
ماذا بعد #اعتصامات و #مظاهرات #الجامعات_الغربية
#الغرب و #الديمقراطية_المفقودة
بقلم: المهندس محمود ” محمد خير” عبيد
ما يحدث اليوم في الجامعات الغربية بشكل عام و الجامعات الأمريكية بشكل خاص من مظاهرات و اعتصامات انتصارا” للإنسانية في المقام الأول و انتصارا” لأهل غزة و فلسطين امام البطش الصهيوني في المقام الثاني و اعترافا” ضمنيا باغتصاب الكيان الصهيوني و المتمثل بالعصابات الصهيونية و المستوطنين للأرض الفلسطينية عمل على تعرية الكذبة الكبرى المتمثلة بمصطلح الديمقراطية التي خدعوا بها العالم و على الأخص عالمنا الذي يطلق عليه العالم الثالث, حيث الغرب و الصهاينة الذين قاموا باختراع مفهوم الديمقراطية منذ عقود من الزمن من اجل تمتين استعمارهم و من اجل التستر على الهدف الرئيسي والذي من خلاله قاموا بالقضاء على الحس الوطني و القومي لأبناء هذه الرقعة الجغرافية من ارض المشرق و لاستعباد أبناء هذه المنطقة و تجييشهم لأهدافهم الاستعمارية و الانقضاض على مواردهم الاقتصادية و البشرية و الاجتماعية حيث بدأت خدعة الديمقراطية منذ سقوط الخلافة العثمانية و تقسيم المشرق الى دويلات و منح و تقديم ارض فلسطين كهبة للصهاينة و من ثم العمل على تتويج حلفائهم و صبيتهم من الحكام على عروش الدويلات التي قاموا بتقسيمها من أراضي المشرق ووضعهم و شعوب هذه المنطقة تحت وصايتهم بحيث أصبحت هذه الدول مستعمرة بشكل غير مباشر من خلال حلفائهم من الحكام الذين يصدحون صباح مساء بشعارات الديمقراطية المزعومة ليكذبوا على شعوبهم بانهم هم و من والوهم من الصهاينة و الغرب ينتصرون للديمقراطية و غيورين على مصلحة هذه المنطقة و هم من يسرقون و يستحوذون على خيرات هذه المنطقة لصالح اسيادهم و من اجل تجهيل و تفقير و تدمير هذه الرقعة الجغرافية من العالم.
ها هي خدائعهم و كذبتهم الكبرى و مكرهم لم تفلح بحيث أصبحت الديمقراطية التي يقدسونها تمثل باب الجحيم الذي قام بتعريتهم و انجلاء كذبهم و خداعهم امام شعوبهم و امام العالم فها هي المظاهرات و الاعتصامات تضرب جامعاتهم و تعمل على ايقاظ الجيل الجديد من أبنائهم الذين غدا” هم من سوف يستلمون مقاليد الحكم في بلدانهم و هم من سوف ينتصروا للعدالة الإنسانية و لأحقاق الحق و انهاء أي دمار او اغتصاب لأرض يضرب هذا العالم و ها هو رجال الأمن يحاولون اسكات هذه المظاهرات فاين الديمقراطية و حرية التعبير المزعومة.
للأسف نجح طلاب الجامعات الأمريكية و الجامعات الغربية ما لم ينجح به طلاب الجامعات العربية الذين كنا نراهن على انهم هم من سوف يكونون قادة المستقبل الوطنيين و من سوف يعملون على قيادة الأمة و استلام دفة الحكم بعد تخرجهم من جامعاتهم وينتصرون لقضايا الأمة و لحرية الكلمة و التعبير فهيهات اين نحن من طلاب الجامعات في خمسينات و اربعينات القرن الماضي التي استطاعوا ان يعملوا الكثير من اجل التغيير في التوجهات القومية و الفكرية و السياسية, للأسف جامعاتنا اليوم تعمل على تخريج أفواج كفيفة فكريا”, وطنيا” قوميا” و اجتماعيا” ليس لها أي علاقة بشعوبها و امتها و قضاياها, طلبة استملكهم الخوف من بطش الأنظمة الحاكمة و الخوف على مراكزها الاجتماعية و لقمة عيشها, طلبة لا يتملكهم أي انتماء لقومتيهم المشرقية او ارضهم و قضيتهم, متناسين ان المظاهرات في الجامعات الأمريكية التي اندلعت ابان الحرب الفيتنامية ضد الغزو الأمريكي للفيتنام كانت العامل الأساسي في انهاء الحرب و العمل على قلب موازين القوى و كان لها الأثر الكبير في إعادة توجيه مسار تلك الحرب في حينه و ها نحن اليوم مع تزايد الاحتجاجات و الاعتصامات التي تضرب الجامعات الأمريكية و تعمق الخلاف بين الديمقراطيين بأمريكا و تزايد شرخ الانقسام بين المدافعين عن حرية التعبير و من يعملون على مواجهة “العداء للسامية” المزعومة و ينتصرون للصهاينة و حلفائهم إضافة الى مشاهد الفوضى في الجامعات نجد ان المخاطر السياسية تزداد قبل الاستحقاق الرئاسي الأمريكي القادم نهاية هذا العام. فالمظاهرات التي تهب على الجامعات الأمريكية و الغربية تعمل على اثارة التوترات بين الأقطاب السياسية في الأحزاب الأمريكية و الغربية بحيث كيف لهم ان يعملوا على إيجاد توازن بين الديمقراطية المزعومة من خلال حرية التعبير ودعم أهلنا في غزة العزة مقابل المخاوف التي يثيرها الصهاينة و حلفائهم فيما يتعلق بمعاداة السامية المزعومة. فها هي الاعتصامات و المظاهرات تجلت في كافة الولايات الأمريكية من خلال زيادة نشاط طلاب و أساتذة الجامعات في تحركهم من خلال الاعتصامات الاحتجاجية داخل الأحرام الجامعية المختلفة والمظاهرات الأخرى، مما دفع رجال الشرطة و الأمن الأمريكي، و الغربي الى ملاحقة العديد من الطلبة و اعتقالهم و هو ما نتج عنه ان تحولت الاحتجاجات إلى نقطة صدام في النقاش بين الطبقة الحاكمة و الرسميين حول الحرب و حول دعم الكيان الصهيوني في حرب ابادته لأهل غزة العزة باسم الانتصار للصهيونية على حساب الإنسانية. ان هذه الاحتجاجات والمظاهرات تحمل بين طياتها خطرا سياسيا للأحزاب والأنظمة الحاكمة في العالم اجمع والأنظمة التي تدعم الكيان الصهيوني وتتحالف معه وهو ما يعمل على تقويض الوعود التي تقطعها الطبقات الحاكمة بان تعمل على تامين الاستقرار والحياة الطبيعية لشعوبها. وهو ما يجعلنا نتساءل إذا ما كان الطبقات الحاكمة و أصحاب المناصب و العروش باستطاعتهم ان يصورا أنفسهم مرة أخرة باليد الثابتة على رأس السلطة، فما يجري الأن في الجامعات و الشوارع العالمية من مظاهرات و اعتصامات نصرة” للإنسانية و لحق اهل غزة بالعيش الكريم و تنديد بالإبادة التي يقوم بها الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني يجعله من الصعب ان تستمر يدهم الثابتة على السلطة بل على العكس فعروشهم و مناصبهم أصبحت على المحك و باي لحظة تؤول للسقوط على رؤوسهم و رأس كل من دعم وانتصر للصهيونية على حساب الأنسانية و حقوق الشعب الفلسطيني.
ان هذه المظاهرات و الاعتصامات عملت على صناعة جيل ادرك ان الديمقراطية و الحرية ما هي الا كذبة يسوقها السياسيين من اجل البقاء على سدة الحكم و انهم بالنهاية يفعلون ما يملى عليهم من الصهاينة فالحرية كذبة و الديمقراطية نوع من الخزعبلات يتفوه به صبية الصهيونية فليس هناك ديمقراطية تخدم الشعوب, فالديمقراطية تخدم فقط أصحاب السلطة و الحكم على حساب إرادة الشعوب و حريتهم قد تمنح بعض الشعوب مساحة للتنفيس عن ما يجول في خاطرهم و للتعبير عن انفسهم و لكن هذه المساحة تنتهي عند الخطوط الحمراء التي يضعها السياسيين المهيمنين على السلطة, فمنذ العدوان الصهيوني على غزة أصبحت المعركة المتعلقة بسياسة العالم تجاه الكيان الصهيوني أكثر وضوحا و إدراكا” من قبل الشعوب, حيث العديد من السياسيين الغربيين يدعون بانهم يدعمون حرية التعبير ويدينون معاداة السامية المزعومة، ويعتبرون انتقاد الكيان الصهيوني أمرا منطقيا. لكن سعيا لمواجهة صراع مستعصى له جذور تاريخية، فإن النقاش حول كيفية التفرقة بين انتقاد الغرب و العالم للكيان الصهيوني وخطاب العداء للسامية المزعومة, وصل إلى مرحلة مشحونة وساخنة فى حرم الجامعات.
ان من وجهة نظر من شاركوا فى المظاهرات والاعتصامات، فإن المنظومة الطلابية هي عبارة عن جزء لا يتجزأ من تقليد طويل من الحركة الطلابية على مر التاريخ في حرم الجامعات، فها هم اليوم أصبحوا ينتصروا من اجل حقوقهم المتعلقة بحرية التعبير والتي أصبحت فى خطر، بحيث قالوا ان حوادث العداء السامية المزعومة ليس لها علاقة بالتجاوزات الأنسانية وحركة الإبادة التي يقوم بها الكيان الصهيوني، في حين تم تشبيه ما تقوم به الجامعات الغربية اليوم بالتظاهرات والاعتصامات بما انتفض له الطلاب في الجامعات ابان حرب فيتنام و العراق .
سوف تبقى أصوات الطلاب في الجامعات الأمريكية و الغربية و العالمية الحرة تصدح ضد الإبادة الأنسانية للشعب الفلسطيني في غزة و سوف يبقى صوتهم و مواقفهم المشرفة تقف في مواجهة ماكينة الإجرام و الأبادة الصهيونية و من يحالفهم و يدعمهم و سوف تبقى شعاراتهم التي هبوا من خلالها لنصرة الأنسانية يخلدها التاريخ كما خلد التاريخ من سبقوهم من انتصر للحق و رمى من دعم الباطل و شد على يديه الى مزبلة التاريخ.