ما الجديد في قضية أراضي الفحيص ؟ / • د. سليمان صويص

ما الجديد في قضية أراضي الفحيص ؟

ظاهرياً، يبدو أن شركة لافارج قد استسلمت للواقع الجديد الذي أفرزته نتائج الانتخابات البلدية التي جرت منتصف آب الماضي، وأهمها أن المجلس البلدي الجديد برئاسة المهندس جمال حتّر لا يمكن التوصل معه إلى “صفقة” أو “حل” أو “تسوية” حول المشروع الذي كانت تطرحه وتروّج له من خلال القفز فوق القوانين والانظمة ذات العلاقة، أو دون الإنصياع للسياسات والضوابط التي يقررها المجلس البلدي بتكوينه وقيادته الجديدين فيما يتعلق بالتعامل مع قضية أراضي الفحيص المقام عليها مصنع الإسمنت.
نقول ذلك لأنه، وبالرغم من مرور قرابة الشهرين على تشكيل المجلس البلدي الجديد، لا يبدو أن لافارج “استأنفت” الإتصال بالبلدية، لا بصفة رسمية ولا غير رسمية ؛ وبالطبع فإن البلدية ليست هي المعنية بالمبادرة بالإتصال. لكن ذلك لا يعني بأن الملف قد أغلق أو بأن القضية قد حلّت، ولم تعلن لافارج رسمياً ولا حتى ضمنياً تخليها عن “مشروعها الإستثماري” الذي وعدت به المجلس البلدي السابق.
بعض المعلومات غير الموثقة تشير الى أن الشركة الفرنسية تحاول بيع الأراضي ب “المفرّق” على من يرغب بالشراء. إلاّ ان بعض الخبراء القانونيين يؤكدون بأن هذا غير ممكن التحقيق، لأن أية عملية بيع يجب أن تمرّ من خلال البلدية عبر إعطاء “براءة ذمة” لأية قطعة أرض داخل حدود التنظيم. علاوة على ذلك، إن أي “تصرّف” بأراضٍ مشمولة بالقضية التي رفعها عددٌ من أهالي الفحيص إلى هيئة “مكافحة الفساد” في حزيران الماضي هو أمرٌ غير جائز في حال أصدرت هيئة مكافحة الفساد قراراً بذلك، لأن القضية لا تزال “قيد التحقيق”.. وجاءت تصريحات عطوفة رئيس البلدية الأخيرة لصحيفة “الغد” لتؤكد المواقف التي اتخذها عندما كان مرشحاً وهو الأمر الذي يبعث الإرتياح والطمأنينة لدى أهالي الفحيص..
إضافة لذلك، نعتقد بأن المجلس البلدي الجديد يتمتع باليقظة الكافية لمواجهة أية محاولات للإلتفاف على صلاحياته وإرادته وحقوق الفحيص. كما أن أهالي الفحيص عموماً واللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الفحيص المقام عليها مصنع الإسمنت بخاصة حريصون أيضاً على التزام اليقظة وقرع جرس الإنذار إذا ما لاحت في الأفق أية بوادر للتلاعب بهذا الملف المصيري بالنسبة للفحيص ومستقبلها.
يقودنا ذلك ألى إجراء وقفة تقييمية لعمل اللجنة الشعبية قبل وبعد انتخابات 15 آب الماضي وما أفرزته من وقائع جديدة. مما لا شك فيه أن هذه اللجنة قد لعبت دوراً مهماً في توعية المواطنين بما كان يجري بخصوص ملف الأراضي؛ وكانت تقرع ناقوس الخطر وتتحرك وتأخذ المبادرات وتنظّم النشاطات الضرورية والمناسبة كلما تطلّب الأمر ذلك. وجاءت المخرجات لتؤكّد بأن إرادة المجتمع الفحيصي قد تبلورت كما كانت تريدها أغلبية المواطنين. وليس سراً بأن رئيس المجلس البلدي الجديد وعدد من اعضائه كانوا إما أعضاءاً في اللجنة الشعبية أو في عداد المناصرين لها والمؤيدين لنهجها. وبذلك أثبت أغلبية الناخبين بأنهم يضعون مصلحة الفحيص فوق أية مصلحة أخرى عندما تمر مدينتهم في ظروف مصيرية.
وعندما نتكلم عن إنجازات أو عن مخرجات إيجابية ربما لم يكن يتوقعها الكثيرون قبيل الإنتخابات، فإننا لا نُعزي ذلك للجنة الشعبية ولدورها فقط ـ على أهميته ـ بل وكذلك الى الأغلبية الساحقة من أبناء وبنات الفحيص، وشيوخها وشبابها، وجمعياتها العشائرية ومؤسسات مجتمعها المحلي، وكل من كانت تعزّ عليه قضية أراضي الآباء والأجداد، وكل من شعر بالخطر الذي كان يتهدد مستقبل الفحيص وشخصيتها المتميزة وتراثها.
حقاً، إن من فاز في الانتخابات هو “نبض” الفحيص الحقيقي الأصيل الذي لم تفلح بعض المحاولات في حرفه عن بوصلته الصحيحة. وهذا “إنجاز” عظيم إذا ما تذكرنا حجم القوى التي كانت تعمل بنشاط ضد مصلحة الفحيص وحقوقها. وهو إنجاز يجب البناء عليه لتطوير العمل الشعبي والإرتقاء به إلى مستويات أعلى لكي يظل رديفاً وداعماً للمؤسسة الأهلية الرسمية (البلدية). .. بإختصار، وكما لاحظت إحدى نساء الفحيص المرموقات ـ أعاد أهالي الفحيص قبل شهرين البريق للقبهم الأثير على نفوسهم، وأثبتوا حقاً بأنهم “صبيان الحصان” !

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى