
مِـنْ رِعـيـان إلى قُــطـعـان أغــنــام!!!
قبل قرنٍ من الزمان كان الأردن كغيره من البلاد العربية بلداً صغيراً فقيراً يعملُ غالبُ أهله إمَّا في الزراعة وإمّا في رعاية الماشية و كانَ البعضُ يعمل في التجارة أو بين هذا و ذاكَ! لكنَّنا كُنّا و مازلنا شُرَفاء سواء كُنّا “رعياناً” أو “حرّاثين”؛ كافَحَ آباؤنا و شَقوا و أطعمونا من حلال رزقِهِم الذي جَنَوه بعرق سواعدهم الذي سقى و خضَّبَ ترابُ وطنهم فأثمرَ شباباً مُتَعَلِّماً مُنتمياً يَعشَقُ وَطَنه و يذودُ عنه في وجه العوادي؛ فقَدَّمنا و ما زِلنا نُقَدِّمُ الشهيد تلو الشهيد مِن أبناء “الرعيان و الحرَّاثين”!
كَبُرُ هذا الوَطَن و كَبُرَت انجازاته و سَمَقَت أشجاره و أينعَت جنانه على أنغامِ طَرق مَعاوِلِ “حَرّاثيه” و عزف نايِ “رعيانه”؛ و ما طَلَبنا يوماً جزاءً و لا شُكوراً!
صبرنا على فقرنا و كابرنا بتحَمُّل سَقَمِ جوعنا و استسغنا زمهرير برد شتائنا بلا موقد يَبعثُ بعض الدفء في عظامنا؛ و ما شَكونا ضيقَ حالنا إلاّ لخالقنا بل و احتسبناه في سبيل رِفعَة أوطاننا! حَتَّى جاءنا أبناء الذوات و النُخَب من غير أبناء “الرعيان و لا الحرَّاثين” يركبون ظُهورنا و يأكلون أموالنا بل و يشتموننا بمهنة آبائنا “الرعيان” و “الحرّاثين”، كناية عن تَخَلُّفنا و قِصَرِ نظرنا و سذاجة عُقولنا!
احتملنا المهانة في سبيل حُبِّ الوطن و عشقنا لِتُرابه فتطاول علينا كُلُّ بثغاث الأرض “مِن الأقرع للمصَدِّي”! بل وَ وَصَل الأمرُ بأحَدِ أفراد مَنْ يُسَمّون أنفُسَهُم بـِ “النُخَب السياسية” أن يَصِفنا “بقطعان الأغنام”!!! يعني “قبلنا بالهَم و الهَم ما قِبِل فينا”!
أجَل يا أبناء “الرعيان و الحرّاثين” الشُرَفاء لقد و صَفنا بالأمس النائب “حازم قشّوع” بـِ “قُطعان الأغنام”على الهواء مُباشرة في حديثه و استخفافه بضرورة الرجوع للشعب بالاستفتاء على القضايا المصيرية حيث قال معاليه إنَّ “النُخَب السياسية هي التي تتَّخذ مثل هذه القرارات… فلا يُمكن للشعوب أن تخرج مثل قُطعان الغنم لتقود نفسها”!!!
يا حازم قشّوع (مع حِفظ الألقاب) ، الشعوب عندما تخرج في الشوارع أو إلى الصناديق لا تخرُج كالأغنام فشعوبنا لديها عقل و وعي و ضمير لا يملكُه كثير مِن النًخَب السياسية “تبعتَك”!
يا حازم قشّوع ، هذه “القطعان” فيها أناسٌ متعلِّمون و حاصلون على أرفَع الدرجات العلمية من أرقى الجامعات و يفوقونك عِلماً و حِكمة مَع أنَّهُم لا ينتسبون “للنُخَب” التي تنتَسِبُ لها حضرتك!
يا حازم قشّوع ، هذه “القُطعان” لا تستقوي بالسفيرة الامريكية على شعبها و لا على و طنها!
يا حازم قشّوع ، هذه “القُطعان” ليس مَن أبنائها مُستوزِر و لا طامع في منصب و لا ناهِبٍ لوطنٍ و لا ناكِصٍ على عقبيه!
يا حازم قشّوع ، هذا “القطعان” تستطيعُ أن تدوس بسنابكها كُلَّ مَن اعتدى عليها و كُلَّ مَن ظَلَمَها!!!
يا حازم قشّوع، لا تُراهِن على صبر و حلمِ أبناء هذه “القطعان”؛ فهي قُطعانٌ مِن الأسود و ليسَت قُطعاناً من الأغنام…. و كما قالت العَرَب:
إذا رأيتَ أنيابَ الليثِ بارِزةً*** فلا تَظُنَّنَّ أنَّ الليثَ يبتسِمُ!
و أنا أضيفُ بيتاً فأقول:
لنا افتخارٌ براعينا و حارِثنا *** هُمو الأسودُ و غَيرِهم عَدَمُ!
!!!و الله أعلَمُ وَ أحكَم!!!


