
ما قبل وما بعد
ابراهيم عجوة
أصبح التأريخ بالأحداث موضة، يمارسها كل حسب رغبته ليكسب الحدث اهمية تليق باستنتاجاته المنحازة سواء سياسيا او ايديولوجيا.
ما قبل كورونا عالم متصل ومتشابك ومتخم بمتطلبات الثورة الصناعية الرابعة من ضرورات تغيير، ومن أخطار قد يكون اقلها جائحة وبائية مثل كورونا.
فهناك قائمة من المخاطر العالمية يتم نشرها كل عام من البيئة، للمناخ، للأمن السيبراني، للتنمية والمساواة والفقر والقائمة تطول.
كورونا وباء ليست خصائصه وحدها من جعله بهذا التأثير، بل كثافات المدن وكثافات الحركة والنقل وتراجعات التوازن البيئي، والتغير المناخي عوامل لا تقل تأثيرا.
كورونا ليس هو من يحدد معالم القادم، والأوبئة لم تصنع تواريخا ولم تكن محطات على خط الزمن الا بمقدار ما عرت أو أظهرت ضرورات قائمة.
قد تساهم جائحة كورونا في تغيير هنا او هناك، لكن لن ينجو منها من لم يقرأها بوصفها دقة على الجدار تنادي بضرورة العولمة القائمة على ثورة وسائل الانتاج، وتحذير من جوائح كثيرة قد يكون اقلها الوبائيات.
الاقتصاد العالمي سيتأثر، وستنهار الكثير من الاقتصادات والنماذج الاقتصادية، لكن لن ينجو منها من لم يقرأ ضرورة التحول للاقتصاد التشاركي القائم على كثافة الانتاج في المصانع الذكية والزراعة المائية الذكية.
العالم على الارجح سيترنح، فإما ان يمسك بقارب الثورة الصناعية الرابعة، او يكون عمق المحيط مصيره.
كثير من الامبراطوريات سقطت بمفاعيل الثورات الصناعية ودفع العالم ملايين الضحايا من الصراع بين الماضي المتداعي والمستقبل المولود من رحمه.
لن تنتهي جائحة كورونا لكنها في شهور ستنتهي كجائحة، وسيعود العالم للتعافي، كما سبق وتعافى من حربين عالميتين استمرتا سنوات وطحنتا الملايين من البشر ودمرتا اهم عواصم العالم.
الكورونا سيبقى، والاصابات أكثر من المعلن، والمصابون الذين لم تظهر عليهم اعراض ونجوا من خلال مناعتهم تجولوا وما زالوا وسيبقون يتجولون وينقلون المرض بينما العيون مسلطة على من وصل الى ضرورة الاستشفاء، او من ظهرت عليه الاعراض.
هذه ملاحظة عابرة وخارج السياق. لا يقل عنها ضجيجا موضوع الانهيارات الاقتصادية، كلها تغميس خارج الواقع الذي لا يسمن ولا يغني من جائحة.