مبارك للمستثمرين والعزاء للوطن

مبارك للمستثمرين والعزاء للوطن
ا د عبدالله عزام الجراح

من المعروف ان انشاء جامعة يحتاج الى الكثير من المال والقوة، ومن المعروف أيضا ان صاحب المال لا يضع ماله في اَي مشروع استثماري الا بعد دراسات جدوى مالية دقيقة ، حتى يتأكد صاحب المال ان فلسه سيعود عليه بدينار او ربما اكثر. العلاقة بين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تتاثر وتؤثر في بعضها البعض، فمن المعروف كذلك ان تواضع الأوضاع الاقتصادية للأفراد والدول يقلل من السلوك الاستهلاكي االمترف ويهذب سلوك الأفراد . اما في الاْردن فالقاعدة مختلفة فعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتواضعة فان موضوع التعليم يشكل أولوية لكثير الأسر ويبدو الإنفاق في التعليم الإنفاق الأعلى والإنفاق المبرر والمقبول عند شريحة واسعة من الأردنيين . سقت هذه المقدمة لأحاول ان افهم وأفسر تقدم أصحاب أموال بطلب انشاء ثلاث جامعات طبية وموافقة وزارة التعليم العالي على هذه الطلبات في قرار واحد. من المعلوم ان لدينا في الاْردن ست كليات طب في الجامعات الأردنية تخرج سنويا حوالي ١٥٠٠ طبيب، إضافة الى الخريجين من جامعات غير أردنية ، وقد يرتفع العدد الى سبع كليات بعد اعلان جامعة ال البيت نيتها فتح كلية طب فيها، كما ويتوقع ان تلحقها جامعات أخرى قريبا. الجامعات الأردنية ومعها الجامعات الطبية الجديدة ستتسابق قريبا في فتح أبواب القبول أمام الطلبة ليحققوا احلامهم( أوهامهم) وأحلام ذويهم بدراسة الطب. وبنظرة سريعة في أعداد الطلبة الذين حصلوا على معدل ٨٥٪؜ فاكثر في امتحان الثانوية العامة الماضي نجد ان العدد يقدر بحوالي ٢٢٧٦٧ وهذا الرقم سيكون مرشحا لدراسة الطب من حيث المبدأ في الاْردن سواء على نظام القبول الموحد او الصباحي او البرنامج الموازي. وهذا الرقم أيضا مرشح للزيادة في الأعوام القليلة القادمة. هذا الرقم سيكون الشغل الشاغل للجامعات والتي ستزيد من أعداد الطلبة المقبولين في كليات الطب تحديدًا وخاصة في برنامج الموازي والذي كما يعلم الجميع عليه من الملاحظات ما عليه وأنه في نظر الكثير غير مقبول من الناحية الأخلاقية . سيقول المدافعون عن الفكرة ان هناك تعليمات وضوابط وقواعد ستلتزم بها الجامعات وستراقبها وزارة التعليم العالي وهيئة الاعتماد ، وأقول ان الواقع اثبت ان هذه التعليمات ستذهب ادراج الرياح قريبا وان الجامعات الخاصة والحكومية ستتسابق في زيادة أعداد المقبولين في كليات الطب بحجج كثيرة منها؛ ان هذه الكليات تدر مالًا على الجامعات وان الموظفين يستفيدون من عوائد الموازي أبضا. الواقع كما اشرت بقول ان الكليات ستتنافس في قبول الطلبة وعلى حساب جودة المنتج النهائي ( الطبيب) . ومن المؤكد كذلك ان البطالة سترتفع أيضا مع ان المستثمرين في القطاع العام والخاص سيحققون أرباحا كثيرة، فمبارك للمستثمرين والعزاء للوطن.
جامعة مؤتة- كلية التربية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى