ما لا تعلمه عن فيلم The Revenant / صور

سواليف

ما لا تعلمه عن فيلم The Revenant
1- كل المشاهد تم تصويرها بضوء طبيعي!

“نعم يا سيدي قمنا بالتصوير بضوء طبيعي, أنا لا أفهم لم يتعجب الناس من هذا؟
هل استخدام الشيء الطبيعي في هذه الأيام أصبح أمرا استثنائيا!, لمَ تتعجبون حينما أخبركم أننا ذهبنا للتصوير في مواقع طبيعية؟! هل ستتعجبون لو أمسكت تفاحة وأكلتها وأخبرتكم أنها طبيعية ولم يتم معالجتها وراثيا أو العبث بها؟! هل استخدام الأشياء المصطنعة أصبح هو الأصل في هذا الزمان؟! أنا لا أفهمكم حقاً!”
كان هذا هو رد إيناريتو بعد أسئلة الصحفيين المتكررة حول اختياراته في الإضاءة والتصوير إيناريتو صرح في مقابلات أخرى أن التصوير كان يتم وفقط لمدة ساعة ونصف يوميا حتى يستطيع مدير التصوير المبدع “إيمانويل لوبزكي” أن يؤدي عمله بشكل جيد, كان كل الممثلين وفريق العمل يحفظون أدوراهم ويتدربون عليها مسبقا حتى يأتي الموعد المحدد في كل يوم لينطلق التصوير في ساعة ونصف متواصلة ثم يتوقف. ” كان الأمر أشبه بعرض مسرحي كل يوم “كما قال ديكابريو في أحد اللقاءات.

2- كل هذا الجحيم كان من أجل قبعات نسائية!

في أحد المشاهد في بداية الفيلم أنت ترى مجموعة من الرجال البيض في أحد مناطق القارة الامريكية يحاولون جمع جلود الفرائس التي اصطادوها قبل أن يهجم عليهم مجموعة من السكان الأصليين لتتحول الدقائق المقبلة لمعركة شرسة ينتج عنها قتلى في كل مكان. لمَ أتى هؤلاء الرجال إلى هذا الجحيم أصلا؟
في تلك الفترة -أوائل القرن التاسع عشر- كانت النساء في أوروبا وخاصة في لندن يحبون ارتداء قبعات أنيقة من الجلود والصوف، وكانت الجلود الخاصة بحيوان واحد يمكن أن تُباع بمائتي دولار, في ذلك الوقت كان العمال والكادحين في أوربا لا تتجاوز رواتبهم العشرين دولارا شهريا, لذا فقد اندفعوا إلى هذه الأرض الجديدة, قتلوا آلاف الحيوانات وقطعوا ملايين الأشجار وأبادوا شعبا من السكان الأصليين, فقط من أجل أن ترتدي النساء في لندن القبعات التي يحبونها!

3- الفيلم لم يكن حول الانتقام!

في حقيقة الأمر لم يكن هناك وجود في القصة الأصلية لابن “هيو جلاس” الذي قتله “فيتزجرالد” في الفيلم ليظل محور الفيلم للجمهور هو انتقام

هيو جلاس ممن قتل ابنه. صنع إيناريتو وفريقه هذه العلاقة فقط لخدمة الهدف الرئيسي للفيلم. يقول “مارك سميث” الذي شارك إيناريتو في كتابة السيناريو:

“لم نكن نصنع فيلما عن الانتقام, كنا نصنع فيلما عن البشر والطبيعة أو بمعنى أصح كنا نصنع فيلما عن الذين يحاولون النجاة وسط كل هذا العنف وكل هذا الجمال, الرجال البيض الفقراء الذين قد يضحون بحياتهم من أجل بضعة دولارات, والسكان الأصليين من تُسرق أرضهم ويحاولون النجاة بحياتهم أمام أسلحة لم يروها من قبل, وبطل فيلمنا “هيو جلاس” لم يكن سوى أحد هؤلاء.
ليوناردوا ديكابريو صرح أثناء تصوير الفيلم أنه شعر في بعض الأحيان أنه يصور فيلما وثائقيا. أنا أراه هكذا! فيلما شبه وثائقي عن صراع الإنسان والطبيعة بكل ما فيها من ثلوج وأنهار وشلالات وحيوانات ودببة وبشر أيضا.

4- مشهد الدب تم بمساعدة حصان!

من الممكن أن أكون شاهدت مشاهد سينمائية عديدة لحيوانات تهاجم بشرا ولكنني لم أشاهد مشهدا بمثل هذه المصداقية من قبل، فالمشهد الذي أثار حديث الجميع قبل حتى مشاهدة الفيلم هو أحد المشاهد القليلة التي تم استخدام المؤثرات البصرية فيها في هذا العمل ولذا اهتم إيناريتو به بشكل خاص.

المشهد تم تصويره بعد دراسة طريقة هجوم الدببة على البشر من فيديوهات حقيقية عديدة. “الأمر أشبه بقطة تلهو بفأر أمسكته “كما قال منفذ المجازفات “إيلين إنس”, محاولة البطل للتظاهر بالموت في منتصف اعتداء الدب عليه كانت نصيحة حقيقية ل”راى ميرز” خبير النجاة المتخصص في حالات الهجوم البرية على البشر. المشهد تم تصويره بدون كلمات بالطبع لذا فقد كان على منفذيه الاستعانة بأصوات دببه مسجلة, ولكن حينما أصيب الدب بطلق ناري لم يجدوا تسجيلا متاحا لصوت تنفس دب مصاب, لذلك استعانوا بتسجيل لصوت تنفس حصان مُصاب, بالطبع تمت معالجة هذا الصوت ليظهر في النهاية في المشهد كما رأيناه.

5- الفيلم تم تصويره في كندا ثم توقف ليُستكمل في الأرجنتين!

استغرق تصوير الفيلم تسعة أشهر بدأها فريق العمل في كندا حتى تغير المناخ في مواقع التصوير وتوقف الجليد وانتهى فصل الشتاء بشكل غير متوقع فاضطر فريق العمل إلى إيقاف التصوير حتى وجدوا ضالتهم في مواقع أخرى للتصوير بالأرجنتين. يقول ليوناردو ديكابريو بطل العمل عن هذا ما يلي:

“حينما ننظر إلى ما فعلنا في الطبيعة في أمريكا في أول موجات الرأسمالية سنرى كم كنا جهلة. قتلنا الحيوانات وأبدنا السكان الأصليين واعتقدنا أنه يمكننا أن نصنع ما يحلو لنا دون أن يختل شيء. هذا ما فعله الإنسان حينها وهذا ما استمر في فعله وفي كل مكان في العالم حتى اليوم. وها نحن الآن مجموعة من الفنانين نذهب لنصنع فيلما عن الطبيعة ونحدث أنفسنا “هيا بنا لنرى ما يمكن أن تخبرنا به الطبيعة”

وها هو الرد يأتي واضحا. ” تبا لكم”, يجب أن نتوقف عن ما نفعله بالطبيعة. المناخ يتغير بشكل غير مسبوق في كلا الجانبين. لم نجد الجليد في جانب وفى جانب آخر شهدنا أجواء أخبرنا السكان المحليين في الأرجنتين أنهم لم يشهدوها أبدا من قبل. عام 2015 كان العام الأسوأ, والأجيال القادمة لن تسامحنا عن ما فعلناه بالأرض”.

6- الحوار كان قليلا, السرد كان عن طريق الصورة, هذا أجمل ما في الفيلم!

“من منا يحتاج للكلمات, نحن نملك وجوها”. تذكرت هذه الجملة بعد الانتقاد الواضح الذي تم توجيهه للفيلم خصوصا في المنطقة العربية بعد أن فوجئ الجمهور أن بطل الفيلم لم يتحدث طوال مدة الفيلم التي قاربت الثلاث ساعات سوى في مرات معدودة, وأنا هنا أجد نفسي مجبرا على سؤال أصحاب هذا الانتقاد. هل هذا معناه أنكم ترون أن كل ممثلي السينما الصامتة سيئين؟! هل ترون كل المشاهد الصامتة بلا قصة؟! هل كان من الطبيعي أن يتحدث ديكابريو مع الدب الذي يصارعه مثلا؟! أم كان من المفترض أن يتوقف وسط رحلته وسط الثلوج والشلالات ليتحدث مع الفراغ؟!. هذه النقطة مرتبطة بشكل واضح بالنقاط السابقة التي تحدثنا فيها عن أن الفيلم في الأصل هو عن الإنسان والطبيعة وهو مخلص لذلك كل الإخلاص, بدايةً باستخدام الضوء الطبيعي والتصوير في مواقع طبيعية, ونهايةً بالسرد عن طريق الصورة لا عن طريق حوار مفتعل لا حاجة له.

يمكنك مشاهدة الفيلم مرة أخرى والاستمتاع بكادرات مدير التصوير المبدع إيمانويل لوبزكي الذي صنع معادلة صعبة حينما جمع في كادراته بين الحميمية مع الشخصيات والخلفية الطبيعية الساحرة, حميميه شديدة تجعلك مشاركا لكل ما شعر به البطل من ألم, وكادرات واسعة تجعلك مستمتعا بما تراه من مناظر طبيعية ربما من الصعب جدا أن تراها في حياتك. فالسرد عن طريق الصورة أتاح لنا المشاركة في القصة, كما أتاح لنا الاستمتاع بشريط الصوت, كما أتاح لديكابريو أن يصنع أداءً عظيما من الصعب أن يُكرر.

فيديو يوضح طريقة السرد بالصورة في الفيلم:

7- الفيلم عن قصة تم تحويلها لفيلم سابق في عام 1971!

القصة الحقيقية للرحالة الأمريكي هيو جلاس الذي هاجمه دب فظن رفاقه أنه مات وتركوه ودفنوه وبعدها عاد حيا لينتقم. تم تحويلها لرواية حملت اسم the revenant وصدرت في عام 2002 وهذه الرواية هى التى تم شراء حقوقها وتحويلها لفيلم بنفس الاسم من إخراج أليخاندروا إيناريتو وبطولة ليوناردو ديكابريو وتوم هاردي. ولكن ما لا يعلمه الجميع أن القصة ذاتها قد تم تحويلها لفيلم في عام 1971 حمل اسم Man in the wilderness وقام ببطولته ريتشارد هاريس, ربما لو شاهدت الإعلان الخاص بالفيلم ستجد تطابقا كاملا بين مشاهد الفيلمين.

الفارق طبعا في رؤية إيناريتو وفريقه للقصة هذه المرة, كما قلنا مسبقا. الانتقام ليس هو محور القصة.
ربما لو وددت أن ترى فيلما مثيرا عن العودة من الموت والانتقام ستجد ضالتك في نسخة السبعينات!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى