محاضرة الرئيس
لا أعرف لماذا اختار رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز طريقة المحاضرة الاكاديمية ليتحدث الى الاردنيين في توقيت حرج اقتصاديا، ولا سيما ما يتعلق منه بقانون ضريبة الدخل.
دعيت شخصيا للمحاضرة، وأدركت قبل سماعي اياها، ان واحدة من اهم اهدافها، هو التسويق لقانون ضريبة الدخل الجديد والاشكالي، وكنا نعرف انها محاولة لتكثيف حالة التفهم حول القانون «سياقا وإكراها».
المحاضرة كانت اقتصادية، خلت من السياسية، الا في اشارات عابرة تناولت الاصلاح السياسي وقانون الانتخاب الذي سيأتي دوره بعد سنة او اكثر.
وللامانة، الرزاز متمكن في فهم المعطيات الاقتصادية، يسوقها بلغة هموم الناس، ويتعامل مع الضريبة نظريا بمنطق «البكائية»؛ اي انها تحتاج الى مراجعة شاملة بسبب ظلمها الواضح.
هو يعترف ان ضريبة المبيعات (توفر الايرادات الاعلى للخزينة) ضريبة جائرة، انحازت للاغنياء على حساب الفقراء، ويعد جازما بمراجعتها، واعادة ترتيب علاقتها مع ضريبة الدخل.
لكن متى؟ سؤال لم يجب عنه الدكتور الرزاز، بل اكتفى بقلب الهرم على رأسه، من خلال اقرار قانون الضريبة، ثم بعد ذلك ستكون المراجعات، ولا اعرف ان كانت ستكون او لا تكون.
كان صريحا في وصف علاقتنا بصندوق النقد الدولي، هو لم يقلها، لكننا فهمنا انها علاقة تبعية وإكراه واضطرار، واشك ان علاقة بهذا الشكل ستسمح له بمراجعة ضريبة المبيعات على الشاكلة التي يريد.
والسؤال هنا: هل سيقتنع الاردنيون، نخبا وعواما، بأن علاقتنا بصندوق النقد الدولي الملتبسة وحاجتنا الماسة لرضاه، تبرر قسوة قانون ضريبة الدخل، وبالتالي يمكن تفهمها، لا اعرف الاجابة، وارجح انهم لن يتفهموا.
تحدث عن الفساد، وفاجأنا بذكره للكردي عينا واسما ولفظا، واعترف ان مطيع هرب قبل سويعات من اتخاذ الحكومة قرارها بمتابعته، لكنه كان ليناً في وصف من ساعدوا مطيع حين سماهم «بالمقصرين».
مرة اخرى، الرزاز، يفهم اقتصاد بشكل واضح، والاهم انه يدرك علاقة القرار الاقتصادي بالاثر الاجتماعي، لكنه مع ذلك لا يحاول الخروج من العلبة، لا يريد كسر الاطار، وهنا تكمن إشكاليته، وتتأبد ضيق خياراته.
شفافيته، صفة واضحة وايجابية ستساعده كثيرا ان مزجها ببعض القدرات السياسية الهامة، واعتقد انه مقبل على ايام عصيبة وصعبة، قد يستعين فيها بصديق.