ما أشبه عبثية الحرب ونتيجتها في أوكرانيا بالصراع في فلسطين

ما أشبه #عبثية #الحرب ونتيجتها في #أوكرانيا بالصراع في #فلسطين

فؤاد البطاينة

كل عالم #تاريخ وأثار وكل باحث في العهد القديم والتوراة يجزم بأنه لو صح ادعاء #اليهود القدامى في سكن فلسطين وإقامة كيان فيها، بأن هذا الكيان لم يكن يوما أو لحظة تحت سيادتهم. ففلسطين كلها كانت قديما تقع تحت سيادة الإمبراطوريات أو الدول الاقليمية الكبيرة التي تعاقبت على حكم الإقليم كالبابلية من (الآكادية الى الكلدانية) والاشورية والمصرية والفارسية واليونانية والرومانية. وكانت فلسطين كغيرها في المنطقة تعج بالكيانات الإجتماعية القبلية المحلية الخاضعة لتلك الدول الكبرى. ومن المعروف ان كلمه ملك وكلمه مملكة كانت تطلق قديما على المدن وشيوخها وكياناتها الإجتماعية وهو تقليد بدأ عند السومريين واستمر الى حكم اليونان والرومان الين كانوا يعينون الى جانب حكامهم الرسميين على المقاطعات مسؤولين محليين يُسمون أو يُسمون أنفسهم ملوكاً على مناطقهم وجماعاتهم لرعاية الشؤون الدينية لناسها وتحصيل الضرائب للدولة.
..
اليهود القدامى وكان يطلق عليهم (يهوديم، جماعة يهوة ) وحدهم جاؤوا من خارج #فلسطين غرباء استناداً لنصوص التوراة ووحدهم لذلك كانوا يعاقبون بالسبي. وتؤكد النصوص التوراتيه انه لدى قدومهم المزعوم لفلسطين كان امامهم فيها عشرات الممالك أسمتها بأسمائها. وعلى سبيل المثال فإن الاصحاحين 9 و 10 من سفر يوشع يذكران منها ممالك حبرون وبرموث ولخيش والقدس واريحا وممالك الحثيين واليبوسيين والاموريين والفرزيين والحوريين. وتذكر التوراة في سفر صموئيل الاول كيفيه اقامه ما يسمونها مملكة اسرائيل لجانب الممالك الأخرى في فلسطين، حيث جاء في الفقرة 4 من الاصحاح 8 ما نصه “”فاجتمع شيوخ اسرائيل الى صموئيل وقالوا له انت شخت فاجعل لنا ملكا كسائر القبائل ” ثم جاء في الفقرة 15 من الاصحاح 11 ” فذهب كل القوم الى الجلجال وملّكوا هناك “شاول امام الرب” انتهى. وهكذا قامت دول شاول المزعومة والتي تسميها التوراه مملكة اسرائيل. وعلى هذه الطريقة كان في العهد الروماني في فلسطين ملوكا مثل عائله هيرود الادومية وما يدعى بمملكة يهوذا وسليمان.
وتؤكد النصوص التوراتيه نفسها بان هذين الكيانين المزعومين (اسرائيل ويهوذا) كانا يقعان من الناحيه السياسيه والسياديه ضمن ولاية الدول التي حكمت فلسطين وكان حكامهما يعينون ويستبدلون من قبل قادة تلك الدول. وعلى سبيل المثال فان الاصحاح 24 من سفر الملوك الثاني يذكر ان نبوخذ نصر قد خلع يهوياقيم ملك يهوذا بعد أن غضب عليه وعين عمه متنيا مكانه وغير اسمه إلى صدقيا. كما أن سنحاريب الآشوري في القرن الثامن ق.م عندما غضب على حزقيا نتيجة تعاونيه مع مصر خلعه وسبا سكانها.. بل انه لم يكن بمقدورهم بناء معابد دون اراده الدوله الحاكمة وسكان المنطقة الاخرين ومثال ذلك في الفقرة 3 من الاصحاح 4 من سفر عزرا.
من المهم هنا، أن اليهود ومنذ اخراجهم نهائيا من فلسطين في القرون الميلاديه الاولى ولغاية القرنين الأخيرين لم يدَّعوا يوما بملكيتهم لفلسطين ولم يطالبوا يوما بدوله فيها ولولا تسامح العثمانيين معهم وخرقهم للعهدة العمرية بالسماح لبعض اليهود بدخول القدس ربما ما تطورت الأمور. وأن الادعاء بوجود تاريخ سيادي لليهود بفلسطين والمطالبة بدوله فيها هو ادعاء ومطلب معاصر يعود الى اواخر القرن التاسع عشر تبناه احفاد متهودوا مملكة الخزر الأريين المؤسسون للحركة لصهيونيه بعد اخفاء خزريتهم الاريه وتسويق انفسهم كاحفاد لبني اسرائيل. وقام ذلك على ارضيه سعى حكام اوروبا والغرب والصهيونية لايجاد وطن بديل لهؤلاء المتهودين وذلك بعد قرون من احتلال مملكتهم الخزرية في القرن الثالث عشر الميلادي وتجزئتها الى دول مسيحيه وفشلهم بالحصول على دوله لهم على ارضيها او في اي مكان اخر في العالم. فليس هناك ارتباط وطني أو مادي أو حنين عاطفي لليهود للقدامى ويهود اليوم الخزريين بفلسطين الذين يحتلون فلسطين.
كذلك ليس لهم أي ارتباط روحي أو عقدي في فلسطين من واقع نصوص التوراة والعهد القديم والتاريخ الموثق. وأمامنا في هذا مسألتي القدس والمعبد. فبالنسبة للمعبد ويدعى بالكنعانية ( هيكل hikal )، فإن علم الأثار بكل علمائه الغربيين والصهاينى وبكل وسائله المتقدمة عجز عن إيجاد أي دليل على وجود مثل هذا المعبد. وحتى لو كان موجوداُ حقاً فقد كان لجانبه مئات المعابد لمختلف عقائد وآلهات القبائل والأقوام في فلسطين من غير يهوة واندثرت. وقدسية المعبد استناداً للتوراة مرتبطة باحتضانه لتابوت العهد في عهد سليمان الذي يحتوي على مجسم ليهوة وحجر التوراة واللذين لم يعثر عليهما ولا يسأل عنهما أحد منهم
أمَّا #القدس، فإن الاسفار الخمسة الاولى والتي تعرف بالتوراى او اسفار موسى وهي الاسفار العقديى تخلو تماما من اي حديث او ذكر للقديس او أولويه. حيث اشارت هذه الاسفار الى أماكن التقديس واماكن اجتماع الاسباط وحفظ تابوت العهد وخيمه الاجتماع وامكنه ظهور ربهم يهوه ومقابلاتهم له ومدن اللملجا وامكنه التقديس ولم تكن القدس من ضمن اي منها. وكما لم تكن القدس من مدن الملجا المقدسه. وفي فتوحات يشوع المزعومة للمدن وبناء المذابح المقدسه وتنقلات تابوت العهد فكلها كرست غياب ذكر للقدس. بل إن السيرة التوراتية لموسى رغم أنها أكدت معرفته بفلسطين ومدنها وجبالها فقد خلت تماما من ذكر القدس حيث ذكر موسى طبقاً لنصوص التوراة المواقع التي يقدسها قومه ولم تكن القدس منها. فخلال رحله الخروج المزعومة من مصر أوصى يوشع بوصايا تتعلق بالتعامل مع تابوت العهد وبالعقيدة التوراتيى حين يدخل فلسطين وذكر في هذا مواقع باسمائها داخل فلسطين ولم تكن القدس منها. فأوصى ببناء مذبح للرب يهوة في جبيل عيبال (الفره 30 اصحاح 8 سفر يشوع) وأن تكتب نسخة التوراة على المذبح نفسه دون ان يأتي على ذكر القدس (الفقرة 32 من نفس الاصحاح والسفر). وأن يكون توجه قسم من الرجال وهم ينقلون تابوت العهد الى المذبح في عيبال الى جهة جبل جرزيم والقسم الاخر الى ناحيه جبل عيبال ولم يوجههم لجهة جبل القدس وهو ما جاء في الفقرة 33 من الاصلاح الثامن في سفر يشوع.
ومن المهم في هذا ان نذكر بان يوشع عندما دخل فلسطين واحتل المدن من الشمال الى الجنوب حسب الادعاء التوراتي واختار مدينه شيلوة ليجتمع فيها مع الاسباط ويوزع عليهم المدن والمناطق فان القدس لم تكن منها ( سفر يوشع في الاصحاحات من 15 الى 24 )ومات يوشع ودفن في جبل افاريم تمنه دون ان يرى القدس او يدخلها او يقدسها. ومن بعده، ففي كل سيره صموئيل النبي وسيره شاول العقدية والتاريخية كأول ملك توراتي على اسرائيل لم يأت اي منهما على ذكر القدس. بل عندما أنشئت المشيختان المزعومتان اسرائيل ويهوذا بقيت القدس مملكة تفصل بينهما.
نخلص إلى أن فلسطين بحكم التاريخ والسيرة التوراتية هي أرض عربيه وسيادتها عربية بالولادة وكذا القدس وقدسيتها أصيلة بنص العقيدة الاسلامية وغير مرتبطة بمعبد غير موجود. وأن متهودي الخزر لا ارتباط تاريخي او عقدي لهم في فلسطين وهم ليسوا سوى مستعمرون زائلون وغير ذلك استحالة. وما أشبه عبثية الصهيونية في حربها بأوكرانيا بحربها في فلسطين. فهي تدفع بآلات الموت والتدمير في أوكرانيا في الوقت الذي تعلم فيه أنها ستخسر وتخرج من هناك. ولن يرحم الشعب الفلسطيني ولا العربي كل حاكم عربي أو مسلم مُطبع مع الإحتلال ومتعاون معه ليس لمجرد خيانتهم بل لإمعانهم في إطالة عمر الوجود الصهيوني في فلسطين وبالتالي إطالة ماكنة القتل والتدمير والمعاناة لشعبنا الفلسطيني.
كاتب وباحث عربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى