والعتبة قزاز…./ يوسف غيشان

والعتبة قزاز….
لست معتادا على الكره والحقد ،لكنني فعلا اكره واحقد واشعر بالإهانة، كلما دخلت الى مكتب احد ما ووجدت تمثال القرود الثلاثة المشهور ،حيث يضع احد القرود يديه على عينيه والثاني على أذنيه والثالث على فمه ليقولوا حكمتهم التافهة: (لا ارى لا اسمع لا اتكلم)
لذلك ، ورغم فشلي في الرسم الا اني حاولت اعادة صياغة هذه المعادلة بطريقتي على شكل رسم بدائي اضعة بشكل دائم على شاشة كمبيوتري العزيز .أقول حاولت اعادة صياغة المعادلة بشكل صحيح ومناسب ويحترم إنسانيتنا، رسمتها قرودا تفخر بأنها ترى جيدا وتسمع جيدا وتتكلم عندما ينبغي لها ان تتكلم…انها قرود تحترم نفسها.
القرود الحمقاء- قبل الرسم- تقول لك بالحركة والصورة، انك ان رغبت برضى هذا الشخص عليك ، سواء كان مديرا ام وزيرا ام خفيرا ، فإن عليك ان تتحول الى كائن شبه نباتي لا يمتلك وعيا..لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم ….انك مجرد شيء محايد يشغل ، في هذا الكون الواسع ،حيزا لا يستحقه على الإطلاق.

تقول القصة التي قد لا تكون حقيقية، لكنها ليست بعيدة عن الحقيقة ، تقول ان علماء وضعوا خمسة قرود في قفص ، يتوسطه سلم علقوا في اعلاه قطفا من الموز، وقاموا بتجويع القرود.
قرد مبادر تسلق السلم لخطف قطف الموز، لكنه ما أن كاد يصله حتى تعرضت القرود الأخرى الى وابل من المياه الباردة القوية التي ازعجتها وضايقتها وآلمتها. فقامت القرود التي تحت بضرب القرد الذي صعد ونتعه (بدنا) قويا وأنزلت دمه لابل كادت تقتله.
بعد فترة صار كل قرد يحاول الصعود، يتعرض للضرب والبهدلة من القرود الأخرى، طبعا يمنعونه من الصعود حتى لا يرشون بالماء البارد. ثم قام العلماء بعد ذلك بتبديل احد القرود في القفص ، فكان القاطن الجديد فورا يحاول الوصول الى قطف الموز فيتعرض للضرب المبرح من قبل القرود الأخرى، وبعد اكثر من (علقة ) يدرك القرد الجديد بأن عليه ان لا يحاول الوصول الى قرن الموز، والا تعرض للضرب ، دون ان يعرف السب ولا المسبب.
ثم كان أن قام العلماء بتبديل قرد جديد ، فحصل معه ما حصل مع الجديد السابق الى ان ادرك ان عليه ان لا يقترب من قرن الموز…ثم بدلوا قردا اخر واخر واخر …حتى صار في القفص خمسة قرود جديدة لم يتعرض ايا منها الى عملية الرش بالماء البارد، لكنهم يجتمعون ويضربون معا القرد الذي يحاول الصعود الى قرن الموز.
طبعا القرود لا تعرف لماذا تضرب القرد الذي قد يبادر بالصعود الى الأعلى ، لكنها تعرف ان هذا الأمر بمثابة العرف والقانون في هذا القفص. …لذلك ما يزال الناس عازفين عن التسجيل في الأحزاب خوفا من المساءلة الأمنية ، رغم ترخيص الأحزاب ووجود وزارة خاصة للتنمية السياسية .
هذا ما يحصل معنا – نحن البشر- في لعبة الترويع والتخويف ،حتى اننا نخاف من اشياء لا ندركها ولم نشاهدها ولم نعاني منها، لكننا ننساق مع رعب القطيع.
والعتبة قزاز,,,, والسلّم نايلون نايلون
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى