لِاتَجْعَلْ رَأْسَكَ كَمِقْبَضِ الْبَابِ

لِاتَجْعَلْ رَأْسَكَ كَمِقْبَضِ الْبَابِ

اَلْكَاتِبَةُ : – هِبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ

هَكَذَا كُنْتُ ، مِثْلَكَ تَمَامًا تَمْلَؤُنِي الدَّهْشَةُ الْمَمْزُوجَةُ بِالاسْتِغْرَابٍ ! عِنْدَمَا قَرَأْتُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الْمَكْتُوبَةَ عَلَى سَيَّارَةِ صَدِيقِي الَّذِي كَانَ سَيُقِلُّنِي إِلَى مَكَانِ عَمَلِي ” لَا تَجْعَلْ رَأْسَكَ كَمِقْبَضِ الْبَابِ يُحَرِّكُهُ أَيُّ أَحَدٍ ” .

نَظَرْتُ إِلَيْهِ مُنْدَهِشًا وَمُتَسَائِلًا : كَيْفَ ؟ أَقْصِدُ مَاذَا تَعْنِي ! ! !

مقالات ذات صلة

نَظَرَ إِلَيَّ وَهُوَ يَفْتَحُ بَابَ سَيَّارَتِهِ قَائِلًا : هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَا تَشْمَلُكَ .

نَظَرْتُ إِلَيْهِ مُبْتَسِمًا وَدَخَلْتُ السَّيَّارَةَ قَائِلًا : هَذَا مِنْ لُطْفِكَ ، وَلَكِنْ مَاذَا تَقْصِدُ بِهَا ؟

قَامَ بِتَشْغِيلِ السَّيَّارَةِ وَقَالَ : بِكُلِّ بَسَاطَةٍ ، مُجْتَمَعُنَا الْفُضُولِيُّ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ كُلِّ شَيٍّء فِي أَيِّ شَيٍّء .

يَسْأَلُ مَتَى مَوْعِدُ ذَهَابِكَ إِلَى الْعَمَلِ وَمَتَى تَنْتَهِي ؟

هَلْ أَنْتَ مُتَزَوِّجٌ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا قُلْتَ لَهُمْ أَنَّكَ مُتَزَوِّجٌ أَمْ أَعْزَبُ سَتَنْهَالُ عَلَيْكَ الْأَسْئِلَةُ مِثْلَ تَسَاقُطِ الْمَطَرِ ، وَانْتَبِهْ لَيْسَ الْمَطَرَ الْخَفِيفَ بَلْ الْمَطَرُ الْغَزِيرُ .

إِذَا كُنْتَ مُتَزَوِّجٌ . . كَمْ عَدَدُ أَطْفَالِكَ ؟ كَمْ أَعْمَارُهُمْ ؟ زَوْجَتُكَ مُوَظَّفَةٌ أَمْ لَا . . . إِلَخْ .

وَإِذَا كُنْتُ أَعْزَبَ . . كَيْفَ ذَلِكَ ؟ كَمْ عُمْرُكَ الْآنَ ؟ لِمَاذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ؟ مَاذَا تَنْتَظِرُ ؟ تَتَشَعَّبُ الْأَسْئِلَةُ ، لِمَاذَا لَمْ تَشْتَرِي السَّيَّارَةَ الْفُلَانِيَّةَ ؟ ! اَلسَّيَّارَةُ الْفُلَانِيَّةُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا كَذَا وَ كَذَا . .

لِمَاذَا لَا تَمْتَلِكُ مَنْزِلًا خَاصًّا بِكَ ؟ امْتِلَاكُ الْمَنْزِلِ يُوَفِّرُ لَكَ كَذَا وَكَذَا ..

وَكُلُّ هَذِهِ النَّوْعِيَّةِ مِنْ الْأَسْئِلَةِ يَجِبُ أَنْ تُجِيبَ عَلَيْهَا مَهْمَا كَانَتْ حَالَتُكَ النَّفْسِيَّةُ !

لَا أَعْلَمُ مَا هُوَ الدَّافِعُ حَتَّى يَسْأَلُوا هَذِهِ الْأَسْئِلَةَ ؟ رُبَّمَا جَهْلًا ، أَوْ بِدَافِعِ الْفُضُولِ ، أَوْ الْفَضَاوَةِ ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا قَدْ تَبُثُّهُ هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ فِي نَفْسِ سَامِعِهَا .

وَبَيْنَمَا نَحْنُ نَتَبَادَلُ أَطْرَافَ اَلْحَدِيثِ وَإِذْ نَسْمَعُ صَوْتَ جَرَسِ اَلْهَاتِفِ ، وَإِذْ صَدِيقٌ يَطْلُبُ مِنْ صَدِيقِي أَنْ يَبْحَثَ لَهُ عَنْ عَمَلٍ ؛ لِأَنَّ اَلْمُدِيرَ رَفَضَ أَنْ يُرْجِعَهُ إِلَى عَمَلِهِ .

أَقْفَلَ صَدِيقِي الْمُكَالَمَةَ وَنَظَرَ إِلَيَّ مُتَذَمِّرًا وَقَالَ : – كَانَ يَعْمَلُ . . أَمَّا الْآنَ فَهُوَ بِلَا عَمَلٍ !

وَالسَّبَبُ ؟ شَخْصٌ أَتَى إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَيْنَ تَعْمَلُ ؟

فَقَالَ لَهُ : بِالْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ .

كَمْ يُعْطِيكَ بِالشَّهْرِ ؟

قَالَ لَهُ : 700 دِينَارٍ .

فَيَرُدُّ عَلَيْهِ مُسْتَنْكِرًا : 700 دِينَارٍ فَقَطْ ! كَيْفَ تَعِيشُ بِهَا ؟

إِنَّ صَاحِبَ الْعَمَلِ لَا يَسْتَحِقُّ جُهْدَكَ وَلَا يَسْتَاهِلُهُ .

فَأَصْبَحَ كَارِهًا لِعَمَلِهِ وَطَلَبَ رَفْعَ الرَّاتِبِ ، فَرَفَضَ صَاحِبُ الْعَمَلِ ، فَأَصْبَحَ بِلَا عَمَلٍ . .

لِهَذَا السَّبَبِ تَحْدِيدًا ، عَدَمُ تَدَخُّلِكَ فِي شُؤُونِ الْآخَرِينَ وَاجِبٌ عَلَيْكَ وَلَيْسَ كَرَمًا مِنْكَ .

وَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ ، رَنَّ جَرَسُ الْهَاتِفِ مَرَّةً أُخْرَى وَكَانَتْ الْمُتَّصِلَةُ زَوْجَتَهُ ، قَالَتْ مُتَسَائِلَةً : – هَلْ يُمكِنُنِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى صَدِيقَتِي حَالًا ؟

أَجَابَهَا مُسْتَغْرِبًا : – لِمَاذَا ؟ مَا الَّذِي حَصَلَ ؟

قَالَتْ : – تَطَلَّقْتْ . .

رَدَّ مُنْدَهِشًا : – كَيْفَ ذَلِكَ ؟ وَلِمَاذَا ؟ بِالْأَمْسِ أَنْجَبَتْ طِفْلًا وَكَانَتْ مِنْ أَسْعَدِ مَا يَكُونُ !

أَجَابَتُهُ : – سَأَلَتْ إِحْدَاهُنَّ صَدِيقَتِي عِنْدَمَا جَاءَهَا مَوْلُودٌ ، مَاذَا قَدَّمَ لَكِ زَوْجُكِ بِمُنَاسَبَةِ الْوِلَادَةِ ؟

قَالَتْ لَهَا : لَمْ يُقَدِّمْ لِي شَيْئًا . .

فَأَجَابَتْهَا مُتَسَائِلَةً : أَمَعْقُولٌ هَذَا ؟ أَلَيْسَ لَكِ قِيمَةٌ عِنْدَهُ ؟

( أَلْقَتْ بِتِلْكَ الْقُنْبُلَةِ وَمَشَتْ ) .

جَاءَ زَوْجُهَا ظُهْرًا إِلَى الْبَيْتِ فَوَجَدَهَا غَاضِبَةً فَتَشَاجَرَا ، وَتَلَاسَنَا ، وَاصْطَدَمَا ، فَطَلَّقَهَا .

أَجَابُهَا بِحَسْرَةٍ مَمْزُوجَةٍ بِالْبُؤْسِ : – بِالتَّأْكِيدِ . وَأَقْفِلُ الْخَطَّ .

ثُمَّ نَظَرَ وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ بَدَأَتْ الْمُشْكِلَةُ ؟ مِنْ كَلِمَةٍ قَالَتْهَا إِمْرَأَةٌ !

أَتَعَلَّمُ ، لَوْ أَنَّنِي أَسْتَطِيعُ لَوَضَعْتُ هَذِهِ الْمَقُولَةَ فِي كُلِّ أَمَاكِنِ الْعَالَمِ وَأَضَفْتُ عَلَيْهَا أَيْضًا ” اجْعَلْ شِعَارَكَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَدَخَّلَ فِي حَيَاتِكَ ( لَيْسَ لَدَيَّ أَسْرَارٌ … لَدَيَّ حَيَاةٌ لَا تَخُصُّكَ ) .

ثُمَّ قَامَ بِتَشْغِيلِ أُغْنِيَةٍ لِجُورْجْ وَسُوفْ ” كَلَامُ النَّاسِ ” . .

وَغَنَّى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ الْعَالَمَ قَائِلًا : –

كلام النّاس لا بيقدّم، ولا يأخّر

كلام النّاس ملامه وغيره مش أكتر

كلام النّاس لا بيقدّم، ولا يأخّر

كلام النّاس ملامه وغيره مش أكتر ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى