سواليف
عاد #مهرجان #الجونة السينمائي، الذي يقام بمنتجع الجونة بمصر على ساحل البحر الأحمر، إلى الواجهة بعد أيام من الانتقادات لإدارة المهرجان، لكن هذه المرة ليس بسبب عروض “الأزياء” التي وصفها البعض بـ”المخلة”، إنما بعد عرض #فيلم رأى فيه البعض “إساءة لمصر”.
وانسحب عدد من الممثلين المصريين خلال عرض الفيلم المصري ” #ريش “، الذي قدم مشاهد مختلفة للفقر في #مصر، وجاء بصبغة اجتماعية لا سياسية، بدعوى أن الفيلم يقدم صورة مسيئة لمصر، ولا يقدر الجهود التي تقوم بها الدولة لتحسين مستوى معيشة الفقراء.
والفيلم هو أول فيلم مصري يحصل على الجائزة الكبرى لمسابقة أسبوع النقاد بمهرجان (كان) السينمائي الدولي، وتدور أحداثه في إطار خيالي عن اختفاء الأب في ليلة عيد ميلاد الابن الأصغر، بعد أن حوّله ساحر إلى دجاجة، وفشلت كل المحاولات في إعادته إلى طبيعته.
ومن هنا تجد الزوجة والأم نفسها في ورطة حقيقية، وأن عليها أن تقوم بشؤون الأسرة، وتدبر احتياجاتها من طعام وشراب ومال، وفي كل يوم تزداد المعاناة في أجواء من الفقر والحرمان والاستغلال في ظل استمرار غياب الأب والمعيل.
في أول رد فعل من إدارة مهرجان الجونة، أصدرت بيانا ، دافعت فيه عن عرض الفيلم، وقالت إن “اختيار فيلم “ريش” للمخرج المصري عمر الزهيري، جاء متسقا مع معايير اختيار الأفلام، وذلك بناء على ما حققه من نجاحات في بعض المحافل الدولية”.
وأضاف البيان “أن الفيلم أول فيلم مصري يحصل على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي في أكبر المهرجانات العالمية مهرجان “كان”، كما حصل بالأمس القريب على الجائزة الكبرى لمهرجان “بينجياو” في الصين، كما تم اختياره ليعرض في أيام “قرطاج” السينمائية في دورتها القادمة”.
“مزايدة وطنية”
اعتبر الفنان المصري، هشام عبد الله، هجوم بعض الفنانين على الفيلم “مزايدة غير واعية، وفاقدة للثقافة ومفهوم الرسالة الفنية التي تقوم على الواقع وليس العالم الافتراضي، وتدخل الدولة في الفن والإبداع يفقده رسالته التي تتمثل في طرح قضايا الناس والمجتمع، وتسليط الضوء على السلبيات لتلافيها، وفي المقابل تسليط الضوء على الإيجابيات لترسيخها”.
وأضاف : أن “الفن جزء من تربية وجدان الشعب لترسيخ القيم، لكن ما نشاهده من هجوم على الأعمال الفنية القيمة، ووصفها بأن “خلقها ضيق”، في إشارة إلى انتقاد الفنان أحمد السقا للأعمال السينمائية في فترة ازدهارها، ينم عن ضيق أفق ومزايدة رخيصة، ماذا قدمت سينما البلطجة والعري غير نشر المفاسد وهدم القيم”.
وأشاد عبد الله بالفيلم، قائلا: “العمل الفني قدم محتوى يعكس جزءا مهما من الواقع المرير، وحصد للمرة الأولى في تاريخ السينما المصرية جائزة مرموقة، لكن بما أن الفن والإعلام أصبح في يد الدولة، كان لزاما أن يقوم بعض الفنانين بالتطبيل من أجل حجز مقاعد لهم في طابور العمل الفني مع شركات الإنتاج، وهؤلاء ليسوا فنانين، وما يقدموه ليس بفن، ومهرجان الجونة لا يمثل إلا نفسه، وهو قائم على العري ونشر الرذائل”.
واختتم حديثه بالقول: “هؤلاء الفنانون كمهرجي السلطان يبحثون عن الشهرة على حساب قيم المجتمع المصري، والفيلم لم يعرض إلا جانبا من حديث رئيسهم السيسي “احنا فقرا أوي”، و”يعمل إيه التعليم في بلد ضايع”، و”احنا شبه دولة”، لماذا لم يهاجموه ويعتبروا حديثه إساءة لدولة مثل مصر؟
المخرجة السينمائية الشهيرة، كاملة أبو ذكرى، تضامنت مع المخرج الشاب، وأشادت بمستوى العمل الفني، ووصفت منتقديه من الفنانين بالمنافقين والمتملقين، وقالت في منشور لها على صفحتها فيسبوك: “عيب عليكم كفاية نفاق ومزايدة باسم الوطن”.
الصوت المعاكس
من جهته؛ قال المخرج المصري، إسلام عاصي: “الفن هو مرآة الشعوب، رفض من رفض وأبى من أبى؛ فهو انعكاس لما تعيشه الشعوب.. هل ينكر أحد أن مصر تعاني من الفقر، هذه حقيقة لا نستطيع إنكارها.. الفقراء في مصر شريحة عريضة يتجاوز عددها 30 مليون، يحتاجون من يعبر عنهم ويتحدث عنهم، الأفلام الواقعية التي تعكس حال المجتمعات أصبحت الأولوية في المهرجانات والجوائز؛ لأنها نابعة عن صدق ومعايشة”.
وفي تفسيره لانسحاب عدد من الفنانين من قاعة عرض الفيلم، : “لا أرى تفسيرا لانسحاب بعض الفنانين، إلا أنه تذكرة مجانية لتأييد النظام في مصر، ونوع من أنواع تقديم القرابين للدولة وسياستها ضد أي صوت يعكس الواقع، وفكرة الانسحاب بدعوى أن الفيلم يسيء للدولة المصرية أمر غريب، وكأن إظهار معاناة فئة تمثل 30 بالمئة من الشعب المصري هو إهانة للدولة”.
ورأى عاصي أن “مصر لم تعش هذا الاحتكار الفني من قبل حتى في أعتى عهود فساد الأنظمة السابقة، حيث أنتجت العديد من الأفلام، مثل فيلم الكرنك في عهد عبد الناصر، وهي فوضى في عهد مبارك، ما يحدث هو أن شركة واحدة تنتج وتسوق، وهي تابعة للدولة، حتى الشركات الأخرى لا تستطيع الإنتاج إلا قبل موافقة الشركة المحتكرة.
وأخيرا، فإن استمرار حالة احتكار الإنتاج في بلد بحجم مصر ومكانتها الفنية الكبيرة، بحسب المخرج المصري، هو ما يسيء للدولة وليس مجرد فيلم يتحدث عن الفقر ، وهو ما يجب أن يقف الفنانين ضده وينسحبوا من المشهد الهزلي الواقع في بلد الفن مصر”.