ما بعد الجريمة..يا حكومة وباحثين؟
ا.د حسين محادين
(1)
لأن النفس البشرية جبلت على الفجور اولا والتقوى تاليا،فمن المؤكد ان العنف والصراع والجرائم ستبقى لصيقة الانسان، تماما كدورة المناخ وتعاقب الفصول وتحديات الطبيعة المهددة لحياة الانسان، وترابط ماسبق مع استمرار سعي العلم والعلماء للاجابة على التساؤلات والعوامل التي ادت لارتكاب هذه الجريمة او تلك في هذا المجتمع او ذاك على هذه البسيطة.
(2)
باختصار علمي؛ ستبقى الجريمة الاسم الحركي لارتكاب البعض لها وهذه حقيقة معاشة عبر العصور، لابل ان بعض علماء الاجتماع مِثل العالم “أميل دوركايم” اكدوا ان الجريمة ضرورة بشرية، كي تتطور منظومة التشريعات بأستمرار والتي ستعاقب اصحاب بعض الجرائم المُستحدثة من جهة ، ومن الجهة الاخرى ستُشكل التشريعات المحدثِة هذه ، اي التي شرعت لمعالجة الجرائم الجديدة والتي لم يكن عليها نصوص في القوانين”لا عقوبة دون نص” ستشكل دور وقائيا للحيلولة لاحقا دون انتشار بعض الجرائم نتيجة لمعرفة المجرمين ان افعالهم الجرمية عليها نصوص قانونية تعاقب الجاني في التشريعات المحدثة وهو ما يُعرف بتحديث التشريعات غالبا.
(3 )
في المجتمع الاردني تحديدا، زادادت اعداد الجرائم بشكل لافت بعيد ظهور الخصخصة المتسارعة كجزء من التغيرات العميقة في حياتنا اليومية التي صاحبت العولمة كمؤثر خارجي طاغِ على حياتنا في شتى الجوانب، ممثلة في ارتفاع منسوب الفقر والِبطالة والتطرف ومصاحبات جائحة الكورنا ايضا.
لذا..كثيرا ما يُصدم الوجدان الشعبي الاردني بالعديد من الجرائم الوحشية الدخيلة على ثقافتنا العربية الاسلامية، مثل زيادة جرائم العنف في الاسرة ومنها الانتحار مثلا ، جريمة طبربور، جريمة الزرقاء..الخ.
وبعيد تراجع حدة هذه الصدمات و ضمورصوت الرأي العام ازاء مثل هذه الجرائم التي لاتدرس علميا عادة وينتهي الاهتمام العام بها بمجرد احالة المجرمين على القضاء، فنجد أن درجة متابعتنا لمثل هذه الجرائم تأخذ بالتلاشي لحين ظهور جريمة وحشية اخرى، ولعل المطلوب علميا واجرائيا بهذه الحالات ما يلي:-
أ-قيام الجهات المختصة في مديرية الامن العام تقريا علمليا يبين فيه دوافع ارتكاب مثل هذه الجرائم ودون اسماء، خدمة للرأي العام الذي صُدم، وللباحثين الاردنيين في علم الجريمة وكذلك المشرعون وصناع القرار في موضوعات الامن المجتمعي عموما.
ب- ضرورة قيام كليات واقسام علم الاجتماع، والجريمة ، والقانون، والاعلام بكل مسمياته، برصد وتحليل مثل تلك الجرائم كجزء من تشكيل راي عام وقائي يستند الى العلم ومخرجاته الرافض والواقِ من الجريمة من خلال معرفة دوافعها ونشرها، والتوعية للحلولة دون تكرارها عبر المدارس الجامعات المساجد والكنائس وبمساهمة القادة المحليين في البادية والقرية والمدينة والمخيم كونها جميعا تشكل مصادر ثقافاتنا الفرعية في المجتمع الاردني الآخذ في التغير القيمي والسلوكي بصورة متسارعة جدا ما يستلزم منا الاخذ باسباب التنشئة السوية لنا جميعا ومن مختلف الاجيال. فهل نحن فاعلون..؟
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.