
ادوات التواصل الاجتماعي ..
كدبلوماسية شعبية ..الوزيرة عناب انموذجا..
ا.د حسين محادين
أي كانت دقة المعلومات المتداولة عبر وسائل التواصل بأن حكومة اليابان لم توافق على تنسيب الحكومة الاردنية بتعين الوزيرة السابقة لينا عناب سفيرة لها لدى اليابان؛بعد ان قام الكثيرون من مستخدمي ادوات التواصل الاجتماعي في الطلب والسعي لدى الحكومة اليابانية عبر الفضاء الالكتروني مع الأختلاف بين اللغة العربية واليابانية ونجاح المخاطبات الشعبوية بعدم الموافقة على “استمزاجها” بهذا الخصوص؛
وبعيدا عن تفسيرات البعض باستنائية ونجاح هذه الحالة أردنيا والتي فسرها احد الصحافيين انها اقرب الى “خطيئة” ان يستعين المعارضين الاردنيين لقرار الحكومة بالأجنبي الياباني في هذا السياق..ولعل التحليل العلمي من منظور علم الاجتماع السياسي لهذه الحادثة تستلزم التذكير
بأن المتابع العلمي المحايد يلمس بقوة سطوة وسائل التواصل التي اصحبت تتمتع بها في التأثير كدبلوماسية شعبية على كل من ؛صناع القرار الرسمين والمنظومة الدولية لحكومات العالم استنادا الى مايلي:-
1- منذ بداية تسعنيات القرن الماضي وسيادة القطب الواحد في الكون؛ قادت التكنولوجيا عموما والتي أُعدها ايضا أيدلوجيا فكرية اقتصادية رقمية عولمية الطرح والتغيير؛ أقول نجحت في توظيفاتها هنا تحديدا لوسائل التواصل الاجتماعي عبر عمليات تسويقية وتفاعلية لحظية مهولة بين الحضارات والمتفاعلين الشعبيين عبرها متجاوزين فروق في العادات والاعراف؛ لابل والمعتقدات التي كانت تُشكل في الماضي مبررا للصراعات الحضارية غالبا بين ابناء ودول هذا المجتمع او ذاك؛ لقد نجحت ايضا في زيادة وتنوع اسماء واستخدمات هذه الوسائل في كل العالم؛ لبث الافكار المعولمة كحقوق الانسان والحريات الفردية؛ وشعبوية التاثير على الحكام والسلطات بصورة جعلت العوام شركاء وموجهين لسياسات الاسواق عبر المقطاعات الشعبية المنظمة للمستهلكين لبعض السلع التي ترفع اسعارها دون مبرر مقنع وللشركات المُنتجة لها بذات الوقت. ولعل هذه التاثيرات للجماهير وبكل لغاتها قد وسعت وكثفت منسوب التاثير على كل السلطات ؛وجعلت إمكانية التفاعل او انتشار عدوى الاعتراضات وممارسة الضغوط على الحكومات الرسمية قوة عابرة للمجتمعات ولسياداتها القديمة؛اذ جعلت التكنولوجيا في المحصلة لتاثيراتها الفكرية والاقتصاد المعرفي مفهوم ؛السيادة التقليدية للدول مُهددة فتاثيراتها اصبحت تُحسب ليس بعملاتها وجيوشها الحرفية فقط وأنما بقدر حجم ما تُشغله وتبثه المجتمعات لحظيا في الفضاء الافتراضي من معارف ونماذج وريادات علمية ونماذج تحترم انسانية الانسان اي ما تفيد به العالم بآسره .
3- لقد وسعت واغنت وسارعت ادوات التواصل الاجتماعي واللحظي في عمليات التأثير المتبادل عبر ثقافة الصورة في صياغة الراي العام الكوني نحو قضايا الانسان، والبيئة ، والقيم الفردية للبشرية؛وبغض النظر عن المستوى التعليمي؛ أو الوزن السياسي لمستعميلها؛ بحيث غدت هذه الوسائل جماهيرية التفكير والتأثير على الاخرين من اصحاب السلطات الدينية والدنيوية المنظمة او المؤطرة دولا ووزرات معاً؛ حيث اصبحت هذه الوسائل التكنولوجية العديدة “سلطة خامسة جديدة” في العالم؛ الامر الذي ادى الى إضعاف وفكفة سيادة وهيبة الدول بمعانيها التقليدية “ارض،بشر..حدود ارضية ،دساتير وسلطات ثلاث ورابعها الاعلام” سابقا.
4- اصبح بوسع مواطني اي دولة “المواطنيين” الضغط على الدول الكبرى معنويا وتشريعيا لتعديل وترشيد سياسيات ومواقف هذه الدول”السلطات الرسمية” في تعاملاتها في ما بينها في موضوعات حقوق الانسان والتنميات المستدامة ؛ والشعوب بأجيالها الحالية والقادمة بحث اصبح الجمهور غير المنظم شريكا ورقابيا على شفافية القرارات الرسمية.
اخيرا..اي كانت تفسيرات البعض باستعانة الرأي العام الاردني الفاعل عبر توظيفه منجزات التكنولوجيا وشعبويتها المعولمة بالضغط على حكومات اخرى بالضد من تنسيبات حكومة بلدهم والنجاح المتوقع بهذا العمل الجماهيري انما يشير وبقوة الى انتزاع وحدانية الراي الرسمي التقليدي لصالح المواطنيين الذين جعلتهم التكنولوجيا وادوات التواصل فيها مواطنيين كونيين اي عابري الجنسيات واللغات والسياسات نحو حرية الانسان وحقه في المشاركة بصياغة وتجسيد مفاهيم ومضامين ما بعد الحداثة المعولمة في هذه القرية الافتراضية الصغيرة…
* عضو مجلس اللامركزية-الكرك