مراقبون أميركيون يستبعدون تدخلا عسكريا لبلادهم في سورية

سواليف – تخيم فوق سورية، اجواء العدوان الأميركي على العراق في سنوات ما قبل احتلاله في العام 2003، على الرغم من استبعاد مراقبين أميركيين تدخل بلادهم في سورية، خصوصا عشية الانتخابات الرئاسية ورفض الرئيس باراك اوباما للزج ببلاده مباشرة في الصراع على سورية.
وبالتزامن تحدثت مصادر في موسكو وبرلين عن خطة لقوات حلف الناتو لضرب الجيش السوري، في عدوان ستجري فصوله خلال الأيام القليلة القادمة.
والخطة “المفترضة” للعدوان الأميركي التي تم تسريبها من مركز “فيريل للدراسات” ومقره برلين، يعني تدمير سورية بقوة تضم 800 طائرة مقاتلة ستقوم بضرب مواقع وقواعد الجيش السوري في طول البلاد وعرضها، لافتا الى ان الأسباب المستعجلة للعدوان تتعلق بانتصارات الجيش السوري ميدانيا وبسط سيطرته على كامل الأراضي السورية وإفشال خطة التقسيم الغربية. واعتبر تقرير المركز الألماني، أن المخطط الغربي في سورية يستهدف استمرار الأوضاع الأمنية لسنوات طويلة، لإنهاك سورية وروسيا وإيران عسكريا واقتصاديا وذلك ضمن خطة “المتنورين” حسب تشبيه مركز “فيريل”.
واعتمد المركز في تقديراته على تطبيق الخطة من خلال تصريحات العديد من فريق القيادة الروسية التي ركزت جميعها على “عدم استبعاد محاولة بعض الأطراف للإطاحة بالقوة بحكومة الرئيس بشار الأسد وتقطيع سورية إلى كيانات متفرقة” إضافة لإعلان وزارة الخارجية الروسية عن مخاوفها من أن “قرار واشنطن تعليق قنوات الاتصال مع موسكو بشأن سورية قد يعني أنها قررت العودة للحل العسكري…!!”.
ولفت المراقبون إلى أن الأهم في الكشف عن تبعات الخطة يكمن في أن المخابرات العسكرية الروسية وفور علمها بالخطة أعطت الأوامر بإرسال منظومات صواريخ محدثة جداً S300 وبشكل مفاجئ إلى قاعدة حميميم؛ وهذه المرة الأولى التي تتجه القيادة العسكرية لهذا العمل، إضافة لسفينة الإنزال الروسية “غيورغي بوبيدونوسيتس” التي رست في ميناء طرطوس وكانت محملة بشاحنات عسكرية ثقيلة وهي خامس شحنة منذ بداية العام الحالي يتم تسليمها للجيش السوري.
ولم يكتف مركز “فيريل” بهذه التسريبات بل عرض خطة العدوان المرسومة بحيث “تقضي العملية بحدوث ضربة جوية سريعة بين 3 – 5 أيام تستهدف مركز القيادة والأركان في الجيش السوري في دمشق واغتيال قياداته العليا؛ ونقاط قوته في محيط دمشق وحلب واللاذقية، وستتم بمشاركة 800 طائرة، اضافة لصواريخ كروز وتوماهوك من المتوسط والقواعد الأميركية في المنطقة”. وأوضحت التسريبات أن طائرات العدوان “ستتفادى المجال الذي تسيطر عليه صواريخ الـ S400 الروسية الموجودة في اللاذقية”.
وشبّه المركز الألماني العدوان بعملية “ثعلب الصحراء” التي شنتها الولايات المتحدة في 16 كانون الأول(ديسمبر) 1998 على العراق، إذ من المتوقع أن تصل عدد الدول التي ستشارك في العملية إلى 14 دولة، مشيرا الى أن موعد الضربة خلال أيام قد لا تتجاوز نهاية الشهر الحالي، اما في حال حدوث هدنة ووقف لإطلاق النار فستتوقف الخطة مؤقتاً!!.
وتوقف مراقبون، ازاء إعلان واشنطن عن تأثرها ودهشتها واستغرابها من دوافع روسيا لإرسال منظومات الدفاع الجوي من طراز (إس – 300) إلى سورية.
فالمتحدث باسم “بنتاغون” بيتر كوك صرح بأن وزارة الدفاع الأميركية لا تفهم دوافع روسيا لإرسال صواريخ “إس-300” إلى سورية، وبأن هذه المنظومات يمكنها التأثير على العمليات العسكرية للتحالف. اما المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست فقد أعلن أن البيت الأبيض يعتبر أن نشر صواريخ “إس-300” في سورية يتعارض مع هدف مكافحة التطرف في سورية الذي أعلنته روسيا، وانه لا يعلم بامتلاك داعش أو القاعدة طائرات هناك، مشيرا بسخرية إلى أنه “قد تكون لدى روسيا معلومات استخباراتية أخرى، لكنني أشك في ذلك”.
بيد أن وسائل الإعلام النافذة في الولايات المتحدة تتحدث عمليا عن “إمكانية التدخل المباشر في النزاع السوري إلى جانب قوات المعارضة”. وأن واشنطن تدرس بالفعل هذا الخيار. وتم تسريب الهدف من لقاء جمع بين ممثلين عن وزارة الخارجية الأميركية ووكالة المخابرات المركزية وهيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، حيث ناقشوا “تنفيذ ضربات عسكرية محدودة ضد نظام الأسد من أجل إجباره على تغيير نهجه في نظام وقف إطلاق النار خلال العمليات في حلب وفي جدوى مفاوضات سلام جادة طويلة الأمد”. وأن الخيارات التي تجري مناقشتها “ما تزال سرية، وتشمل غارات على القوات الجوية السورية باستخدام صواريخ كروز وغيرها من الأسلحة بعيدة المدى، تطلق من طائرات وسفن قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن”.
ويرى المراقبون ان هناك مخاوف حقيقية من إمكانية نقل المواجهات القائمة إلى مواجهات بين روسيا والولايات المتحدة في سورية. اذ ان هناك أصواتا في واشنطن تتحدث عن أن توجيه ضربات مباشرة ضد الجيش السوري، ما قد يتسبب في نشوب مواجهة مع روسيا هناك.
أما في واشنطن، فقد اعتبر مراقبون أميركيون، تحدثت اليهم “الغد”، أن الولايات المتحدة الأميركية، “لا ترغب فعليا بالذهاب إلى الحرب في سورية، خصوصا وأن هذا الوقت حساس جدا للإدارة الديمقراطية التي تسعى بكل جهد ممكن لانجاح مرشحة الحزب هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية التي ستجري خلال اقل من شهر من الآن.
ورأى هؤلاء المراقبون أن الرئيس باراك اوباما لن يتدخل عسكريا في سورية، لانه “مخاطرة”، وهو الذي التزم بوعوده بعدم ادخال بلاده بأي حروب خارجية خلال فترة حكمه، كما أن أي مجازفة من هذا القبيل، لا يمكن ضمان نتائجها في الوقت الراهن ما قد يؤثر سلبا او ايجابا على فرص كلينتون للفوز.
ويأتي المقال الافتتاحي لصحيفة الواشنطن بوست لعدد أمس الأربعاء، ليعلل نوعا ما سبب عدم الاهتمام الإعلامي الكبير بوقف هذه القنوات بين روسيا وأميركا، وذلك إلى جانب السبب الرئيسي وهو التحضير للانتخابات، حيث قال مجلس تحرير الصحيفة ان “تعليق إدارة أوباما الاتصالات مع روسيا بشأن سورية استغرق وقتا طويلا، بحيث عندما جاء أخيرا يوم الاثنين، بدا الأمر وكأنه مجرد عرض لضعف الولايات المتحدة”.
واشار المقال الى ما جرى في 19 أيلول (سبتمبر) الماضي وقال ان” الطائرات الروسية والسورية، مزّقت حينها اتفاق وقف إطلاق النار الذي فاوض عليه وزير الخارجية جون كيري، بقصف إحدى قوافل المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، ما يعد جريمة حرب سافرة”.
وانتقدت الصحيفة، تأخر كيري في الرد، قائلة انه مع ذلك فان الأمر احتاج لأسبوعين ” لكي يتخلى السيد كيري أخيرا عن جهوده البائسة على نحو متزايد لحث نظام فلاديمير بوتين الروسي لوقف هجومه الشرس ضد مدينة حلب، الذي شمل تفجيرات متعددة لمستشفيات وقتل مئات الأطفال”.
وذكر المقال الذي جاء تحت عنوان” يجب على الولايات المتحدة التصرف لوقف المذبحة المدروسة في سورية” ان الإدارة الأميركية تفكر باقتراحات لايجاد خيارات جديدة في سورية، بما يتضمن “ضربات صاروخية لتجنب تحليق سلاح الجو السوري، ولتزويد الثوار الذي يحمون حلب بأسلحة أكثر تطورا”. ونقلت الصحيفة في افتتاحيتها ايضا ان مسؤولين رفيعين من وزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات”السي اي ايه”، قد يؤيدون هذه الخطوات، لأنه بتقديرهم فان” سقوط حلب سيزيد التهديد الإرهابي من سورية، سوءا”.
وفيما انهت أميركا ما يشبه “شهر العسل مع روسيا حول سورية” والمستمر منذ عام، بوقفها مشاركتها في القنوات الثنائية مع روسيا، والتي تم تأسيسها للحفاظ على وقف الأعمال العدائية، اشار بيان رسمي صادر عن الخارجية الأميركية الى ان اتخاذ هذا القرار لم يأت “بسهولة”.
وقال البيان الذي حصلت “الغد” على نسخة منه، ان الولايات المتحدة لم تأل جهدا في التفاوض ومحاولة تنفيذ الاتفاق مع روسيا بهدف الحد من العنف، وتوفير وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، والحط من المنظمات الإرهابية العاملة في سورية بما في ذلك داعش وتنظيم القاعدة في سورية.
ورأى البيان الذي صدر قبل أيام، والذي شكل الإعلان الرسمي لوقف التعاون مع روسيا بخصوص سورية، ان روسيا والنظام السوري اختارا الاستمرار بالمسار العسكري بما يتعارض مع وقف الأعمال العدائية، كما يتبين من الهجمات المكثفة ضد المناطق المدنية، واستهداف البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات، ومنع المساعدات الإنسانية من الوصول إلى المدنيين المحتاجين، بما في ذلك من خلال هجوم يوم 19 ايلول(سبتمبر) على قافلة المساعدات الإنسانية.

الغد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى