#متاهة #الإصلاح
المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة
ينشغل الرأي العام الأردني هذه الأيام بتسريبات بعض افراد اللجنة الملكية للإصلاح حول ما يدور داخل أروقة اللجنة وما يتوقع لها من مخرجات، هذا الانشغال صرف أو يكاد أن يصرف الشارع الأردني عن مطالبه الحقيقية المتمثلة بإصلاحات دستورية وتشريعية حقيقية تعيد بناء الوطن على أسس الديمقراطية والعدالة وسيادة القانون أولى أولياتها أن الشعب مصدر السلطات التي لطالما خرجت الجماهير مطالبةً بها.
مخرجات هذه اللجنة -عكس ما يُطبَل له- لن تؤسس لبداية تغيير جوهري في الحياة السياسية وإنما ستدخلنا ولربما لعدة عقود قادمة في متاهة الإصلاح، فما هو متوقع في أحسن التقديرات أن يتضمن قانون الانتخاب المنتظر ما نسبته 25% للقوائم الوطنية مع نسبة حسم للأحزاب قد تصل إلى 3% الأمر الذي سيقصيها وسيحرمها من الفوز بالانتخابات، وبذلك لن يكون لهذا القانون أي تأثير على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية مستقبلاً حتى لو افترضنا أن 25% من نواب المحافظات والمناطق سيتم إضافتهم للقوائم الحزبية الفائزة لن يمكّنهم من تشكيل حكومة وطنية ولن يمكّنهم من إقرار تشريعات تحسّن الحياة المعيشية للمواطن وتطور له الحياة والبيئة السياسية في ظل وجود الثلث المعطل المتمثل بمجلس الأعيان المُعيّن، إضافةً لذلك ستتمكن فقط الأحزاب الحكومية التي ستتشكل مستقبلاً لهذه الغاية إضافةً للأحزاب الإسلامية من تخطي نسبة الحسم المتوقعة 3% التي أُتيحت لها الفرصة للعمل بكل حرية على مدار سبعة عقود ماضية وتمكّنت من بناء استثمارات وشبكات اقتصادية خاصة بها مع توفر البيئة العقائدية والفكرية المجتمعية، فكل ما سيتغير هو زيادة عدد جهورية الأصوات المنددة والمنتقدة للسياسات الحكومية وهذا ما ستسغله الطبقة الحاكمة أمام الرأي العام العالمي والدول المانحة بأننا دولة برلمانية… ودولة الديمقراطية والحرية، أما الأحزاب اليسارية والقومية إن لم تدرك واقعها وحالها فإنها ستكون نسياً منسياً، عليها لتدرك حالها مراجعة نسبة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات الاخيرة التي تعكس حال جماهيريتها في الشارع الأردني وتعيد النظر بكل توجهاتها وتحالفاتها، على هذه الأحزاب تشكيل تيار موحد يتبنى برنامجاً وطنيًا يلامس ويحاكي آمال وطموحات وتطلعات الشارع الأردني يضمن تحسين ظروف معيشته وتحسين حياته السياسية وبناء دولة القانون والمؤسسات، فقط بهذه الحالة تستطيع هذه القوى القومية واليسارية تخطي نسبة 3% واستقطاب المزيد من الفعاليات المجتمعية التواقة للحرية والعيش الكريم.
أما قانون الاحزاب المنتظر فعلى كل عاقل أن يدرك أنه مهما أُدخل عليه من تحسينات فإن تركيبة اللجنة ومن تمثلهم “الطبقة الحاكمة” لن تقدم مشروع القانون بما يخدم ويطور البيئة السياسية، وستبقي هذه البيئة رهن توجهاتها ومصالحها وتحت هيمنتها والتحكم بها والانقلاب عليها إن ما شكلت أي تهديد لمصالحها وامتيازاتها مستقبلاً، هذه الطبقة التي حاربت وواجهت وعبثت بالحياة السياسية عبر عقودٍ من الزمن لن تسمح بمحض إرادتها اليوم من تقديم تشريعات تنهض وتحسن البيئة السياسية الأردنية.
ما هو مطلوب اليوم من كافة القوى الوطنية لعدم التيه سنوات وعقود قادمة بلعبة ومتاهة الإصلاح التمسك بالمواقف والمبادئ الوطنية والتوحد خلف برنامج وطني شامل للإصلاح يعيد للشعب حقوقه الدستورية ويكون مصدراً لكافة السلطات، ما هو مطلوب اليوم من قادة الاحزاب التخلي نهائياً عن المصالح الضيقة وخلافات داحس والغبراء والتوافق على الاهداف الوطنية الأردنية العليا التي تخدم الشعب وقضاياه الوطنية والقومية، توقفوا عن خط بيانات النقد والتنديد وهجاء سياسات فشل الحكومات والفساد.. لقد أشبعتموهم سباً وذهبوا وكل صباح يذهبون بالإبل!!! وخطوا بذات الأيدي برنامجًا وطنياً ينقذ البلاد والعباد من هذا التيه!