متى نكسر ظهر الفساد ؟ / سالم الفلاحات

متى نكسر ظهر الفساد ؟

استعمرت بريطانيا الجزيرة ذات الأربعين مليوناً بالحد الأقصى، القارة الهندية التي يزيد عدد سكانها عن ثلاثمائة مليون هندي وهي التي تبعد آلاف الأميال عن بريطانيا.

وربما كان عدد الشرطة البريطانيين العاملين في فلسطين تحت الانتداب يزيد عن عدد الشرطة البريطانيين في الهند حينذاك !!

إنها الاستكانة والاستسلام والهوان والغثائية ونزع المهابة والهيبة من قلوب المستعمر للشعوب الضعيفة حتى مع كثرتها.

مقالات ذات صلة

وكان هذا مما أثار حفيظة جمال الدين الأفغاني فخاطب الهنود مراراً بقوله:

لو كنتم وأنتم مئات الملايين ذباباً لكان طنينكم يصم آذان بريطانيا العظمى ويجعل في آذان كبيرهم المستر (غلادستون) وقراً.

ولو كنتم وأنتم مئات الملايين من الهنود وقد مسخكم الله فجعل كلا منكم سلحفاة وخضتم البحر واحطتم جزيرة بريطانيا العظمى لجررتموها إلى القعر وعدتم إلى هندكم أحراراً.

فما أتم كلامه حتى ذرف الحاضرون الدموع فقال بصوت عال: اعلموا أن البكاء للنساء ولا حياة لقوم لا يستقبلون الموت في سبيل الاستقلال بثغر باسم.

الفاسدون والمفسدون في بلادنا ومعهم المستبدون والاقصائيون والشموليون لا تساوي نسبتهم في المجتمع شيئاً يذكر، ومع ذلك فإن الواحد في الألف أو في العشرة آلاف أو في المائة ألف يهيمنون على القرار السياسي والاقتصادي والتربوي والثقافي ويحتكرون المال العام وينهبونه ويتمتعون بمزايا الوطن ويملكون أكثر من 90% من كل متاح منه، ونسبتهم لا تصل إلى نسبة البريطانيين إلى الهنود.

فلو كشر كل وطني نظيف جاد واع تكشيرة بوجه هؤلاء لفقدوا الوعي الجسدي بعد أن فقدوا الوعي المعنوي.
ولو تكلم كل وطني جاد صادق كلمة رجولية واحدة لانخرس هؤلاء جميعاً.
ولو مشى كل وطني رجلاً كان أو امرأة نحوهم خطوة واحدة وأشار بيده (لهجُّو) إلى ديار العم سام بحقائبهم الجاهزة ولحقوا بمسروقاتهم التي نهبوها من بلادنا.

لو لم يكن الأردنيون الشرفاء والمتضررون (بشراً) وهم الذين يعد الواحد منهم بألف رجل، وكانوا على رأي الأفغاني (ضفادع) لجففنا بحار الفاسدين وبرك سباحتهم وشواطئ تزلجهم وتغولهم، وإمبراطوريتهم العنكبوتية لو كنا الرجال الرجال.

أيها الأردنيون:

لماذا نستسلم للفساد، وأهلُه ضِعاف، اعتذاريون، يشعرون بالجريمة ويخافون من عواقب جرائمهم في الاعتداء على الحق العام والمال العام، ويخشون في أي لحظة انكشاف أمرهم واستيقاظ همم الشعب وتصميمه على محاربتهم..

السارق ضعيف مرتجف حتى لو كان عملاقاً..
والفاسد ضعيف مهزوم وهو كالشجرة الجافة مهما عظمت.

ولولا تخلينا وضعفنا لما كان لهم شأن يذكر، ولَمَا (عربدوا) بهذه الصورة.

ما بالنا نتخطف من هؤلاء ونحن مجاميع كبيرة متضررة لا نحرك ساكناً وهم شرذمة قليلون ؟

لقد أخذونا بالصوت بترديد افكهم وكذبهم وجعلونا نردد خلفهم المقولات المضللة التالية:-

هذا فاسد مدعوم من جهات عليا !!
هذا ليس وحده، هذه شبكة قوية ولن نملك أدلة على أحد منهم.
لو لم يكن معه الكبار لما استطاع أن يفعل شيئاً !!
دعوهم فالكل فاسد.
ولا أمل بردعهم ومحاسبتهم فقد عم الفساد وطم !!
هكذا الفساد منتشر في جميع دول العالم وليس عندنا فقط !!

كل هذا من أجل أن نيأس من النهوض، ونصدقهم ونموت بين أيديهم، حتى يداس الوطن تحت نعالهم لا قدر الله ؟

يا قوم:

هل نتوقف عن الثرثرة السياسية والبكاء النسائي ونبحث عن آلية أخرى ؟
من الأسهل على من لا يريد أن يدفع الثمن أن يستخدم مصطلحات فضفاضة غير مفهومة مثل محاربة التطرف والظلامية، وتجفيف منابع الإرهاب دون تحديد الكيف.
هل من عاقل يصرف جل اهتمامه للنتائج ويترك الأسباب الحقيقية ؟
ألا يمكن أن نحول هذه الآهات إلى مشاريع عملية على الأرض ؟
هل نجمع قوانا المتناثرة لإنقاذ وطننا من هؤلاء الفاسدين الإرهابيين ؟
ألا نبحث عن طريقة نجمع فيها قوانا، ونحكم خطتنا، ونوحد صفنا، ونستعيد سيادتنا ونتنادى لمؤتمر وطني عام، ونؤجل الأنا لبعض الوقت على الأقل ؟

لنطهر وطننا من المفسدين تمهيداً لنهضة منشودة أسوة بمعظم دول العالم…

عزيزي القارئ هل أنت معني بهذا الخطاب ؟

وما مدى مسؤوليتك ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى