مجلس نواب واحد فقط حجب الثقة عن الحكومة

مجلس نواب واحد فقط حجب الثقة عن الحكومة
مجلس النوّاب السابع (1962-1963م)
د. احمد محمد الخلايلة
جرت الانتخابات بنزاهة ودون تدخّل الحكومة، كما وعد رئيس الوزراء آنذاك (وصفي التلّ), وعاد واحد وعشرون نائباً من المجلس السابق, بينما دخل بقيّة النوّاب المجلس لأوّل مّرة، وضمّ المجلس خمسة وعشرين نائباً جامعيّاً, ولم يكن لأحزاب المعارضة المتشدّدة وجود في البرلمان، نتيجة لمنع الحكومة بعض المرشّحين من التقدّم للانتخابات, أو لإحجام بعض الأحزاب عن الترشّح للانتخابات، بسبب حظر الأحزاب, وقد واجهت الحكومة معارضة واسعة لبيانها الوزاريّ, وفازت بثقة أربعين عضواً، ومعارضة ثمانية عشر, وقد أشاعت هذه المعارضة شعوراً بالراحة لدى المواطنين، من حيث إمكانيّة إعلان الرأي الآخر بحريّة ودون خوف، كما وأثّرت ظروف الدول العربيّة المحيطة بالأردنّ بشكل كبير على الوضع الداخليّ فيه, فبعد نجاح أحزاب البعث في الوصول إلى الحكم في سوريا والعراق, وتعاطفهما مع بعضهما البعض، ومع الرئيس المصريّ (جمال عبد الناصر), بدأت محادثات الوحدة بين الدول الثلاث، وحاول الأردنّ اتّخاذ موقفٍ إيجابيّ تجاه هذه الوحدة، وعرض أن يكون شريكاً في أطروحات (عبد الناصر) ونظامي البعث في سوريا والعراق, خوفاً من وقوع أحداث داخليّة، نتيجة التأثّر بالأحداث الخارجيّة.
وقّعت الأقطار الثلاثة ( مصر وسوريا والعراق ) اتّفاق الوحدة في السابع عشر من نيسان عام (1963م), ونتيجة لذلك، قامت المظاهرات الصاخبة في معظم الدول العربيّة فرحة وابتهاجاً، ودعوة القادة العرب الآخرين للانضمام إلى هذه الوحدة, وفي الأردنّ، قامت مظاهرات في مختلف المدن تصدّت لها السلطات الأمنيّة بقسوة وعنف، وأوقعت عدداً من القتلى والجرحى, واستقالت حكومة (وصفي التلّ)، وتمّ تشكيل حكومة جديدة برئاسة (سمير الرفاعي), وفي هذه الأجواء المشحونة، تقدّم (الرفاعي) ببيانه الوزاريّ طالباً ثقة مجلس النوّاب.
تقدّمت الحكومة ببيانها الوزاري لنيل الثقة من مجلس النوّاب ، وقد تبيّن لرئيس الوزراء، أنّ عدداً كبيراً من النوّاب ينوون حجب الثقة عن الحكومة, لكنّه لم يستطع حلّ المجلس كما جرى في المجلسين (الثالث والرابع) وذلك بسبب تعديل الدستور الذي صدر عام (1958م) والقاضي بمنع حلّ مجلس النوّاب خلال الفترة الزمنيّة بين إلقاء البيان الوزاريّ وجلسة الثقة، وقد واجه رئيس الوزراء المجلس، وتحدّث في الجلسة أكثر من أربعين نائباً، أعلن واحد وثلاثون منهم حجب الثقة عن الحكومة, وعلى إثر ذلك أعلن رئيس الوزراء أنّه سيقدّم استقالة الوزارة إلى الملك, واستقالت الحكومة، وتمّ تشكيل حكومة جديدة برئاسة (الشريف حسين بن ناصر) كانت مهمّتها حسب كتاب التكليف، حلّ مجلس النوّاب، وإجراء انتخابات جديدة, وقد كانت البدائل المتاحة أمام صانع القرار تتمثّل في استمرار حياة البرلمان، وتشكيل وزارة جديدة, أو في حلّ مجلس النوّاب، لأنّه حجب الثقة عن الحكومة, فتمّ اختيار البديل الثاني، وصدرت الإرادة الملكيّة بحلّ المجلس بتاريخ 21 نيسان عام (1963م), بحجّة أنّ المجلس لم يكن معبّراً عن إرادة الناخبين عندما حجب الثقة عن الوزارة.
مثّل هذا الحلّ مرحلة مهمّة في تاريخ المجالس النيابيّة في الأردنّ, فهي المرّة الأولى والوحيدة في تاريخ الأردنّ التي يصل فيها مجلس النوّاب إلى هذا المستوى في موضوع حجب الثقة عن الحكومة, ولكن هذه التجربة لم تكتمل، حيث تمّ حلّ مجلس النوّاب على إثر ذلك، وأصبحت النتيجة مشابهة لما جرى في حلّ المجلسين (الثالث والرابع)، وكان الفارق أنّ حلّ هذا المجلس تمّ بعد حجب الثقة عن الحكومة، امّا المجلسين (الثالث والرابع) فقد تمّ حلّهما قبل ساعات من جلسة الثقة, ويبدو أنّ المادّة التي عُدّلت على الدستور بعدم السماح بحلّ المجلس بين فترة تقديم البيان الوزاريّ وجلسة الثقة قد أُفرغت من مضمونها, فبدلاً من أن يتمّ حلّ المجلس قبل جلسة الثقة، تمّ حلّه بعدها مباشرة, ولعلّ ذلك يُفسّر عدم تكرار هذه التجربة مرّة أخرى في تاريخ المجالس النيابيّة في الأردنّ, وبعد حجب الثقة عن الوزارة، تمّ القبض على عدد من النوّاب الذين حجبوا الثقة، واستمرّ اعتقالهم ما بين شهرين وسبعة أشهر.
فماذا يا ترى مجلس النواب فاعلا بعد هذا المثال؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى