تنظيم جديد ظهر قبل أيام في سوق رأس المال الأردني باسم مساهمين في سوق عمان المالي، يضعون إعلانا مدفوع الأجر في إحدى الصحف الرسمية، يوجهون من خلاله نداء استغاثة الى السادة النواب وهيئة الاوراق المالية، ويناشدون أحد رجال الاعمال الجدد على الساحة المحلية بالتراجع عن قراره بتأسيس شركة جديدة وإكمال مشروعه السابق بزيادة رأسمال إحدى الشركات القائمة من 12 مليون دينار الى 700 مليون دينار دفعة واحدة.
إن صيغة الإعلان مؤشر خطير على مدى التمادي الذي بدأ يلعبه عدد من المضاربين في البورصة ، والذين ألحقوا أكبر أذى بسوق رأس المال الأردني بعد ممارسات مشينة من البعض في السنوات السابقة، والتي كان لها الاثر في تكبيد صغار المساهمين خسائر فادحة.
هؤلاء المضاربون الذين استطاعوا في أسابيع قليلة التلاعب بشكل فاضح في سهم إحدى الشركات الصغيرة بحجة دخول مستثمر جديد عليها، ورفعه أكثر من خمسة اضعاف خلال فترة قياسية دون وجود أي أساس اقتصادي استثماري لهذا الارتفاع.
في هذه الحالة؛ تدخلت هيئة الاوراق المالية بحكم صلاحيتها القانونية، في التحقق بموضع هذا السهم الذي “جن جنونه” ولم يعد أحد يعلم إلى أي مدى سيصل دون ظهور أي معلومة عن حقيقة ما سيحصل في هذه الشركة، وبعد أخذ ورد مع إدارة تلك الشركة لم يتبين أي معلومات جوهرية تجيب على أسئلة الهيئة، وهو ما جعل الأخيرة تتجه لمنع أحد السيناريوهات المقلقة التي كادت أن تتكرر على اسهم هذه الشركة.
المعلومة الاساسية التي توفرت من مشروع زيادة راسمال تلك الشركة وفق السيناريو الذي كانت تخطط له الادارة الجديدة لهذه الشركة أنها كانت ترغب بزيادة راسمالها من 12 مليون دينار الى 700 مليون دينار عن طريق مقدمات عينية وسهمية تتراوح بين 60 -70 بالمائة من الزيادة المقترحة، وهذا الامر يقودنا الى ما حدث في بعض الشركات المساهمة العامة قبل سنوات قليلة والتي تم زيادة راسمالها بواسطة اعادة تقديرات للاصول العقارية التي كانت تملكها اضافة الى استغلال ارتفاعات اسعار الاسهم التي شغلت اعمال المضاربين في البورصة ، ما جعلهم يحققون ثراء فاحشا وسريعا في فترات قياسية ويحصدون حصص الاسد في مساهمات تلك الشركات دون أن يقدموا أي مساهمات حقيقية تساوي تلك الحصص، وقد رأينا فعلا في البورصة قبل سنوات اسهما ارتفعت الى اكثر من 20 دينارا للسهم بفعل تلك التقديرات، ثم هوت عند اول منعطف ولم تعد تتجاوز ال30 قرشا، ما كبد صغار المساهمين وكبارهم أيضا خسائر فادحة، والناجي الوحيد هم المضاربون.
هيئة الاوراق المالية وضعت حدا قانونيا لجنون ذلك السهم بجعل الحد الاعلى والادنى لنزوله وارتفاعه لا يتجاوز ال1 بالمائة، وهو ما جعل المضاربين في حيرة من امرهم تجاه قرار الهيئة التي بدأت اليوم مواجهة مفتوحة وجها لوجه مع هؤلاء المضاربين الذين بدأوا يسوقون للرأي العام من خلال تحالفاتهم واعلاناتهم، بأن قرار الهيئة بحق سهم تلك الشركة أضر بحقوق المساهمين، وهو يخفي في طياته تآمرا جديدا على مساهمي السوق الذين لم يتشافوا بعد من ممارسات المضاربين في السنوات الماضية.
salamah.darawi@gmail.com