مروّج مخدرات .. يبيع السم ولا يتعاطاه

سواليف
كانت عقارب الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بقليل، حين رن الهاتف النقال لمعد التقرير. جاءه الصوت بعبارة “بعد نصف ساعة عليك التواجد في (الموقع) لإجراء المقابلة، شرط أن تحضر وحدك”.

المتصل حدد مكانا في موقع على أطراف عمان. ومع قليل من الحذر سارع معد التقرير يسابق الزمن للوصول في الموعد المضروب؛ كيف لا؟ وهو الذي انتظر ثلاثة أسابيع حتى أتاه الاتصال المرتقب أخيرا.
الاتصال كان من “مروج مخدرات” يتعامل مع مادة “الشبوة” المعروفة كذلك باسم “الكريستال”، سعت “الغد” لإقناعه بإجراء المقابلة للتعرف عن قرب أكثر على العالم الخفي لـ”مروجي المخدرات”.
هذا المروج وافق على إجراء المقابلة، لأنه كما يقول يعلم ما تسببه المادة المخدرة (الكريستال) التي يتعامل معها من أذى لمتعاطيها، ولأنه أيضا يريد أن يوضح دوافعه لـ”ترويج المخدرات”. ويقول إنه لجأ لهذه الطريق لأنه لا يجد عملا يقيه وأسرته حاجة السؤال.

وبعد الوصول إلى الموقع المحدد، انتقل معد التقرير بصحبة “المروج” إلى مكان آخر (منزل). جلس معد التقرير في إحدى غرفه. الإنارة كانت خافتة و”قصارة الجدران” متهالكة. وبعد برهة دخل “المروج” وكان ملثما لا يظهر منه سوى بعض من عينيه ويلبس سترة بطاقية على رأسه. تعمد الجلوس بصورة مواربة بحيث لا يواجه الكاميرا ليظهر جنبه الأيمن في كادر التصوير فقط.

في هذه الأجواء أجريت المقابلة، وتم تسجيلها بـ”كاميرا” هاتف نقال بطلب “المروج” نفسه. وفيها كشف “المروج” الكثير عن عمله، وقال إنه يبيع “الشبوة” ولكنه لا يتعاطاها، كما أنه لا يبيعها لأي من أصدقائه. هو لا يريد ان يؤذيهم.. حرام.

وينصح الجميع بالابتعاد عن المخدرات، بل ويقول إنه وافق على إجراء المقابلة، من أجل هذه النصيحة فقط.

وبعد أن يكشف عن سعر بيع الغرام الواحد من “الشبوة”، وكم يجني من أرباح، يوضح “المروج” أنه انتقل لبيع “الشبوة” بعد أن “انضرب سوق الجوكر”، بحيث أصبح مخدر “الجوكر” يحضر محليا بطرق بسيطة.

ويعرض “المروج” مادة “الشبوة” المخدرة، ويتحدث عن أضرار تعاطيها؛ بل ويقول إنه يتعامل معها فقط سعيا لتأمين حياته وحياة أسرته، موضحا أن ما يفعله “حرام” لكنه مضطر إليه. ويتعهد بترك هذا المجال في حال وجد عملا بدخل يقيه وأسرته الفاقة.

يذكر أن إدارة مكافحة المخدرات نفذت حملة أمنية في قضيتين نوعيتين ألقت القبض فيها على مجموعة من الأشخاص، من بينهم مروجون لمادة الكريستال “الشبوة” المخدرة وضبطت بحوزتهم حوالي 1 كغم من تلك المادة، وذلك بعد يوم من نشر “الغد” لتقريرها الأول.

وتعتبر (الشبو أو الشبوه أو الكريستال ميث) من المواد المخدرة الكيميائية الخطرة والتي يبدأ خطرها مع أول جرعة يتعاطاها الإنسان، فهي مخدر سريع الإدمان وبمجرد البدء بتعاطيه تبدأ “رحلة الموت” بحسب مختصين في إدارة مكافحة المخدرات.
ومخدر الشبو هو مخدر كيميائي من صنع الإنسان وليست له أصول نباتية، ويتم تصنيعه وتصنيفه من مادة “الميثامفيتامين”، وهذه المادة من المواد المنشطة لعمل الجهاز العصبي بشكل غير طبيعي وهي شديدة المفعول وسريعة الإدمان، ويبدأ الإدمان عليها من أول الجرعات وتصيب الإنسان بحالة من الهلوسة الشديدة سواء الهلوسة السمعية أو البصرية أو الحسية.

ووفق إحصائية رسمية من إدارة مكافحة المخدرات فإن عدد الأشخاص المضبوطين والمتعاطين لمادة “الكريستال” أو “الشبوة” خلال العام 2019، لتبلغ 84 شخصاً، في حين بلغ العدد الكلي للأشخاص المضبوطين والمتعاطين لكافة المواد المخدرة لنفس الفترة 18778 شخصا، مقارنة مع 33 شخصا تعاطوا “الشبوة” خلال العام 2018، في حين بلغ العدد الكلي للأشخاص المضبوطين والمتعاطين لكافة المواد المخدرة لنفس الفترة 15342 شخصا.

المصدر
الغد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى