ما فيش أُردنيين مسخّمين ! / م . عبدالكريم أبو زنيمه

ما فيش أُردنيين مسخّمين !

مِن سخرية الأقدار أن يُصبح الأُردنيون مثارَ جدلٍ لوصفِ حقيقةِ حالهم ! هل هُم مسخمين أم لا ! هل هُم فُقراء ! هل هم جياع أم مُشردين..هؤلاءِ الأردنيين الشُّم الميامين كيف كانوا وكيف أصبحوا ! فحالهم اليوم يمكن وصفه بجميعِ المُرادفات التي تُعبر عن ضنك العيش والبؤس والشَّقاء ، بفضلِ السياسات المشبوهة التي مارستها وتمارسها حكومات غريبة الجذور وغربية الإنتماء و الهوى !
قد كان إستشهاد الزعيم القوميّ وصفي التَّل – رحمهُ الله – نُقطة تحول في تاريخ الأُردن وفي تاريخ حال المواطن الأُردنيّ ، لذا فإنَّ تاريخ الأُردن حَريٌّ بهِ أن يُقسم إلى مرحلتين : مرحلة ما قبل وصفي ومرحلة ما بعده ، فمنذُ تأسيس الإمارة وحتى مَطلع ستينيات القرنِ الماضي كان النَّهج السياسي وطني تشاوري وكان للبرلمان الأُردني سُلطةً دستورية تُملي إرادتها والتي كانت نتائجها نَهج دستوري وطني وسياسات تَصبُ في مصلحةِ الوطنِ والمواطن ، وكان يتربع على سلطة إدارة البلاد زُعماء وطنيون أُردنيو الهُويَّة والجذور والانتماء والولاء والعشقِ والهوى ، إستمر هذا الحال حتى مطلع السبعينيات واستشهاد الزَّعيم وصفي التل ، كانَ هُناك زُعماء وطنيون في طولِ البِلاد وعرضها هَمّهم الوحيد بناء الوطن وكرامة المواطن ، كانوا يقولونَ (لا) للباطل…ويتصدونَ للمؤامراتِ ولكُل ما..ومن.. يمسُ بالسيادةِ الوطنية… ماتوا شُرفاء وأكثريتهم مدينونَ بالأموالِ لغيرهِم ، ولكنهم لا زالوا وللأبد مُخلَّدين في ضميرِ الأُردنيينَ ووجدانهم .
مع بدايةِ السبعينيات وتدفُق رؤوسِ الأموالِ النِّفطية وفي أوجِ مَرحلة الأحكامِ العُرفية، نَمَت طبقة هيمنت على المناصبِ الإدارية في ظلِّ غيابٍ كامل للرقابةِ الرَّسمية والشعبية ، فيما بعد أحكمت هذه الطبقة قَبْضتها على كُلِّ مفاصل الدولة وتزامن ذلك مع بدايةِ الإعلان والترويج لمشاريع التَّصالح والسلام والتَّبشير بالغنى والثراء ورغد العيش مع الكيانِ الصهيونيّ ، وبذلكَ أصبحَ هناك ترابط مصالح بينها وبين المشاريع الصهيوأمريكية ،هذه الطبقة الغريبة عن الجغرافيا الأردنية والتي لا تعرفُ فيهِ إلا النوادي والفنادق والراحة والاستجمام لم تُفكر يوماً لا بالمصالح الوطنية ولا بالمواطن ، فهمُها الرئيس هوَ مصالحها الخاصة المتمثلةِ بنهبِ المال العام وإفساد منظومة القيَّم المُجتمعية وتنفيذ الاملاءات الصهيونية ، وبذلكَ حوَّلتِ المواطن من مواطن مُنتج إلى مستهلك ثم إلى مستجدي وأخيراً إلى مسخّم !!! ولذلكَ نحنُ شعب مسخّم وقُطعان غنم كما وصفنا أحدهم ! فماذا أبقيتم لنا لنعتز ونفتخر به ؟ لكننا نقولها لكم أننا لا زلنا وسنبقى نتغنى بهزَّاع وحابس ووصفي بسهراتنا وأفراحنا ونرفع هاماتنا على ذكراهم .. نصبر ونصبر ونأبى الضيمَ والهوان ..عليكم أن تفهموها جيداً ، وهُنا نستذكر مقاطع مما قاله الشاعر حيدر محمود :
عفا الصفا..وأنتفى
يا مصطفى..وعلت..ظهور المطايا شرّ فرسان
فلا تلم شعبك المقهور
ان وقعت عيناك فيه..على مليون سكران
قد حكّموا فيه أفاقين ما وقفوا..يوما
بأربد أو طافوا بشيحان
ولا بوادي الشتا ناموا
ولا شربوا من ماء راحوب…أو هاموا بحسبان
فأمعنوا فيه تشليحاً
وبهدلة ولم يقل أحدٌ
كاني … ولا ماني
ومن يقول !..وكل الناطقين مضوا ولم يعد في بلادي
…غير خرسان
وأخيراً..نردد في هذا الزمن الرديء ما قاله أحد شعراء البادية بعد أن سائهُ حالنا:
هذا زمان الذل والعار للذيب
والصيت لابن الكلب والشور للثور … !
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى