إلى متى جرائم القتل ؟ / باجس قبيلات

     إلى متى جرائم القتل ؟

تملكتني الدهشة من الحملة الإعلامية الشرسة التي شنتها الصحف المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي على قاتل الطفل السوري في مخيم الحسين، وكأنه أول عمل إجرامي يحدث في البلاد، متناسين أن تلك المآسي الدامية تعاظم شأنها بسرعة كبيرة في الآونة الأخيرة، التي بلغت حد قتل الأب لأبنائه، وقتل الأخ لشقيقه، وقتل الأزواج والزوجات بعضهم بعضا، والمدهش في الأمر ليس فقط في دوافع جرائمهم ولكن في أسلوب تنفيذها، الذي أظهر بجلاء بشاعة الجناة، خصوصا عندما يكون الضحايا أطفالا صغارا، الأمر الذي أعطى انطباعا سلبيا عن أنفسهم وعن مجتمعنا الذي فقد الشعور بالأمان .

بالعودة إلى استهلالية الموضوع، نود القول إن النقد وسيلة مشروعة للمرء ومن حق أي إنسان أن يبدي اشمئزازه وامتعاضه حيال ما جرى ولكن هذا الأسلوب لا يحل مشكلات فالمعضلة بازدياد في المجتمع الأردني ولابد من استئصالها من جذورها وذلك بمعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك وبالتالي تجنب وقوع أحداث دامية بالمستقبل، ولو عدنا بالتفكير قليلا للوراء لوجدنا أن هذا الخطر المحدق حديث العهد في المجتمع الأردني، مما يعني أن أسبابه بين أيدينا ولكننا نجهلها، ومن وجهة نظري الشخصية فإن حركة اللاجئين السوريين التي توالت على الأردن في السنوات الأخيرة والفقر والبطالة لها الدور الفاعل في تفشي ظاهرة الجريمة، وقد يكون هناك أسباب ودوافع أخرى أجهلها  ولكنني سأذكر مثلين أحدهما من التاريخ الإنساني والآخر من الطب النفسي يوثقان حديثي .

المثل الأول: كان المجتمع في المدينة المنورة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب مجتمعا إسلاميا، لا يحوي عنصرا غريبا، لذلك كانوا يرفضون دخول المشركين إلى المدينة ممن بلغوا الحلم؛ لأن قلوبهم مليئة بالضغائن والحقد ضد الإسلام، حتى إن الصحابي الجليل العباس بن عبدالمطلب حاول إدخال أبي لؤلؤة المجوسي إلى المدينة، إلا أن الخليفة عمر رفض في بادىء الأمر، ولكن العباس ألح عليه مرارا وتكرارا بذريعة أنه يتقن الحدادة، والنجارة، والنقش، وسيتعلم منه المسلمون، ولما دخل إلى المدينة، أخذ يتحين الفرص؛ للانتقام من الخليفة عمر الذي نصر الدين وجاهد لرب العالمين إلى أن أرداه شهيدا، وبذلك الوقت فقد الإسلام أعظم القادة تأثيرا ونفوذا  .

مقالات ذات صلة

المثل الثاني: “ذهان الهوس الاكتئابي” هو مرض نفسي يتميز بتناوب فترات من الكآبة الشديدة مع فترات أخرى من الابتهاج غير الطبيعي، قد تؤدي بالشخص للقيام بأعمال طائشة وغير مسؤولة وخطيرة في بعض الأحيان، وقد تصل لدرجة القتل للنفس البشرية .

في ختام المقال حري القول إن العمل الإجرامي البشع الذي أودى بحياة الطفل السوري في مخيم الحسين على يد إنسان ينتمي إلى السلالة الأسوأ من الرجال، تلك التي تخفي خلف رصانتها ووقارها كل عقد العالم وقذارته لا يمت إلى الإنسانية بصلة، لذلك يفترض أن يدرك أولئك المرضى الذين فتكوا بالناس بقساوة بالغة، أن الرجولة هي التي تؤمن إيمانا مطلقا بأنها وجدت في هذا العالم لتعطي، وتبني، وأن إسلامنا هو منهج الحياة، الذي دعا إلى الأخلاق النبيلة بين الناس على اختلاف درجاتهم ومكانتهم الاجتماعية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى