دخول..خروج

مقال الأحد 3-7-2017
النص الأصلي
دخول..خروج
لم يبخل شعراؤنا منذ “سايكس بيكو” بنظم القصائد التي تتحدّث عن الوحدة العربية وإلغاء الأسلاك الشائكة بين الدول الشقيقة وتوحيد قرار العواصم..الأمر الذي استفزّ بعض الملحنين فحوّلوا أجمل القصائد إلى أغان وطنية خالدة..وربما هذا الانجاز الوحيد للوحدة العربية حيث كان يغني المغربي والشامي نفس كلمات الوحدة بالرغم من أن كلاً منهما يقبع خلف الشيك السياسي الذي يفصله عن شقيقه…فخلاصة المعادلة السياسية ..الشعوب العربية لها أن تحب وتتعاطف وتحلم كما تشاء لكن ليس لها أن تقرر..
منذ أسبوع ولا حديث في وسائل الإعلام وفي أوروبا..سوى عن استفتاء “الخروج” البريطاني من الاتحاد الأوروبي..منذ أسبوع وأكثر والتحليلات،والتكهنات، وإعادة رسم وجه الاتحاد، وتخيل شكل معصم لندن المكتنز بعد كسر “سوار” بروكسل الضيق ..تطغى على أي حديث آخر.
ولا أظن أن شعراء انجلترا وأوروبا عامة قبل فكرة الاتحاد الأوروبي ،كتبوا قصائد عن الوحدة الأوروبية وإلغاء الأسلاك الشائكة ونقاط التفتيش بين الدول الشقيقة وتوحيد قرار العواصم الأوروبية ،كما لا أظنهم أنتجوا أغنية واحدة تتحدث عن الاتحاد الأوروبي في وقت سابق ..ثم ما الحاجة لكل هذا الهدر من الورق والدواوين الشعرية ما دام بالإمكان استبدالها بقصاصة بحجم الكف تؤيد او ترفض الانضمام…عند تشكيل الاتحاد الأوروبي توجهت بعض الشعوب إلى صناديق الاقتراع ووضعت رأيها في تقرير مصير دولتها بهدوء وغادرت دون ضجيج…تصويت..دخول..تصويت..خروج…المسألة تقاس بالفائدة والمصلحة الوطنية العليا لا بالعاطفة..
احد أصدقائي الظرفاء علّق منزعجاً من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي…أين الملكة؟؟ أين تشارلز؟؟ أين كاميرون؟؟..لماذا لا يصدرون مرسوماً ملكياً بالبقاء في الاتحاد الأوروبي لماذا يجعلون الشعب يقرر مصير الدولة…قلت له يا حبيبي..يا “ضنايا”…يا بعد” كبدي”…هناك.. الزعيم أو الملك أو رئيس الجمهورية وحكومته: له أن يحب ويتمنى و يتعاطف ويحلم لكن ليس له أن يقرر..اما في بلاد “الضاد” عكس ذلك تماماً للشعب ان يحب ويتمنى ويتعاطف ويحلم ولكن ليس له أن يقرر حتى ذهابه إلى الــ””w.c..فهذه صنعتنا منذ الأزل..زراعة “لو ” وحصاد “يا ليت”..والتنهد العميق حزنا وكبتا ، فصدورنا مجرّد أقبية مكتظّة بالعبيد..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. متفائل اخي احمد اليوم فالشعب اصبح لا يستطيع حتى ان يحب ويتمنى ويتعاطف ويحلم

  2. انهم يقتلون الانتماء لكل الاوطان بقذراتهم وفسادهم وعهرهم…. بوركت على هذا المقال الرائع

  3. لقد استبدلنا كابوس التقسيم والتتشظي إلى فسيفساء غير مرئية بحلم الوحدة الذي انتظرناه طويلا ولكنه آثر إلا أن يكون ممستحيلا

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى