مبروك… فقد فاز الوطن / د. مفضي المومني

مبروك… فقد فاز الوطن

الحمد لله تم الاتفاق بعد مخاض عسير وبعد اطول إضراب لاكبر تجمع نقابي اردني، اليوم نقول اولا مبروك للوطن، ليس لان المطالب تحققت فقط، بل لأن الإضراب وتداعياته اسست لمرحلة جديدة وعقلية جديدة بين الحاكم والمحكوم، اسست للدولة المدنية التي نريد، ونبتعد عن الدولة الدكتاتورية التي تدار بالهاجس الامني، والتشكيك بالآخر ومشاكل تجر مشاكل وتدمر البلد، يجب ان نتفهم ما معنى الحق بالقانون وان نمارسه وان لا نبقى مرعوبين، في إضراب المعلمين هنالك عدة محطات يجب ان أمر عليها ليس من باب فتح الجراح بل من باب أن التعلم والدروس المستفادة:
1- علينا ان ننسى التابوهات القديمة التي زرعت فينا، فصار منا المنافق والسحيج والكاذب والمرعوب، الوطن بحاجة للوعي وسيادة القانون والحس الوطني، التصفيق للخطأ هو من اوصل شعوبنا إلى الحضيض، الشعوب الحية الكل مسؤول ويحاسب امام القانون، ولكي تصبح دولة مدنية ويسود القانون يجب ان تمارس حريتك بحدود القانون ويجب على الحكومات تقبل ذلك، ومثال ذلك في كندا هنالك إضراب للمعلمين وهي من اكبر الدول بسيادة القانون ولا نرى استنفارا امنيا، فالأمر في الدول المدنية ببساطة، إضراب… مطالب… مفاوضات… اتفاق وينتهي الأمر.
 • 2- كتبت كثيرا بموضوع الإضراب وقلت لو كنت مكان الرزاز واقترحت عدة نقاط واغلبها نفذ البارحة وانهي الإضراب، ولو نفذت من إول يوم لانتهى الاضراب، لكن هنالك اصحاب تابوهات قديمة في الحكومة والأجهزة الامنية يتصرفون وكاننا في عهد الحكم الشمولي والدول الفاشله، ويديرون الأمور المطلبية تحت ظل الهاجس الأمني، وشيطنة الآخر، وما حدث في الشهر الماضي ويوم بداية الأزمة يؤكد ذلك، وأثبتت نقابة المعلمين والمواطنين الذين ساندوها، انهم وطنيون بالفطرة وحريصون على وطنهم ونظامهم، وان ذلك لا يتقاطع مع الأمور المطلبية.
3- افرزت هذه الأزمة مجموعة من السياسكين وكتاب الدعسة الفجائية، وعرتهم امام الوطن، لأنهم اعتقدوا ان التصفيق والتسحيج والتهجم على النقابة وشيطنتها وتلبيسها ابشع الصفات سيقربهم من الحكومة والمناصب والمكاسب، وللأسف بعضهم اساتذة جامعات، يجب ان يدرك هؤلاء أن زمن التسحيج والنفاق قد ولى، وأن ذلك مضر للوطن والأصل ان نقول الحقيقة ونقف في صف الوطن والشعب، وأن لا نقف مع الحكومات على خطأ، لأن ذلك ضرره اكثر من نفعه.
3- الحكومة استخدمت كل الوسائل لإيقاف الإضراب والتأثير عليه ولم تفلح بذلك، لأن النقابة والمعلمين قدموا انفسهم بشكل صحيح، ولم يستطع احد استفزازهم، وأداروا الأزمة بذكاء وعقلانية قل نظيرها، في المقابل كانت الحكومة ووزرائها مرتبكين يقدمون حلولا ركيكة ضعيفة لا تستند للإتفاق او الواقع وكانت تفشل كل مرة، وأعزوا ذلك لعدم امتلاكها الولاية، لأنه عندما امتلكتها تم حل الموضوع بالتفاوض يوم امس!
4- تحية لكل الأهالي والطلبة فقد احتملوا اختلاف الحكومة والنقابة وكانوا في صف الوطن والمعلم وساندوه ولم يمتثلوا لمعالجات الحكومة العقيمة، فلو عاد المعلم مكسورا لصفة فاقرأ على البلد السلام.
5- إضراب المعلمين اهم الدروس المستفادة منه هو عدم تغول اي كان على مؤسسات الدولة، وما رشح كاف أن تعاد الأمور إلى نصابها، فالكل واع لما يتم ويعرف كل شيء وإن سكت قهرا او خوفا فلن يسكت إلى الأبد، يجب أن يحسب الجميع حساب وعي المواطن وغضبته، وسعيه نحو العدالة والشفافية وقطع كل رموز الفساد والإفساد.
6- تحية للحكومة لأنها (لم تركب راسها) وتمضي في الحلول الأمنية (والمجاكرة وفلت بفلت) كما اسلفت في مقالاتي لان ذلك كان سيقودنا الى عصيان مدني لا سمح الله، عمل صوت العقل والولاية التي يجب ان تكون حاضرة دائما، وتم الحل لا غالب ولا مغلوب، واؤكد على ما كتبته سابقا، لم نرد للحكومة ان تنكسر او تهزم مثلما لم نرد للنقابة، وقلنا اجتمعوا تفاوضوا اتفقوا فالوطن هو المنتصر.
7- النقابة كانت بقدر المسؤولية ودافعت عن منتسبيها بقوة واصبحت علامة فارقة في مسيرة الوطن، يجب ان لا تنتشي بالفرحة وأن تركب موجة الإنتصار او تسمح لبعض القوى السياسية الإنتهازية ركوب موجتها كما تفعل دائما، فهذا ما لا نحب ولا نريد، ارفعوا شعار انتصر الوطن لا غالب ولا مغلوب، لأنكم والحكومة كنتم في الأمس تحت مجهر الشعب الأردني ولم نكن لنقبل منكم اقل من ذلك، ان تخرجوا لنا احباب متفقين.
8- المعلمون… كنتم على قدر الثقة بكم… اعتذرت لكم في مقالي بالأمس اننا لم نجعلكم ايقونتنا… .واليوم اقول لكم بهذا الإتفاق اصبحتم ايقونة الوطن، كونوا على قدر رسالتكم طوروا انفسكم وأدواتكم وأساليبكم في التدريس، قدموا خلاصة فكركم ، انتم صناع الإنسان وسر رفعته وتقدمه فكونوا على قدر ثقة اهلكم بكم.
9- الطلبة ابنائنا… اعذرونا فقد تحملتم الجلوس في البيت وأقرانكم في المدارس الخاصة مداومون، نعرف الأثر النفسي لذلك ولكن اعذرونا… الوطن في مسيرته نحو التطور يدخل بمخاضات نتأثر بها، لا تتعلموا منا السلبيات… نعدكم بالأفضل دائما جميعا، جدوا واجتهدوا ولكم الحب والقلب.
هي دروس مستفادة لنا جميعا، نريد لبلدنا أن يكون الأفضل، نريد لحكوماتنا ان تكون منا ولنا وليس علينا، نريد من كل فاسد ومفسد أن يرجع ويتوب، في نهاية الحياة لن تأخذ معك شيء ، الحرام يفنى هو واهله ولو بعد حين فلا تغرنك السلطة، نحب الأردن ونحب أن نعيش فيه بعز وكرامة، ويجب ان نبتعد عن جلد الذات، بلدنا فيه الخير ولا ينقصنا إلا أن نثابر ونعمل حتى تعم السعادة الجميع… .حمى الله الأردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى