ما بين اعتذار الرئيس و استقالة الوزير / المحامي محمد مروان التل

ما بين اعتذار الرئيس و استقالة الوزير

المحامي محمد مروان التل

شهدت المملكة الاردنية الهاشمية فصلا جديدا من فصول الديمقراطية الراسخة في مسيرتها ، و قامت بأجراء استحقاق الانتخابات النيابية ضمن الأطر الزمانية و المحددات الدستورية بنزاهة و كفاءة عاليتين ، في ظل ظرف استثنائي يتمثل بجائحة كورونا ، لكن بعض الخروقات التي خرجت من قلة قليلة و تمثلت بمخالفة اوامر الدفاع الهادفة للحفاظ على سلامة و صحة المجتمع نالت من مستوى التقدير الرفيع الذي تحقق بإجراء الانتخابات بمثل هذه الظروف .

هذه الخروقات القت بظلالها على حكومة الدكتور بشر الخصاونة المشكلة حديثا و أبرزت نهجا جديدا مُتبنى في عمل المؤسسة الحكومية ، فالاردنيون لم يعتادوا على سماع الإعتذارات من الحكومة و أن كانت على اخطاء مُرتكبة منها ، فكيف اذا كان الامر متعلق بمخالفات لم تصدر عنها ، إنما لم تنجح الحكومة بالسيطرة عليها، لقد كان اعتذار رئيس الوزراء الذي قدمه بشكل مباشر خلال مؤتمر صحفي و وجهه للغالبية من المواطنين الذين التزموا بالقانون سابقة حميدة في تاريخ العمل الحكومي و يحمل بطياته دلالات تحولٍ دراماتيكي عنوانه “الحكومة خادمة لا سيده للشعب “.

مقالات ذات صلة

أما المشهد الاخر الذي افرزته الانتخابات النيابية كان استقالة وزير الداخلية الجنرال “توفيق الحلالمة” بسبب التجاوزات التي حدثت عُقب اعلان نتائج الانتخابات النيابية و عدم قدرة الاجهزة الامنية عل احتوائها رغم اتخاذ الاجراءات الاستباقية لذلك ، هذه الاستقالة و التي تعد تطبيقا لمبدأ اقتران السلطة بالمسؤولية ليست غريبة على العمل الحكومي فالاردن ، فلقد تحمل عدد من وزراء الحكومة السابقة مسؤولياتهم الاخلاقية و قدموا استقالاتهم بعد حادثة غرق اطفال البحر الميت بالسيول -تغمدهم الله برحمته- ، و قدموا استقالاتهم ، لكن الغريب في استقالة الحلالمة انها جاءت بدون مطالبات شعبية، ولم يتخذ الرئيس ولا وزير داخليته من حداثة عمر الحكومة ذريعة لدفع المسؤولية عنهم، بل انفذوا مبدأ جرت الحكومات السابقة على عدم تبنيه، ألا وهو (المسؤولية المستمرة والمتعاقبة) لعمل الحكومات، وتحمل الرئيس ووزير داخليته مسؤولية التقصير السابق والمتراكم بخصوص ملف السلاح الغير مرخص، كما ان تلقائية و سرعة الاستقالة تجعل المتابع يخال انه لا مجال للخطأ .

يبدو ان حكومة الدكتور الخصاونة لم تخالف المألوف من حيث اشخاص اعضاءها فحسب ، بل انها تبتكر طرق جديده للعمل مستفيدا من التجارب السابقة ، منتهجة نهج المكاشفة الصريحة ، و تحمل المسؤلية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى