ماذا تستطيع أنْ تفعل في دقيقة واحدة؟
#ماجد_دودين
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علماً، ووسع كلَّ شيء حفظاً، والحمد لله الذي أحاط بكل شيء سلطانُه، ووسعت كلَّ شيء رحمتهُ. اللهم لك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك. اللهم لك الحمد على ما تأخذ وتعطي، ولك الحمد على ما تميت وتُحيي. اللهم لك الحمد كله، بيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، علانيتهُ وسرُّه، أوله وآخره. اللهم إني أحمدك بمحامدك كلها، ما علمت منها وما لم أعلم. اللهم إني أحمدك بالذي أنت أهله، وأذكر آلاءك وأشكر نعماءك، وعدلك في قضائك، وقدرتَك في سلطانك… سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك… يا فعالاً لما يريد، يا ذا البطش الشديد، يا ذا العز المنيع، يا ذا الجاه الرفيع، يا خير الغافرين، يا خير الرازقين، يا خير المنعمين، يا خير الناصرين، يا أحكم الحاكمين، يا أسرع الحاسبين، يا أرحم الراحمين، يا وارث الأرض ومن عليها وأنت خير الوارثين… الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى والصلاة والسلام على النبي العربي المصطفى.
الوقت هو حياة الإنسان، فيجب المحافظة عليه واستغلاله في عمل الخير وخير العمل، وقول الصدق وصدق القول، وحُسْن العمل والعمل الحَسَن، فالعاقل هو من يحافظ على وقته ولا يضيعه في اللغو والعبث، بل يجب أن يستغل وقته في عمل الخير والأعمال الصالحة التي ترضي الله تعالى، وتنفع الناس، ففي كل دقيقة من عمرك قد تفعل ما يرفع من شأنك، ويجلب السعادة لك ولأهلك ووطنك ولأمتك وللإنسانية، فإذا كنت حريصاً على المجد وإسعاد نفسك وأهلك وأمّتك فلا تضيّع وقتك في اللهو واللعب، ففي الدقيقة الواحدة ( 60 ثانية) قد تفعل خيراً كثيراً، وتنال أجراً عظيماً، وقد تبارك الدقيقة الواحدة في عمرك، وتزيد من طاعتك، وفهمك، وحفظك، ورصيد حسناتك. إذا عرفت كيف تستثمر دقيقة واحدة فإنها تضاف إلى سجل حسناتك، وصحيفتك، وكتابك (يوم القيامة) وفيما يلي بعض طرق الاستثمار الرابح التي يمكنك القيام بها في دقيقة واحدة فقط:
- في دقيقة واحدة يمكنك قراءة سورة الفاتحة عدّة مرات، وقد ذكر بعض العلماء رحمهم الله أنّ الإنسان يحصل على أكثر من 1400 حسنة لقراءتها مرة واحدة ” بكل حرف عشر حسنات”، فإذا قرأتها عدّة مرات تحصل على آلاف الحسنات في دقيقة واحدة. وسُورةَ الفاتِحَةِ فيها شِفَاءٌ من كلّ داء بإذن الله تعالى وهي رُقْيةٌ؛ ولِهَذا مِن أسمائِها (الشَّافيةُ) وهي أم الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني، والكافية، وفاتحة الكتاب.
- في دقيقة واحدة يمكنك قراءة سورة الإخلاص (10) مرات، وقراءتها مرة واحدة تعادل قراءة ثلث القرآن، وإذا قرأتها 10 مرات فهذا يعادل قراءة القرآن كله عدّة مرات، وإذا قرأت هذه السورة كل يوم لمدة دقيقة فهذا يعني قراءتها أكثر من 300 مرة في شهر واحد، أيْ 3600 مرة في عام واحد. روى مسلم (811) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ. قَالَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ”.
- في دقيقة واحدة تقرأ ما تيّسر من القرآن الكريم وبكل حرف عشر حسنات.
- في دقيقة واحدة تحفظ آية قصيرة من القرآن الحكيم.
- في دقيقة واحدة تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (10 مرات) وتكون كمن أعْتَقَ أرْبَعَةَ أنْفُسٍ منْ وَلَدِ إسْمَاعِيل عليه السلام، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَالَ لا إلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ؛ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كَانَ كَمَنْ أعْتَقَ أرْبَعَةَ أنْفُسٍ منْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ). متفقٌ عَلَيْهِ.
- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول سبحان الله وبحمده 100 مرة، ومن قالها غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر. قال صلى الله عليه وسلّم: “مَن قال: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، في يَومٍ مِائَةَ مَرَّةٍ؛ حُطَّتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ.”
- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم 50 مرة، وهاتان عبارتان سهلتا النطق قال صلى الله عليه وسلّم:” كَلِمَتانِ خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ، حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ.” صحيح البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خير لي من الدنيا كلها)) [مسلم]. وفي دقيقة واحدة تستطيع أن تقول هذه الكلمات كلها 18 مرة، وهي أحب الكلمات إلى الله، وأفضل الكلام، ووزنها في الميزان ثقيل جداً، كما ثبت في الصحيحين.
8- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله أكثر من 40 مرة، وهي كنز من كنوز الجنة كما روى البخاري ومسلم رحمهما الله، وهي من أعظم أسباب تحمل المشقة والضيق. قال صلى الله عليه وسلّم:” قُلْ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ. أَوْ قَالَ:( أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ هِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ).
9- في الدقيقة الواحدة تستطيع أن تقول لا إله إلا الله حوالي 50 مرة، وهي أعظم كلمة، فهي كلمة التوحيد، وهي كلمة طيبة، وهي القول الثابت، ومن قالها آخر كلامه قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة دخل الجنة، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ) رواه أحمد (21529) وأبو داود (3116) وحسنه الألباني في “إرواء الغليل” (687). وهذه الكلمة – كلمة التوحيد- لها فضائل أخرى أيضاً.
10- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، أكثر من خمس عشرة مرة، وهذه الكلمة تعادل أضعاف الذكر المعتاد، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. حيث تخبرنا أُمُّ المؤمِنينَ جُوَيْرِيةُ بنتُ الحارِثِ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ مِن عِندِها بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهي جَالِسَةٌ، فَقالَ: ما زِلْتِ علَى الحَالِ الَّتي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لقَدْ قُلتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.” رواه مسلم.
12- في دقيقة واحدة تستطيع أن تقول: أستغفر الله، أكثر من مائة مرة، وفضل الاستغفار معروف، فهو سبب لنيل المغفرة، ودخول الجنة، والبركة في الرزق، وزيادة القوة، ودفع الضر، وتيسير الأمور، ونزول المطر، وكثرة الأموال والأولاد.
13- في دقيقة واحدة تستطيع أن تلقي خطبة مختصرة قد تكون مفيدة جداً للمستمعين.
14- في دقيقة واحدة تستطيع أن تصلّي على النبي صلى الله عليه وسلم خمسين مرة، فيرفع الله ذكرك خمسمائة مرة، لأن الصلاة الواحدة على النبي صلى الله عليه وسلّم بعشر أمثالها.
قال صلى الله عليه وسلّم:” مَن صَلَّى عَلَيَّ واحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عليه عَشْرًا.” فمن كَرَمِ اللهِ سُبحانَه لنبيِّه محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه جَعَل الشَّهادةَ لله بالتَّوحيدِ مَقرونَةً بالشَّهادَةِ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالرِّسالَةِ، ومِن رَحمةِ اللهِ به ومِن فَضلِه على الأُمَّةِ أن جَعَل للصَّلاةِ عليه أجرًا وثَوابًا مُضاعَفًا.
15- في دقيقة واحدة تستطيع أن تتفكر في خلق السماوات والأرض، فتعدّ من أولي الألباب الذين ذكرهم الله في القرآن. يقول تعالى:” إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.” آل عمران.
16. في دقيقة واحدة تستطيع التفكّر في شكر الله ومحبته وخوفه ورجائه والشوق إلى لقائه، وبذلك تكون قد حققت عبادات عظيمة وأنت مستلق على سريرك أو ماشٍ في الطريق.
17- في دقيقة واحدة تقرأ أكثر من صفحة من كتاب مفيد يسهل فهمه.
18- في دقيقة واحدة تصل أرحامك بالتواصل معهم والاتصال بهم عبر الهاتف.
19- في دقيقة واحدة تدعو الله سبحانه بأدعية عامة.
20- في دقيقة واحدة تسلّم على عدد من الناس وتصافحهم. قال صلى الله عليه وسلّم: “ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفِرَ لهما قبلَ أن يفترقا.”الراوي: البراء بن عازب المحدث: الألباني | المصدر: صحيح أبي داود – الصفحة أو الرقم: 5212 | خلاصة حكم المحدث: صحيح.
عَظَّمَ الإسلامُ كلَّ ما مِن شأنِه أن يُنمِّيَ العَلاقاتِ الحَسَنةِ بَينَ المُسلِمينَ، واهتَمَّ بكلِّ ما يَدْعو إلى التَّرابُطِ الاجتِماعيِّ والتَّسامُحِ والتَّحابِّ بينَ أفرادِ المجتمَعِ. وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “ما مِن مُسلِمَينِ يَلتَقِيانِ”، أي: يَجتَمِعانِ في طَريقٍ أو نَحوِه، “فيتَصافَحانِ”، أي: فيُسلِّمُ أحَدُهما على الآخَرِ مُصافَحةً باليَدِ، “إلَّا غُفِرَ لهما”، أي: كان ثَوابُهما مَغْفِرةً مِن اللهِ تعالى، “قَبْلَ أن يَفْتَرِقا”، أي: يُغْفَرُ لهما في ذلك الموقِفِ قبلَ أن يَتْرُكَ أحَدُهما الآخَرَ، فيَفْترِقا في الطُّرُقِ.
21- في دقيقة واحدة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
23- في دقيقة واحدة تنصح اخوتك بعمل الخير.
24- في دقيقة واحدة تشفع لشخص في خير.
25- في دقيقة واحدة تواسي مكروباً.
26- في دقيقة واحدة تستطيع أن تميط الأذى عن الطريق.
27- باستفادتك من دقيقة واحدة واستغلالك لها تحفظ وتستفيد من أوقات أخرى، فبإخلاصك ومراقبتك لله تتضاعف حسناتك ويتضاعف أجرك. واعلم أنّ أغلب الأعمال سهلة ميسورة لا تكلّفك شيئاً، ولا تحتاج أن تكون على طهارة، ولا تسبب لك المشقة أو الحرج، وقد تفعل هذه الأعمال وأنت تمشي في الطريق، أو تركب في السيارة، أو وأنت مستلقٍ، أو جالس، أو منتظر لأحد، بالإضافة إلى أنّ هذه الأعمال من أفضل أسباب السعادة والرضا، والتغلب على المشاكل والصعوبات. وأخيراً أنصحك بأن تنشر هذه الورقة وتضعها في جيبك وعلى جوالك لتتذكر هذه الأعمال وتقرأها على إخوانك وأخواتك من المسلمين، وبذلك تعينهم على الاستفادة من أوقاتهم، ولا ينبغي لك أن تستهين بأيّ عمل صالح. قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلهُ مثلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ”. رواه مسلم.
أسأل الله أن يحفظكم ويرعاكم، والحمد لله تعالى وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.