ماذا بعد …!
بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
“كفى أهلنا في #سوريا دماء ودموع، كفاهم قتل وتشريد، كفاهم فرقة وتشرذم، وإن لم تجد #المعارضة شيئاً يوحدها، فلتوحدها دماء أطفال سوريا، حمزة الخطيب، وساري ساعود، وأمجد العاسمي، وغيرهم من الزهور والورود التي تم اقتلاعها من ربيع شام العز بالظلم والتجبر، أيا شام البطولة فلتنهض وتكسر قيودك فدم الأحرار الفائر حتماً سيكون وقودك فللظالم جولات سيحرق فيها ربوعك لكن مكانه سيبقى محجوز وسط قبورك فلترفع رأسك يا شام وليعلو شموخك طالما كان الأحرار والأوفياء هم رجالك وجنودك”، كلمات ختمنا بها مقالتنا (ما بعد نظام الأسد) والتي نشرناها قبل أكثر من 12 عاماً في 06-05-2012.
واليوم تتجه أنظار الشرق الأوسط بأكمله ومعه العديد من دول العالم نحو سوريا مرة أخرى، بعد تحرر شعبها من نظام القهر والظلم بعد كل هذه السنوات من الألم والعذابات منتظرين ما ستؤول إليه الأمور، خصوصاً وأن سوريا أكبر بلاد الشام واللاعب الرئيسي في أحداثه وما يجري فيه على الدوام، وعيون المحبين للشام وأهله ينتظرون ماذا بعد؟ ترى ماذا بعد كل هذه التضحيات؟ وهل سنرى بالفعل سوريا الجديدة التي تزينت بعلم الاستقلال وهي تتزين بالشرفاء والمخلصين من أهلها للقيام على بناء دولة العدل والمساواة والمحبة والأمان لكل أهلها بكل أطيافهم وألوانهم وأعراقهم، مجسدين لوحة بلاد الشام الضاربة في تاريخ البشرية وشعار (الشعب السوري واحد) على الأرض السورية، وبالتأكيد لا ينتظر ولا يتمنى أي محب لبلاد الشام عودة زمن الانقلابات الذي ساد بلاد الشام لفترة ليست بالقصيرة بعد استقلالها عن الانتداب الفرنسي، ولذلك فإن من الضروري على القائمين على ترتيب الأمور في سوريا اليوم النظر بعين الحكمة والتروي للأمور والتعلم من تجارب الآخرين، وعدم اختزال الثورة في فصيل أو حزب بعينه فكل قطرة دم طاهرة ارتوت بها أرض سوريا كان لها دور في رسم مستقبل حريتها.
ولعلنا ونحن نتابع الأحداث ونرقبها كغيرنا نرى في وجهة نظرنا أنهم وإن كانوا سعداء بسقوط نظام كان مزعجاً لهم بسبب تعزيزه الدور الإيراني في سوريا إلا أن قلق الصهاينة من الوضع الجديد في سوريا يكاد ينطق في وجوههم، وذلك لسببين: الأول أنهم في بداية حربهم على غزة كانوا يستشهدون بجرائم النظام السوري بحق شعبه واستمرار ذلك لسنوات طويلة دون محاسبة من أحد، وبالتالي فلا يحق لأحد أن يحاسبهم على ما يفعلونه في غزة وفلسطين، ليشاهدوا كما شاهد العالم اليوم بأنه وبرغم كل ما مارسه النظام السابق في سوريا من قمع في حق الشعب السوري، الا أن هذا الشعب عاد بعد كل هذه السنوات ونهض من تحت الركام كمارد عملاق ليسقط النظام بكل جبروته في أقل من أسبوعين، وهو ما أرعب الاحتلال في فلسطين برؤية كيف أن أصحاب الحق سينهضون حتماً مهما طال الزمن ومهما زادت العذابات والآلام لانتزاع حقوقهم والثأر لكل قطرة دم من دماء الشهداء والأحرار.
والسبب الثاني هو التخوف الدائم لدى القائمين على الاحتلال في فلسطين من كل شعوب المنطقة العربية حتى في الدول التي وقع معها اتفاقيات سلام هو يعلم أكثر من غيره بأنها لا تساوي أكثر من حبر على ورق، خاصة ونحن نسمع رؤوس نظام الإرهاب في الاحتلال وهم يرددون دائماً بأن قدرهم أن يكونوا وسط مجتمعات معادية تتمنى الدمار لدولة الاحتلال، متغافلين حقيقة أن ذلك ليس بسبب شيء سوى أنهم نظام احتلال قام على الإرهاب والاجرام وسرقة الأرض وحقوق الآخرين.
ومع ختام كلماتنا لهذا العام نسأل الله عزوجل أن يكون ما بعد أفضل من كل ما كان قبل ذلك وأن يكون التغيير في الشام الغالية خيراً على البلاد والعباد فيها، وأن يحمل مستقبلاً مزهراً بالمحبة والسلام لشعبها الذي يستحق كل الخير دائماً، مع بقاء الغصة في قلبنا ونحن نتذكر غزة ونكبتها تنبض مع نبضات قلبنا دائماً، وأمنياتنا المتجددة دائماً لأهلها وأهل كل فلسطين الأحبة الصابرين الصامدين في أرضهم الذين يسطرون كل يوم سطوراً جديدة في العزة والكرامة والإباء بأن يكتب الله لهم النصر والتمكين والفرج القريب من الاحتلال المجرم الجاثم فوق صدورهم وأن يعوض صبرهم عوضاً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأن تتزين وجوههم بابتسامة الفرح والسعادة والنصر والفرج كما تزينت بها وجوه أهلنا في سوريا الغالية.