مؤتمر الرياض 3 .. يطلق رصاصة الرحمة على المعارضة السورية

سواليف _ شكّل مؤتمر الرياض 2 الذي عُقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، نقطة تحوّل فارقة على طريق تدجين الجهة التمثيلية للمعارضة السورية المعنية بالتفاوض مع نظام بشار الأسد، من خلال استبدال أعضاء الهيئة العليا للتفاوض الذين لا يسمح لهم تاريخهم بالتنازل عن ثوابت الثورة، بأعضاء قبلوا مصطلح “الواقعية السياسية” الذي ابتدعه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير. وجرت عبر ذلك إعادة هيكلة هيئة التفاوض وفق الرؤية السعودية، التي تقوم على أن المضي بالحل السياسي وفق مسار جنيف ينبغي أن يكون من خلال هيئة تفاوض يمكنها تقديم تنازلات تصل إلى حد القبول ببقاء بشار الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، ما يعني الانتقال إلى حل سياسي شكلي، ترى السعودية أنه من متطلبات المرحلة الحالية بسبب تغيّر المزاج العام الدولي تجاه نظام الأسد.
إلا أن التدخّل السعودي في ملف المفاوضات مع النظام السوري لم يتوقف عند هذا الحد، بل وصل إلى التدخّل بتغيير هيكلية هيئة التفاوض مجدداً، ولكن هذه المرة من دون أي سند قانوني ومن دون حتى الرجوع إلى الهيئة ذاتها، فقررت السعودية تطعيم هيئة التفاوض بمن سمّتهم عناصر مستقلين، من خلال مؤتمر الرياض 3 الذي عُقد يومي الجمعة والسبت الماضيين، ولم تَدعُ إليه حتى رئيس الهيئة نصر الحريري، فاختارت شخصيات غير معروفة في الوسط السياسي وليس لديهم أي نشاط خلال مراحل الثورة السورية، ميزتهم الوحيدة أن ولاءهم سعودي، لتخلط أوراق الهيئة العليا من جديد وتضعف دورها السياسي وتعطي النظام فرصة ذهبية للتهرب من الاستحقاقات الدولية، وفي مقدمتها عمل اللجنة الدستورية.

وفي الوقت الذي تذبح فيه روسيا المدنيين السوريين في إدلب، جاء الدور السعودي في الملف السوري من خلال مؤتمر الرياض 3، بإضافة 8 ممثلين مستقلين جاء اختيارهم من بين 70 شخصية ولاؤها سعودي، ودعتهم المملكة بشكل منفرد إلى المؤتمر، وقررت ضمهم إلى هيئة التفاوض ليتساوى تمثيلهم ضمن الهيئة مع عدد ممثلي الائتلاف الوطني السوري الذي تعتبر الرياض أن ولاءه لتركيا، والذي يمتلك أكبر كتلة تمثيلية داخل الهيئة.

يبدو أن الهدف الوحيد من هذا التغيير، تقليص النفوذ التركي ضمن هيئة التفاوض، إلا أن آثار هذا التدخّل السعودي ستتخطى بالتأكيد مسألة صراع النفوذ داخل الهيئة، لأنه سيسبّب انقسامات داخل الهيئة نفسها، ما يهدد وجودها، وسيقلّص دور السياسيين داخل الهيئة لمصلحة الأعضاء “الأدوات” الذين تتحكم بهم الدول الإقليمية. ومن جهة أخرى، سيعطي هذا التغيير ذريعة للنظام للتهرب من استحقاقات اللجنة الدستورية، المنبثقة من مسار جنيف الذي تمثله الهيئة عن الطرف المعارض، وهي الفرصة الذهبية التي كان ينتظرها النظام لتعطيل عمل هذه اللجنة. كذلك فإن هذا التدخّل بهيكلية اللجنة سيفقدها ما بقي من شعبية مفقودة أصلاً لدى الشارع المعارض، الأمر الذي يفقدها شرعيتها حتى بتطبيق مخرجات ما قد تتفاوض أو تتفق عليه.

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى