ماذا يحدث في غزّة؟
” مقدِّمة”
مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
د. شيرين العدوي من البحرين يكتب لنا من زاويته “ماذا يحدث غزة”؟
زُهْرة الفاسية المحتلة
د. #شيرين_العدوي/البحرين
مع سيلان الدم الجاري من أول حرف في الصفحة ولآخر حرف، يتشبث نبضي بالأمل الغارب في نزف #الأرض. بعيون تلهث. من أي بقاع العالم خرج الوحش فأخاف الرضع، وتهتًّك هذا العرض، من لطخ شرف الإنسان؟! كيف استحللتم دمنا؟! وكيف رضينا بالذل المنصوب فوق الأرصفة الحيرى؟! لا يجرؤ أحد أن ينطق؟! قُطّعت الألسن؟! وانسحقَت #أصوات #العالم؟! يا أيها المجتمع الديموقراطي الظالم؛ لو بدلنا الموقف، فاغتصبتُ أرضك، وقتّلتُ أبناءك، وشرّدتُ شعبك، هل كنتَ ستطلب مني السِلم؟!
وسأحكي عنكم قصة من قصيدة “زُهرة الفاسية” لشاعركم “أيزر بيطون”، من بحث ذكي للباحثة الشابة الواعدة “بثينة فرج” بعنوان “تأثر العبرية بالعربية في قصيدة زُهرة الفاسية”. هل تعرف أيزر بيطون؟! الذي هجرتَه من الجزائر عام 1948 باسم أرض الميعاد المنحدر من أبوين مغربيين، ولأنه من عرب الشرق أسكنتَه الحلم في مستوطنة سميتَها “رعنناة”، نعم فأنت #مستوطن #مغتصب. وهو أول شاعر يعبر عن كيفية استعباد اليهود المهجرين من البلاد الغربية، لليهود المهجرين من البلاد الشرقية. ولأنه قبل أن يصبح شاعرا كان طفلا بريئا في عمر 11 عاما لا يعرف غير اللعب بجانب خيمته؛ انفجرت فيه عُبْوة ناسفة من ألعابك التي جعلتها كالماء والهواء للأطفال لتقتل أبنائي في فلسطين الحرة، ففقد بصره، وقطعت يده، وبدلا من أن تعطيه الأمل أعطيته الظلام. فأنطقه الظلام وعلمه مرارة الظلم. وقد علمتَه في مدرسة للمكفوفين في مدينتي “مدينة القدس الشريفة”، وتخرج في جامعة “بر أيلان” ومن مبكيات القدر أنكم عينتموه طبيبا نفسيا في مستشفى “نقاه أون” في “رمة جن”، ليداوي جراح الاحتلال وليقنع المهجرين بتقبل الحياة، وسط المذابح التي تنصبونها لأبنائي كل ثانية ليعيش أبناؤك بلا قلب. فأي جبروت أنت؟! ولأن أيزر من الجزائر فقد عُيّن ليستقبل اليهود المهجرين من شمال إفريقيا. ومنهم المغنية “زُهرة الفاسية” التي كانت تقيم في المغرب، وتعتبر مغنية ملكية لملك المغرب محمد الخامس الذي عامل اليهود بعدالة اجتماعية شهدوا بها؛ حتى سمته زُهرة “نن أعيننا” وزُهرة: واحدة من هؤلاء الذين أجبروا على التهجير إلى أرض الميعاد “أرضي”، والشاعر يصف في هذه القصيدة حالها المزري الذي آلت إليه مثلها مثله، وقد تم تلحين أغنيتها (حانوتاه مروقائيت) على يد أعضاء فرقة (هبريرة هطفعيت) وتم تجميعها بداخل ألبوم (نحو الجذور) منذ عام 1979. فيقول: “زُهرة الفاسية/ إنها مغنية الساحة عند محمد الخامس/ يروون عنها أنها إذا غنت/ يناضل الجنود بالسلاح/ ليمهدوا لها الطريق/ حتى تمر بين الحشود المتدافعة ليلمسوا أطراف فستانها/ ويقبلوا أطراف أصابعها/ يضعون “الريالات” لنيل رضاها/ زُهرة الفاسية اليوم/ فى أشقيلون فى الأماكن القديمة/ بجوار مكتب الرعاية الصحية/ تشم بجانبها رائحة علب السردين/ وترى منضده مكسورة بثلاثة أرجل/ وبسط الملك الرائعة مهترئة/ ملقاة على سرير الوكالة اليهودية/ تقف وتحدق في الساعات بروب الصباح/ في المرآة بألوان باهتة بالية رخيصة/ وإذا قالت: “محمدالخامس نن أعيننا” فلن نفهم ذلك للوهلة الأولى/ تحمل زهرة الفاسية الآن/ صوتا أجش/ وقلبا نقيا/ وأعيننا مشبعة بالحب / إنها زُهرة الفاسية. أي جرم فعلته بأبنائي وأبنائك؟! فيا أيها المحتل الغاصب لن يسمح رئيسنا البطل بأكل سيناء كما أكلتم أرضي في فلسطين، ونحن من ورائه ظهير.