
في أروقة #المستشفيات_المدمرة، وبين صفوف #المرضى المنهكين، تتصاعد #صرخات صامتة لمرضى #الفشل_الكلوي في قطاع #غزة، الذين حُكم عليهم بالموت البطيء، لا لذنب اقترفوه، بل لأن دواءهم بات ممنوعًا من الدخول، وكأن الحياة لم تعد لهم حقًا مشروعًا.
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 8 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فرض #الاحتلال حصارًا مشددًا حال دون إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، وعلى رأسها أدوية غسيل الكلى ومواد التعقيم الحيوية، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في خدمات الرعاية لمرضى الكلى.
جلسات ناقصة وأجساد منهكة
يعاني، معين ورش أغا، من سكان بيت لاهيا شمال القطاع، من فشل كلوي ويحتاج إلى ثلاث جلسات غسيل أسبوعيًا، تستغرق كل منها أربع ساعات. لكن خروج مستشفى الإندونيسي عن الخدمة، والعجز الذي أصاب مجمع الشفاء الطبي، حال دون حصوله على العلاج الكامل.
يقول ورش أغا : “بعد حصار قوات الاحتلال لمستشفى الإندونيسي، اضطررتُ للانتقال إلى مستشفى الشفاء في ظروف بالغة القسوة، معتمدًا على مركبة أحد جيراني”.
ويضيف: “الرعاية الطبية تدهورت بشكل كبير بعد إغلاق المعابر ونفاد المستلزمات، نحن مرضى الغسيل نموت بصمت، بلا دواء، ولا مواصلات، ولا أمان”.
ويتابع: “نقص الجلسات إلى جلستين أسبوعيًا، بعدد ساعات أقل من ثلاث، يضاعف تراكم الأملاح واختلاط السموم بالدم، مما يؤثر على متوسط عمر المريض”.
ويشير إلى أن حالات كثيرة من مرضى الكلى على شفا الموت، خاصة من كانوا بحاجة إلى عمليات نقل عاجلة، ولم يتمكنوا من السفر بسبب استمرار إغلاق المعابر.
قسم الغسيل… اكتظاظ ويأس
من على سرير الغسيل في مجمع الشفاء، يقول طه الكرد: “هنا في قسم غسيل الكلى لا أحد يستمع لآلامنا، نحن نموت بكل لحظة دون مجيب”.
ويضيف: “نقص الدواء وتقليص عدد ساعات وأيام الغسيل أدى إلى خلل عام في أجسام المرضى، وعدم قدرتهم على القيام بأي أعمال مهما كانت بسيطة”.
ويتابع: “يكتظ المكان بالمرضى، منتظرين دورهم على ماكينة لا ترتقي إلى الجيدة في أدائها، لكنها السبيل الوحيد للنجاة من خطر السموم التي تغزو أجسادنا”.
تحذيرات طبية من انهيار شامل
يؤكد الطبيب رامي البنا، من قسم غسيل الكلى في مجمع الشفاء، أن الجلسات تقلّصت من ثلاث إلى جلستين أسبوعيًا، بمدة لا تتجاوز الساعتين والنصف، بسبب انقطاع الكهرباء ونقص المستلزمات، مما يؤدي إلى تراكم السموم وارتفاع معدلات الوفيات.
ويضيف : “المرضى يواجهون صعوبات كبيرة في الوصول إلى المستشفى بسبب النزوح وارتفاع تكاليف المواصلات، فضلًا عن نقص حاد في أدوية فقر الدم مثل إبر الإريثروبويتين، مما يضطر الفرق الطبية إلى اللجوء لنقل الدم المتكرر بدلًا من العلاج الدوائي”.
ويحذر البنا من نفاد مخزون الأدوية والمستلزمات الخاصة بمرضى الكلى، في ظل استمرار إغلاق المعابر، مشيرًا إلى وجود نحو 750 مريض فشل كلوي في غزة، موزعين على 34 جهاز غسيل في مجمع الشفاء، وهو عدد لا يكفي لاستيعابهم جميعًا، خاصة بعد توقف مستشفى الإندونيسي عن العمل.
وتأتي مأساة مرضى الكلى في سياق كارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ أسفرت الحرب الإسرائيلية عن استشهاد وإصابة أكثر من 238 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، ومجاعة أودت بحياة كثيرين، وسط دمار شامل وتجاهل دولي لأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العدوان.
وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق مرحلي بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة “حماس”، إثر مفاوضات غير مباشرة في شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أميركي.
وبموجب الاتفاق، أطلقت “حماس” في 13 تشرين الأول/أكتوبر سراح 20 أسيرًا إسرائيليًا أحياء، فيما تشير تقديرات إسرائيلية إلى وجود جثامين 28 أسيرًا آخرين، تسلّمت منهم أربعة حتى الآن.
وتشمل المرحلة الثانية من الاتفاق، التي لم تستجب لها إسرائيل حتى الآن، تشكيل “لجنة الإسناد المجتمعي” لتسيير شؤون قطاع غزة، ومتابعة تدفّق المساعدات ومشاريع إعادة الإعمار، وسط تحذيرات من أن أي إدارة لا تستند إلى وحدة وطنية وسيادة فلسطينية حقيقية ستبقى عرضة للتفكك والابتزاز السياسي.




