سعيد ذياب سليم
يقف بلينكن أمام الكاميرات في تل أبيب يخاطب وسائل الإعلام المختلفة بطريقة سوبرمان الأمريكي واضعا قناع الحرب ليصب في كأس إسرائيل ترياق الثقة بالنفس بعد أن اندلق في عملية طوفان الأقصى.
هل جاء مراقبا ، ناصحا أم مشرفا على المعركة؟ بعد ذلك بقليل تنقض طائرات درون الإسرائيلية والتي تملأ سماء غزة على قافلة من سيارات الإسعاف تحمل جرحى باتجاه معبر رفح فتعيدها إلى مستشفى الشفاء ثم لتنقض مرة أخرى على بوابة المستشفى لتوقع مزيدا من الشهداء و الجرحى بين المدنيين في مشهد مروّع ترى وتسمع بين الصراخ و العويل بعض من يموت أمام الكاميرا و من يلقنه الشهادتين مشهد يجعل أعتى الرجال يجهشون بالبكاء من هول الصدمة.
لايزالون منذ عام ١٩٤٨يقتلون الأطفال و يبقرون بطون النساء الحوامل ويرتكبون كل وسائل الإجرام التي يندى لها جبين الإنسانية.
بدأ ذلك بمجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية الهاجانة و الإرجون و شتيرن، قاموا بها في قرى دير ياسين و الطنطورة و غيرها يدفعون بها أصحاب الأرض إلى تركها في سياسة لازالت هي الوسيلة المستخدمة منذ النكبة مرورا بالنكسة و لن تنتهي بحرب غزة الأخيرة.
التهجير مسلسل مستمرة حلقاته لتفريغ الأرض من أهلها وتوطين شراذم يهود العالم مكانهم. في بداية الحرب كان الحديث عن تهجير سكان القطاع و دفعهم إلى سيناء وجاء “سانتا كلوز” إلى المنطقة قبل موسم الأعياد حاملا كيس نقوده لكنه لم ينجح في عقد صفقة مناسبة مع المصريين وبموقف الأردن الرافض للتهجير لم يعد أمام إسرائيل إلا أن يلقوا صواريخهم و قنابلهم فوق رؤوس المدنيين القاطنين في مخيمات القطاع يدفعون بهم إلى الجنوب كخطوة أولى لكنهم مازالوا صامدين رغم الحصار و سياسة التجويع وسياسة الإبادة و الترويع التي يمارسها جيش العدوان الإسرائيلي.
لن يجد سانتا أطفالا في غزة بعد اليوم و إن وجد فسيكون حقيرا إذا أهداهم كرات قدم وهم بلا أطراف.
لم تنته الحرب بعد ولم نُحِط بكافة النتائج إلا أن سيناريوهات عدة وضعت لغزة بعد الحرب و لا أقول بعد حماس.
من الواضح أن إسرائيل تسعى لأن يكون القطاع بلا حماس و بلا فلسطينييه فهي تقوم بإبادة جماعية في مجزرة ليس لها مثيل في التاريخ تنقض على المدارس و المستشفيات و دور العبادة وتسرق من الأم أطفالها و تفرض على العالم قانون القوة و الغطرسة وليس لديها خطة معلنة لما بعد.
و أما واشنطن فيعرض رجالها خطط مختلفة يتكهنون فيها ماذا سيحدث لو عُزلت حماس ، هل ستتولى إدارتها دول المنطقة بتعاون أمريكي و أوروبي، أم ستكون هناك قوات دولية لحفظ السلام، أم أن الأمم المتحدة ستقوم بإدارتها مؤقتا لتنتهي بسلطة فلسطينية ما؟ هذا و المعركة لم تُحسم بعد و المقاومة ضارية وقد تنتهي بوضع حماس شروطها بقوة رجالها المقاتلين كالأشباح فوق الأرض و تحت الأرض و في السماء يهدهدون كالطفل قذيفة العمل الفدائي قبل لصقها على آليات العدو من المسافة صفر و التي تسعى لإقامة دولة فلسطين و عاصمتها القدس.
في نفس الإطار ترشح أسماء مثل مروان البرغوثي الذي تسعى حماس لتحريره في صفقة الأسرى و تبييض السجون . فهل تسمح حماس لغيرها أن يجني ثمار المعركة التي قدم فيها شعب غزة أكثر من تسعة آلاف شهيد و أكثر من ثلاثين ألف جريح غير المفقودين و هدم أكثر من ثلث المباني في غزة والتهجير القسري، هل من أحد يجلس في الظل يحزم أوراق اعتماده للقيادة ؟ هذا و يجب أن لا ننسى أن ما يدور أمام أعين السلطة من مواجهات ضارية بين المواطنين و جيش العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية مدنها و مخيماتها هو امتداد لحرب غزة و أن ما يحدث في غزة سينعكس على الضفة وعلى سلطتها.
الصراع في أُوَجِه عسكريا و سياسيا و اجتماعيا والكل في سباق لفرض هدنة و ممرات للمساعدات الإنسانية و معالجة الأسرى في هذه الأثناء يتحدثون عن مستشفيات عائمة على ساحل غزة! فهل سيحمل البحر المقاتلين الفلسطينيين مرة أخرى ؟ سعيد ذياب سليم