ماذا_بعد ؟
د. #هاشم_غرايبه
لربما يتساءل البعض: طالما أن #الإعلام تحت #سيطرة #امبراطورية_الغرب، فلماذا يسمح بنشر #فظائع و #جرائم_الكيان اللقيط، والتي ستؤدي بلا شك الى تعاظم النقمة عليه من قبل المجتمع الدولي؟.. أليس من الأفضل له ابقاء الصورة المضللة التي جهد الغرب في صنعها على أن ذلك الكيان هو الضحية وليس المجرم؟.
في حقيقة الأمر، ان ذلك مقصود، فالهدف غير المعلن للعدوان أصبح هو إرعاب سكان القطاع بهدف دفعهم للنزوح من ديارهم، لأن العالم في هذا العصر بات لا يتقبل فكرة النكبة القائمة على التهجير القسري، فأصبح البديل لاحتلال ارض الغير بالقوة، هو دفعهم لإخلاء أراضيهم ليدخل الغزاة بلا مقاومة، ويلجأوا الى مناطق أخرى.
بعد إذ فشلت القوة الغاشمة بالقضاء على روح المقاومة والصمود، فلا سبيل أفضل من تخويف السكان من فنائهم إن لم يغادروا، وهذا ما فهمه المعتدي الجبان من داعميه الغربيين عندما توافقوا جميعا على عبارة واحدة: “حق الكيان اللقيط في الدفاع عن نفسه مهما تطلب الأمر”، والتي تعني أنهم أباحوا له تجاوز كل المحظورات في عدوانه، وسيغطون على كل جرائمه بعض النظر عن مخالفتها للقوانين والأعراف الدولية.
وهكذا، فعندما لم يجد له سبيلا الى النيل من قدرات المقاومين، ولا صمد أمام بطولاتهم، لجأ الى الانتقام منهم بالإسراف في قتل أهاليهم من المدنيين العزل، رغم أن ذلك لن يؤثر في عزيمة المقاتلين.
لذلك فإن فكرة أن هذه الحرب هي إبادة جماعية، وتسريب أنباء عن امكانية اللجوء لاستعمال أسلحة الدمار الشامل ان لم تتحقق أهداف العدوان، لا تقلق الغرب ولا يخشى أن تطالها محاسبة، فكل المنظمات والهيئات الدواية تحت هيمنته، واستمرأت منذ زمن طويل سياسة المعايير المزدوجة، بل هو يطرب لهذه الفيديوهات المقززة التي تصور الدمار الهائل أو الجثثت المتراكمة أو أشلاء الأطفال، ويشجع نشرها، فلعل ذلك يسهم إثارة الرعب بين السكان.
كما أن الغرب لا يهتم إن وصلت الى مواطنيه، فهو مطمئن الى أن نسبة ذوي الضمائر الحية بينهم لا تتجاوز 10%، والتي لن تؤثر في الشارع، فلا يقلقهم تحولات في الرأي العام، لأن نسبة المعبئين بالتعصب ضد الإسلام من بين الأوروبيين هي خمس أضعاف هؤلاء، وسيتصدون لهم بكل شراسة.
هذا هو الواقع الآن، فما هو القادم؟.
من القراءة الآنفة يتبين مدى سخف فكرة الرهان على التماس العدالة من الغرب، لذلك فمن هم من بني جلدتنا ويؤملون الناس بانتظار الفرج عبر التفاوض مع العدو، هم جزء من الآلة الإعلامية الغربية، وليسوا منا، والدليل هو نهيه تعالى عباده المسلمين عن موالاة أعدائه الذين هم حكما أعداء الأمة، لا اتقاء لعدوانهم، ولاابتغاء العزة لديهم، وقطع تعالى بخروج من يخالف ذلك عن منهجه “وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” [المائدة:51].
قد يقول قائل: ما المخرج إذاً ونحن لا حيلة لنا بمجابهتهم عسكريا؟.
الجواب يتحدد بما يلي:
1 – النية الصادقة في الانتصار لمنهج الله وليس لغيره، وهذا فيصل يفصل بين من يؤمن بالله واليوم الآخر فهو مؤمن بأن النصر من عند الله، لذلك فلا يخشى العدو مهما كانت قوته، وبين من يتظاهر بالإيمان وقلبه منافق، فهو جبان لا يصمد في نزال لأن قلبه معلق بالدنيا فقط.
2 – الإخلاص في العمل، فمن كان صادق الإيمان يكون ماضي العزيمة، وقد جاءت معركة طوفان الأقصى لتثبت مصداقية ذلك، فقد رأينا بأعيننا كيف بنى المـجاهدون قوتهم رغم المحاصرة والتجويع وخيانة الأشقاء، ناجزت العدو بل وقهرته، وأفشلت أوسع تحالف عرفه التاريخ ضد الفئة المؤمنة.
مما سبق تظهر خارطة الطريق واضحة لمن أراد العزة والسؤدد، ولا شيء ينقض ذلك المسار إلا التطبيع لأنه استسلام، لذلك من يصر عليه لا يحق له الادعاء بأنه يسعى لخير هذه الأمة، فلا ينصرها إلا من انتمى لها وناضل من أجلها وهي مستهدفة، إذ لا تحتاجه وهي قوية.
وبما أنه لا يمكن أن يكون ظرف أي قطر اسلامي بمثل صعوبة أوضاع القطاع، ومع ذلك فقد حقق من إعداد القوة استطاعته، فنصره الله، فبناء القوة ممكن في أي وقت وتحت أي ظرف، ولا يلزمه إلا الشرطان السالفان.