة انتشار هذا الوباء، وعدم القدرة العالميّة والمحليّة على احتوائه حتى الآن، وارتفاع عدد المصابين به، يجتمع مجلس الوزراء، بجلسته الاستثنائية هذه، لإقرار سلسلة من التدابير الاستثنائية والمؤقتة، التي سيتم الإعلان عنها في نهاية الجلسة، لا سيما وأن الحالة الراهنة تؤلف حالة طوارئ صحية تستدعي إعلان حالة تعبئة عامة في جميع المناطق اللبنانية.

إنها ساعة الحقيقة بالنسبة إلينا جميعًا، وهي الأولى في تاريخنا المعاصر. فأمام صحة كل مواطن تسقط الاعتبارات السياسية الضيقة كافة. ليس الوقت مطلقًا لتسجيل نقاط وتبادل الاتهامات، كما أنّه ليس الأوان للاستثمار السياسي أيّاً كان. فهذا الوباء لا يميّز بين موالٍ أو معارض، بين مطالب بحق أو لا مبالٍ.

إنها ساعة التضامن الوطني بالنسبة إلينا جميعًا. وتضامننا هذا يجب أن نترجمه معًا، ببعديه: الإنساني والمجتمعي، وبطرق مبتكرة وجديدة. فجميعنا واحد أمام أي خطر يهدّد سلامة حياة أيّ من اللبنانيين، وفي أي منطقة لبنانية. من جهتي، لن أتهاون مطلقًا في سبيل تأمين الحماية اللازمة لأيّ مواطن ومقيم من هذا الوباء، والعلاج اللازم لأي مصاب به. وإني واثق أنّ مجلس الوزراء هو قلب واحد ويد واحدة إلى جانب السلطات المعنية من أجل تحقيق هذه الغاية. وهذا الأمر من صلب مسؤولياتنا الوطنية التي نتحملّها”.

وختم رئيس الجمهورية: “إنّي أشاطر قلق كلٍّ منكم على نفسه وأهله وأحبائه. لكن الخوف لم يكن يومًا طريقنا كلبنانيين لمواجهة الأخطار. إنّ كلّاً منّا مدعو، من موقعه، إلى الالتزام بالوعي والتوجيهات الطبيّة المطلوبة أولا، التي تتوّلى مختلف الجهات الرسميّة والطبيّة والإعلاميّة نشرها وتعميم كيفية التقيّد بها. كما أنّنا مدعوون إلى أنبل وأرقى مظاهر الالتزام الإنساني ببعضنا البعض، مع التقيّد بالمطلوب منّا لتأمين أقوى درجات الحماية، فنبتعد عن الاختلاط، ونلتزم منازلنا. ليست هذه الأيام الصعبة التي نجتازها، مهما طالت، سجناً ولا هي عقاباً، كما أنّها ليست في الوقت عينه فرصة للتوقّف عن دورة الحياة والاستسلام للفراغ. فكلّ منّا مدعو أن يواصل عمله، من منزله، بالطريقة التي يراها مناسبة، فتستمر عجلة التحصيل للطالب، والعمل للعامل، وتبقى المؤسسات حيّة وفاعلة قدر المستطاع. فلنغتنم هذه الأيام، مهما طالت، لنؤكد أننّا شعب واحد جدير بالحياة، وقادر على التغلّب على صعابها.

أيّها اللبنانيات واللبنانيون، إنّ لكم أخوة وأشقاء وأمهات وآباء تطوّعوا للمساندة في عمليات المواجهة الطبية في مستشفياتنا. باسمكم جميعاً أتوجه بتحيّة إكبار إلى كلّ منهم، فهم القدوة في التفاني لسلامة الإنسان اللبناني وحياته.

وللجسم الطبي والتمريضي في مستشفياتنا الحكومية والخاصة، الذي هو الآن في الصفوف الأمامية من المواجهة، ومن أفراده من أصيب بهذا الوباء، تحية..”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى