متلازمة رغيف الخبز / م . عدي جادالله المعايطه
منذ زمن لا بأس به والاحتجاجات على رفع الأسعار في الأردن تدور رحاها ولكن الفوضى في الآراء والتصريحات والأفكار المتركزة في العقل الباطن لدى المواطن بوجود نهج افقار وتجويع من قبل الحكومات تجاه المواطن تجعل من البديهي رفض المواطن لأي قرار برفع الاسعار حاضراً وبقوة ودون اي جهد لمعرفة اسباب الرفع التي اوجبت ذلك . كما ان عدم جدية الحكومة في معالجة كثير من الاختلالات وقضايا شبهات الفساد ضعضعت الثقة بين الشعب والحكومة فصارت كل قرارات الحكومة تفسر مباشرة انها ضد الشعب .
المتتبع لمسار الحكومات المتعاقبة والاحتجاجات الشعبية على رفع الاسعار يرى ان جميع السلع طالها الرفع وفي المقابل رفضت شعبياً مع ان الاولى سارت في طريقها للرفع دون الالتفات للشارع .
الملفت في ذلك ان رفع الاسعار وخلال مسيرة الحكومات لم يطل رغيف الخبز كما ان الاحتجاجات الشعبية كانت في كثير من الاحيان ترفع رغيف الخبز كشعار لتحذير الحكومة من رفعة وهذا واقع لا مجال لإنكاره .
من خلال البحث في موضوع الخبز والطحين في الأردن فهناك العديد من الدراسات التي تهتم في ذلك الموضوع وتبين تلك الدراسات قيام الحكومة بدعم طن الطحين بمبلغ مالي يتراوح ما بين (200 – 260 ) ديناراً اردنياً لكل طن طحين للحفاض على سعر بيع للكيلو الواحد من الخبز ب (16 قرش ) للخبز العربي الكبير ، بينما ينتشر في المخابز ويتجه الناس الى شراء الخبز الصغير المحسن بمقدار (25 قرش للكيلو ) مع التغليف .
من خلال ما اسلفت نرى ان مقدار الدعم الحكومي للطحين يقدر بملايين الدنانير ولست بصدد تقديم ارقام لذلك ولكني اهدف الى ايصال الفكرة العامة للمواطن بمقدار الدعم الحكومي للخبز دون ان يحس المواطن بذلك .
والسؤال الذي يجب ان نطرحه هو هل كل تلك الملايين التي تدفعها الحكومة لدعم الخبز تصل للمواطن ؟
في الحقيقة ان هذا الدعم تشوبه الكثير من الأمور التي تزيد في عجز الميزانية فالطحين المدعوم في الأردن فتح باباً واسعاً لقليلي الضمائر باستغلال هذا الدعم الحكومي الكبير للخبز للتجارة بقوت الأردنيين فيستغلون ذلك ببيع الطحين في السوق السوداء مستغلين الفروقات الكبيرة في الاسعار بين الطحين الحر والمدعوم حيث يقوم بهذا العمل ثلاثة اقطاب رئيسية تنقسم بينها العملية وهي المطاحن وشركات النقل والمخابز وهنا لا اعني الجميع بل هناك نسبة كبيرة تتلاعب بالطحين المدعوم وتبيعة بالسوق السوداء وهذا يعد من اهم الأمور التي تضر بالاقتصاد الوطني وتزيد من عجز الميزانية .
في الحقيقة حاولت الحكومات بشكل مكرر معالجة هذا الوضع من خلال مراقبين على المطاحن وحملات تفتيش على المخابز كما ان حكومة الدكتور الملقي بصدد تركيب نظام تتبع للشركات الناقلة للطحين حسب ما نشر على مواقع اخبارية عدة وهي طريقة جيدة في ضبط جزء من التلاعب في مادة الطحين وتحسب للحكومة ولكنها غير كافية للسيطرة على الموضوع . ففروقات الاسعار التي تصل الى ايدي الجشعين والمتاجرين بقوت الشعب الاردني وهذه الطريقة ستضبط نوعاً ما الشركات الناقلة دون الالتفات للعناصر المتبقية في المعادلة .
اليوم وبدافع وطني بحت فإنني ادعو الشعب الى التحري والبحث عن ذلك مقدماً مقترحاً للنقاش بضرورة رفع الدعم عن الخبز بشرط ان يدفع هذا الفرق لدعم سلع اساسية اخرى كالكهرباء والمحروقات وربما لتخفيض رسوم الجامعات ولو بحثنا عن الأمور التي تلامس حياة المواطن مباشرة وبشكل يومي لوجدناها كثيرة وهي اجدر بالدعم من الخبز الذي طالما ارقنا موضوع رفع سعره دونما نعلم هل يصلنا هذا الدعم ام لا .
ومن الجدير ذكره ان معدل استهلاك الفرد في الاردن للخبز يقدر ب ( 90كيلو غرام ) من الخبز سنوياً ويقدر سعر الكيلو في العادة كما نبتاعه من المخابز ب 25 قرش اي بمعدل 22.5 دينار سنوي للفرد فسيكون الفرق اذا ارتفع الى نصف دينار للكيلو ايضاً 22.5 دينار فلو كانت هذه القيمة قد وجهت باتجاه المحروقات او الكهرباء او اي شيء آخر للمسنا الفرق مباشرة ولوصل الدعم الحقيقي للمواطن .
القصة لا تتعدي ترتيب الأولويات واعادة توزيع الدعم الحاصل فعلياً على ارض الواقع دون ان نلمس ذلك .
ربما انني سأتعرض للنقد على ما اسلفت وربما لأكثر من ذلك لكن علينا ان نعي اننا جزء من هذا الوطن وقناعاتنا وطريقة تفكيرنا يجب ان تكون في مصلحة هذا البلد لأننا نتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية من خلال انماط استهلاكنا للخبز وطرق التعامل معه بما يزيد عن حاجاتنا .