أسباب تراجع التعليم وفقدان المعلم هيبته في الأردن

أسباب تراجع التعليم وفقدان المعلم هيبته في الأردن من وجهة نظر تربوية ونقابية.

د. عامر بني علي العياصرة
الكلمة كالسيف إذا استخدمت بشكل صحيح تغلق بقوتها فم وتفتح قلوبا وبعيدا عن التحيز والتعصب فالموضوع المطروح هو فيض من غيض لكثير من القضايا التربوية الملحة في ميداننا الواسع والممتد الذي أصبحنا بحاجة ماسة لإيجاد حلول جذرية لها بتسليط الضوء عليها ومناقشتها للخروج بملاحظات بناءة وتوصيات جامعة بشأنها بنية ايصالها لتتأكد بذلك بتوصيات تخدم العملية التربوية والتعليمية و بكل شفافية ووضوح فالعلم في تطور وقدرات الطلبة الذهنية في زياده مستمرة ولكن المشكلة في بطئ المسير وسرعة التأخير مقارنة مع الدول الأخرى فالضعف والتردي في مخرجات التعليم في الأردن أوصله إلى منعطف خطير في المدخلات والمخرجات مما جعلنا اليوم نعيش مأساة واقعية في ميدان التربية والتعليم الذي يعد بمثابة اللبنة الأساسية التي تبنى عليها عزة الأمم وحضارتها وفيما يأتي إيراد لأهم تلك الأسباب :
أولا : المعاملات الإستثنائية بمسمى المكرمات في نظام القبول الموحد للجامعة : ( فقد كشفت دراسة بحثية أردنية جريئة وغير مسبوقة بأن المعاملات الإستثنائية بمسمى مكرمات في نظام القبول الموحد للجامعات والتي كرّس مفهوم التمييز بين شريحة وشريحة من المواطنين لتشمل هذه الإستثناءات الظالمة أكثر من عشرين فئة في المجتمع موزعة على أبناء أعضاء الهيئات التدريسية والعاملين في الجامعات الرسمية وأعضاء مجلس التعليم العالي ومجلس البحث العلمي وأعضاء مجالس أمناء الجامعات الرسمية ومجالس الجامعات والعاملين في وزارة التعاليم العالي والتربية والتعليم والأردنيين المقيمين في الخارج و العاملين في الإعلام وأفراد القوات المسلحة واعضاء البعثات الدبلوماسية والأردنيين من حملة الشهادات الأجنبية ناهيك عن قائمة القبول الخاصة بالديوان الملكي والتي تخصص فيها مقاعد العلم الجامعية لمن له واسطة دون أسس منهجية وبصرف النظر عن معدلات الامتحانات في الثانوية العامة فيتخرج الطلاب بعد ذلك منهم الغث والسمين منخرطين في سلك التربية والتعليم الأمر الذي أثّر تأثيرا سلبيا انعكس عليه ضعفا في مخرجاته ونتائجه حتى وصل إلى هذا المستوى من التردي غير المسبوق وقدمت الدراسة أدلة علمية وواقعية على أن ما يقترب من 80 % من مقاعد الجامعات توزع على هذه القوائم الإستثنائية بصورة مخالفة للقانون والدستور ولأحكام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومنذ أكثر من 20 عاما, الأمر الذي ساهم في تردي مستوى التعليم العالي في الأردن.) .

ثانيا : القوانين والأنظمة التعليمية القاصرة والجائرة المطبقة على المعلمين والطلاب على حد سواء حيث سلبت هذه القوانين المعلمين الكثير من الصلاحيات و قللت من شأنهم و نذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر قضية منع الرسوب وترفيع الطلاب من صف إلى صف تلقائيا أو جعلهم في نفس الصف دون أن يكون للمعلم صلاحية في ذلك و كذلك تعليمات الانضباط المدرسي وقصورها عن كبح التجاوزات للطلبة وأولياء الأمور للمدارس فخطة التطوير التربوي ومنذ ظهورها جعلت التعليم لا طعم له ولا لون حتى فاحت رائحته بمنع العقاب مهما كان نوعه ونشر الخط الساخن للطلبه للتبليغ عن أي إساءة أو مخالفةتصدر عن المعلم مما أفقد المعلم هيبته واحترامه ومكانته فكيف يستقيم حاله ويكون له احترامه بأن يعطي ويثري وهو محاصر من كل الجهات و بناء على ذلك وحيث إن القوانين أعطت الطلاب حيزا كبيرا من الحقوق على حساب المعلمين فبهذه القوانين فقد التعليم قيمته والمعلم هيبته والطالب ما من ضابط يضبطه وكيف يكون ذلك فالقانون في صفه ويسير معه جنبا إلى جنب من ألفه إلى يائه مما أوجد فجوة وثغرة كبيرة بين التشريعات وتطبيقها وتفعيلها وخاصة ما يتعلق بحقوق المعلم واقتصارها على الورق وعدم تفعيل القوانين أو ضعفها فإنها بذلك لا تحمي المعلم من العنف المجتمعي – مثالا على ذلك الاعتداءات التي حدثت مؤخرا في مدرسة المرقب في لواء ماركا وغيرها من المدارس بواقع يحاكي همومنا فوضع قوانين صارمة لتجاوزات الطلاب واعتداءات أولياء أمورهم أمر أصبح في غاية الأهمية ومع كل أسف ما زال أمن وحماية المعلم حبيس الإدراج بملفاته المتعددة والكبيرة.

ثالثا : الثقافة المجتمعية الناقمة حول المعلم والتي ظهرت نتيجة التصرفات الرسمية غير المسؤولة وتأكد هذا الأمر بعدم وجود حصانة للمعلمين في قانون التربية والتعليم والقانون العام للدولة فالمعلم يعتقل من المدرسة ويحبس لأي سبب كان ودون سابق إنذار يقاد مغفورا وعلى مرأى من طلابه الأمر الذي جعل المعلمين غير آمنين على أنفسهم في مدارسهم سواء مع الطلاب أو أولياء الأمور مما أثر عليهم سلبا وقلل من عطائهم وانطلاقهم .

رابعا : الوضع المادي المتردي و المتدهور للمعلم ومتطلبات حياته المتعددة والتي دفعت الكثير منهم إلى العمل بغير مهنة التعليم خارج دوامهم الرسمي تلبية لحاجاتهم الأساسية الماسة و الملحة الضرورية التي بالكاد رواتبهم المتدنية تحقق جزءا ولو يسيرا منها خصوصا في ظل الإرتفاع المستمر للأسعار وثباتها –أي رواتبهم – وهذا الانخراط للمعلمين جعل صورة المعلم تهتز عند المجتمع ففقد بذلك قيمته الحقيقية التي كان يتمتع بها والتي يجب أن يكون عليها فكما قيل في المثل : (جار المقبرة ما بخاف منها.).
فلو نظرنا الى القيمه المادية فسنرى ان رواتب للمعلمين لا ترقى أن تضعهم في مرتبة الاحترام المجتمعية لان المجتمع يحترم ويقدس كل الذين يتقاضون رواتب عالية ومهما كانت وظائفهم.
فالتعزيز سواء أ كان ماديا او معنويا له أثره و اهميته الكبيرة فى رفع معنويات المعلمين والمعلمات على حد سواء وكذلك تحفيزهم على الإبداع والابتكار بما ينعكس إيجابا على مخرجاتهم التعليمية والتربوية منوعين في أساليبهم ومبتعدين عن الطرق التقليدية الروتينية في منهجية التدريس وبفقدان التعزيز يفقد الإنجاز والإبداع.

خامسا : وسائل الإعلام المأجورة التي كان لها الدور والدور الكبير في إفساد العلاقة ما بين المعلم والمجتمع الذي يعيش فيه وذلك بتشويه رسالته بالتهجم عليه واتهامه والتقليل من شأنه والتجييش عليه بسبب وبغير سبب وخصوصا عند مطالبته ببعض حقوقه المنقوصة والمكتسبة بحق المواطنة التي حفظها له الدستور ومنعها في آن واحد ومن الأمثلة على ذلك حقه في إنشاء نقابة تكون مظلة أمان له ترعاه وتطالب بحقوقه وتصون كرامته وتعلي من شأنه وما حراك المعلمين من أجل انشاء نقابتهم ببعيد فقد تفنن الإعلام في قتل المعلم واغتياله و مع سبق اصرار وترصد .

سادسا: عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وعدم اعطاؤه الفرصة الكافية لتنفيذ خطته لهو أهم سبب في تدهور التعليم وتراجعه وضعف مخرجاته فوزارة التربية والتعليم يجب أن يكون وزيرها من أبنائها الميدانيين التربويين من أصحاب الخبرة والكفاءة الحقيقية والتجربة الميدانية الواقعية بدربة تربوية تمكّنه من وضع القوانين التربوية الصائبة و الملائمة للمستجدات الطارئة التي تنمي وتطور وترفع من سوية التعليم بما يلبي الطموح والغاية لا أن يكون وزيرها من أصحاب التنظير الذين يفتقرون إلى التطبيق العملي الذي يعد فقدانه فقدان لهيبة التعليم و تدميره فيصبح تطويرالتعليم تدميرا لا تطويرا و بكل ما تحمل كلمة تدمير من معنى فالاعتداء على المعلم هو حصيلة سياسة وزارية جوفاء متمثلة بمسؤول غير مسؤول ومهما كانت صفته يسعى لتسويق نفسه على حساب المعلم محملا اياه المسؤولية الكاملة راميا بعرض الحائط الاستفادة من الأبحاث التربوية العلمية الميدانية للإصلاح والتغيير وكل بحث من هذا النوع هو مغيب فِي أدراج الوزارة و المديريات فأصبح واقع المعلم هو حصيلة طبيعية للقطيعة بين البحث والواقع.

سابعا : هناك بعد سياسي يقتضي تجهيل المجتمع والحط من مكانة المعلم في نفوس الناس والعزف على وتر أنّ المعلم وحده هو السبب في تراجع التعليم .

ثامنا : ونرى هنا بأن المعلمين أنفسهم هم سبب في ذلك ومن عدة أمور :
أولا: مهنة التعليم يمتهنها كثير ممن ليسوا مقتنعين فيها وفي نفس الوقت هم مجبرون عليها بما يفرضه واقعهم المؤلم بنزر الوظائف وشحها فليس لديهم أي خيار إلا امتهانها يدخلون الغرفة الصفية مكرهين ليعطوا بأسلوب ممل ونفسية تعبة وليس لديهم أي دافعية لتعليم طلابهم.
ثانيا: بعض المعلمين لا يركزون على تعليم طلابهم المبادئ والاخلاق واقتصر دورهم على التدريس النظري فقط دون النظر إليها فخلق بذلك جيلا لا يعي قيمة المعلم ولا يحترمه.
ثالثا : يجب ان تكون شخصية المعلم مرنه بما لا يخل في علاقته مع الطلاب و بما يستوعبهم جميعا وقدراتهم وقادر على حل مشكلاتهم بعيدا عن اسلوب الضرب والتهكم والسخرية ويستوعب امزجة الطلاب كافة بدبلوماسية وحسن تصرف وتقدير .
رابعا : طريقتهم في تطبيقهم للقانون الذي وجد لحمايتهم فهم في تجاوز مستمر مجحفين على انفسهم _ مثلا. طالب كرر عده مخالفات لا يتم التعامل معه بالقانون التدريجي بدءا من الاستجواب والتنبيه….الخ فينتهي الموضوع بتركه دون أي اجراءات ولاسباب عدة كالخوف من ذوي الطالب والمجتمع المحلي والعشائرية وعاطفته التي تضعفه دائما باحتواء الطلاب وتحملهم كما هم دون اتخاذ أي إجراء يذكر معهم نعم فاحتواء الطلاب أمر مطلوب واحترامهم هو اساس التعليم ولكن ليس على حساب كرامتهم.
خامسا: الدروس الخصوصية لها أيضا دورها الكبير في تردي التعليم ولها دورها البسيط في نهضته فتأثيرها الكبير والواضح على الحصة منظور ومشاهد بشكل مباشر و قد تكون بذلك سببا غير مباشر مؤثرا على هيبة المعلمين في مدارسهم فبعض المعلمين يصل بهم الأمر إلى تسويق انفسهم و زملائهم المقربين منهم بطعنهم بآخرين وقد يكونون زملاء معهم في مدرستهم وكل ذلك يسمعه ويشاهده الطلاب.
فبالحصص الخصوصية ضاعت هيبة التعليم في المدارس فركن الطلاب إليها وأهملوا حصصهم في الحضور وأحيانا أخرى تجعل _ الحصص الخصوصية _ المعلم لا ينهي مادته في وقتها المحدد وبناء على ما ذكرت فالدروس الخصوصية سلاح ذو حدين إذا ما استخدمت بشكل صحيح أو خاطئ فما المشكلة إذا احتاج الطالب لحصص اضافية بعد دوامه بشكل فردي لأن التعليم الفردي في علم النفس أفضل وسيلة لتحسين أداء الطالب الضعيف ولكن سوء الترويج له حقا وبلا مجاملة افقد التعليم والمعلم هيبتهما على حد سواء _ والمقصود هنا بالمعلم ليس معلم الخصوصي بل المعلم الأساسي للمادة _ لأنه سيتراجع في نظر طلابه بذلك لمقارنتهم بينه وبين آخر بالتخصص ذاته والأسوأ من ذلك كما ذكرت آنفا أن بعض المعلمين يقللون من احترام زملائهم الآخرين أمام طلابهم وإن شئت فقل زبائنهم غمزا ولمزا .
سادسا: كسر الحاجز بين الطالب ومعلميه ومديره بحجة قول بعضهم أن الطالب يجب أن يعامل كأخ أو ابن بعيدا عن أي حواجز بينهم.

تاسعا: الإدارات بأنواعها وتغولها على المعلمين من عدة أمور :
أولا: سوء معاملة بعض المدراء للمعلمين أمام الطلبة سواء بالتنبيه والتجريح والألفاظ المسيئة ورفع الصوت وأحيانا الشتم.
ثانيا : أصبحت علاقة المعلمين ببعضهم وبمدرائهم أمام طلابهم علاقة مفتوحة لا تحكمها أي خصوصية ولا يضبطها أي ضابط وأصبح الطالب مطلع على كل ما يدور بين معلميه ومديره فسقطت بذلك هيبة بعض المعلمين من أعين طلابهم .
ثالثا : تتبع عمل المعلمين من قبل بعض المدراء بطريقة خاطئة وذلك بأخدهم عينه من الطلاب وسؤالهم لهم :
( ماذا شرح لكم المعلم في الحصة اليوم ..؟
أم أنه كان جالسا ولم يشرح ولم يعط شيئا …؟
وإن لم يشرح فماذا كان يعمل … الخ ).
رابعا: إذلال المعلمين وتهديدهم بالتقارير السنوية الخاضعة لمزاجيتهم بحيث يستعبدونهم فيها ويضغطون عليهم بتنفيذ ما يطلبونه حتى لو كان الأمر خارج حدود واجباتهم والمطلوب منهم .

عاشرا : التلقين والاعتماد عليه له أثره الكبير في تراجع التعليم وله أسبابه :
أولا : عدم توفر أدوات ووسائل تعليمية إيضاحية للمواد كنقص المواد في المختبرات أو وجود مواد ليس لها علاقة بالمادة و المبالغة في موضوع (.نحو بيئة مدرسية آمنه..) وطرحه بطريقة خاطئة جعلت الطالب لا يحسب لأحد حساب فحاليا الكتب معدة على استراتيجية 5E وهي مراحل الاستقصاء الخمسة _ الاندماج الاستكشاف التفسير التطوير التقويم وأغلب المعلمين مع كل أسف لا يتقنونها بسبب نقص التدريب فوجدت بذلك عملية التلقين مع كل أسف من المعلم نفسه و ليس للمناهج و سياسة التربية علاقة بها ولا ننسى استخدام تكنولوجيا المعلومات بشكل خاطئ إذ أفقدت المناهج والكتب هيبتها ومكانتها على الرغم من أن الكتاب هو أساسها_ التكنولوجيا الحديثة _.
ثانيا: التراجع في مخرجات التعليم بسبب كثافة المواد وكثرة الكتب التي يحملها الطلاب يوميا ووجود حصص السابعة والثامنه التي ارتقت المعلمين والطلاب معا.
ثالثا: عدم تفعيل الأنشطة اللامنهجية مثل حصص الرياضة والفن مما دعا الطلاب إلى تفريغ كبتهم بخصصهم.
رابعا: هناك خلط بين دور المعلم والمدير ومساعد المدير والمراسل فالمعلم في أغلب المدارس يقوم بمعظم هذه الأدوار وحده.

أحد عشر : الأعمال المسرحية الهزلية بما يتعلق بمهنة التعليم لها أثرها الكبير في ضياع هيبة المعلم وتدني مستوى التعليم ليس فقط في الاردن بل على المستوى العربي _ مسرحية مدرسة المشاغبين _ كان لها كبير أثر في تدمير رسالة التعليم وضياع هيبة المعلم على مدى أربعين عاما مضت فبعد عرضها على شاشة التلفاز قامت نقابة المعلمين المصريين برفع دعوى قضائية تطالب بوقف عرضها على شاشة التلفاز المصري لما لاحظوه على الطلاب من تقليد أعمى لشخصيات المسرحية بمحاولتهم الاعتداء على المعلمين بذلك وبعد عشر سنوات قام مجموعة من أطباء النفس المصريين بعمل دراسة للآثار السلبية للمسرحية وشملت عشرة الآف طالب من المشاغبين في مدارسهم ووجدوا أن 70% منهم كانوا يقلدون شخصيات المسرحية لنيل اعجاب زملائهم وهذا برأيي السبب الرئيسي لضياع هيبه المعلم والتطاول عليه.ويندرج أيضا تحت السبب الإعلامي.

ثاني عشر : هنالك أياد خفية تعمل على إدراج ما هو مطلوب منها في المناهج والعمل على الحذف في المواضيع التي هي الأساس المطلوب في العملية التعليمية.

ثالث عشر : النقابة ودورها الضعبف في اجتثاث الحقوق والمتمثل بمقاومتها حكوميا ومقاومتها من أبنائها لبعضهم البعض خصوصا المنظمين-المحزبون_ منهم فلم تعالج القضايا الثابتة الراسخة المتعلقة بحقوق المعلمين ووقفت عاجزة مستسلمة أمام كل التحديات والصعوبات التي واجهتها ومع كل أسف أصبحت المناكفات وتصفية الحسابات هي العنوان الأبرز والأوضح عند المنتسبين لها والمقدمين فيها فضاع المعلم وضاعت حقوقه بين هذه المناكفات وأصبحت المكاسب الشخصية والحزبية هي السائدة وعلى حساب المعلمين غير المنظمين فابتعدت النقابة بذلك عن فكرة إنشائها ألا وهي أن تكون مظلة حماية للمعلمين بهدف أسمى وهو خدمة المعلمين دون أي تأثيرات أخرى تفرض على المقدمين فيها بانتماءاتهم وتوجهاتهم .
لماذا لا يكون في كل حوار تربوي عبر القنوات التلفازية معلم ممارس في الميدان ينقل الصورة الحقيقية لميدان التعليم بإيجابياته وسلبياته بعيدا عن التنظير .
ولماذا التنظير من قبل أشخاص ليس لهم علاقة بالتعليم وقد يكونوا إعلاميين ونوابا ووزراء فيجتمعوا لمناقشة قضايانا ونحن المغييبون دائما عن مشاركتنا ..لا.. والأسوأ من ذلك. أنهم يناقشونها بأجواء من الاستهزاءوالسخرية وعدم الجدية..
ولماذا لا يكون هناك ما يسمى بالمعلم المساند بمعنى ان يكون المعلم متخصصا في المواد العلمية ومعلم للعلوم الإنسانية يقف الى جانب المعلم في اعطاء مادته من الناحية التطبيقية فيدرب مثلا الطلاب على القاء الشعر والخطابة ويعلمهم أيضا التطبيقات العملية للمواد العلمية وهذا الأمر له دوره الكبير في علاج ضعف التعليم بشكل عام.
ولماذا لا يكون للمعلم امتيازات مثل الوزراء والنواب والقضاة ومدراء الدوائر وأساتذة الجامعات والتي تميزه بذلك عن غيره فيشعرون بقيمتهم ومكانتهم فينطلقون بإبداعاتهم لحصولهم على ترقية ومال مقابل ذلك فينعكس عليهم في كل جوانب حياتهم وليس فقط مجرد جوائز عامة بقيمة آنية .
ولماذا لا يوجد في الدستور الأردني مواد دستورية توثق لحقوقهم وتصون كرامتهم لأن اهانتهم هي إهانة للمجتمع برمته بكل أطيافه ووظائفه وبلا استثناء.
واخيرا فهذه الأسباب هي أسباب حقيقية وواقعية ملموسة كان لها أكبرالأثر في تراجع مهنة التعليم في الأردن حيث كان لنقابة المعلمين فيما سبق دورا كبيرا ومهما في التقليل من آثارها والحد من أضرارها بتسليط الضوء عليها بجدية متواصلة وبكفاح متواصل
_ يوم أن كانت نقابة المعلمين المعلمين _ أما اليوم فالأمر مختلف وأخذ منحى آخر _ من خلال قيام النقابة بطرح ما يسمى الأمن الوظيفي للمعلم – وهو عبارة عن قوانين وأنظمة وتعليمات تعنى بأمن المعلم الوظيفي والتي من خلالها يمنع جلب المعلم من المدرسة ويمنع توقيفه إلا بعد صدور قرار قضائي قطعي بحقة وكذلك مطالبة النقابة بحقوق المعلمين المالية المنقوصة بالمطالبة برفع العلاوات الخاصة بالمعلمين واستحداثها بما يحقق للمعلم استقرارا وظيفيا إيجابيا ليس فقط محصورا عليه وانما على المعلم والطالب والمدرسة فتنعكس آثاره واضحة وملموسة على المجتمع برمته .

عضو نقابة المعلمين الاردنيين _ جرش_ سابقا.
مدرسة حسن الكايد المهنية الثانوية للبنين .
جرش.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى