![](https://i0.wp.com/sawaleif.com/wp-content/uploads/2016/02/%D9%83%D9%83.jpg?fit=590%2C300&ssl=1)
لِاتَجْعَلْ رَأْسَكَ كَمِقْبَضِ الْبَابِ
اَلْكَاتِبَةُ : – هِبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ
هَكَذَا كُنْتُ ، مِثْلَكَ تَمَامًا تَمْلَؤُنِي الدَّهْشَةُ الْمَمْزُوجَةُ بِالاسْتِغْرَابٍ ! عِنْدَمَا قَرَأْتُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ الْمَكْتُوبَةَ عَلَى سَيَّارَةِ صَدِيقِي الَّذِي كَانَ سَيُقِلُّنِي إِلَى مَكَانِ عَمَلِي ” لَا تَجْعَلْ رَأْسَكَ كَمِقْبَضِ الْبَابِ يُحَرِّكُهُ أَيُّ أَحَدٍ ” .
نَظَرْتُ إِلَيْهِ مُنْدَهِشًا وَمُتَسَائِلًا : كَيْفَ ؟ أَقْصِدُ مَاذَا تَعْنِي ! ! !
نَظَرَ إِلَيَّ وَهُوَ يَفْتَحُ بَابَ سَيَّارَتِهِ قَائِلًا : هَذِهِ الْعِبَارَةُ لَا تَشْمَلُكَ .
نَظَرْتُ إِلَيْهِ مُبْتَسِمًا وَدَخَلْتُ السَّيَّارَةَ قَائِلًا : هَذَا مِنْ لُطْفِكَ ، وَلَكِنْ مَاذَا تَقْصِدُ بِهَا ؟
قَامَ بِتَشْغِيلِ السَّيَّارَةِ وَقَالَ : بِكُلِّ بَسَاطَةٍ ، مُجْتَمَعُنَا الْفُضُولِيُّ الَّذِي يَسْأَلُ عَنْ كُلِّ شَيٍّء فِي أَيِّ شَيٍّء .
يَسْأَلُ مَتَى مَوْعِدُ ذَهَابِكَ إِلَى الْعَمَلِ وَمَتَى تَنْتَهِي ؟
هَلْ أَنْتَ مُتَزَوِّجٌ أَمْ لَا ؟ وَإِذَا قُلْتَ لَهُمْ أَنَّكَ مُتَزَوِّجٌ أَمْ أَعْزَبُ سَتَنْهَالُ عَلَيْكَ الْأَسْئِلَةُ مِثْلَ تَسَاقُطِ الْمَطَرِ ، وَانْتَبِهْ لَيْسَ الْمَطَرَ الْخَفِيفَ بَلْ الْمَطَرُ الْغَزِيرُ .
إِذَا كُنْتَ مُتَزَوِّجٌ . . كَمْ عَدَدُ أَطْفَالِكَ ؟ كَمْ أَعْمَارُهُمْ ؟ زَوْجَتُكَ مُوَظَّفَةٌ أَمْ لَا . . . إِلَخْ .
وَإِذَا كُنْتُ أَعْزَبَ . . كَيْفَ ذَلِكَ ؟ كَمْ عُمْرُكَ الْآنَ ؟ لِمَاذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ؟ مَاذَا تَنْتَظِرُ ؟ تَتَشَعَّبُ الْأَسْئِلَةُ ، لِمَاذَا لَمْ تَشْتَرِي السَّيَّارَةَ الْفُلَانِيَّةَ ؟ ! اَلسَّيَّارَةُ الْفُلَانِيَّةُ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا كَذَا وَ كَذَا . .
لِمَاذَا لَا تَمْتَلِكُ مَنْزِلًا خَاصًّا بِكَ ؟ امْتِلَاكُ الْمَنْزِلِ يُوَفِّرُ لَكَ كَذَا وَكَذَا ..
وَكُلُّ هَذِهِ النَّوْعِيَّةِ مِنْ الْأَسْئِلَةِ يَجِبُ أَنْ تُجِيبَ عَلَيْهَا مَهْمَا كَانَتْ حَالَتُكَ النَّفْسِيَّةُ !
لَا أَعْلَمُ مَا هُوَ الدَّافِعُ حَتَّى يَسْأَلُوا هَذِهِ الْأَسْئِلَةَ ؟ رُبَّمَا جَهْلًا ، أَوْ بِدَافِعِ الْفُضُولِ ، أَوْ الْفَضَاوَةِ ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَا قَدْ تَبُثُّهُ هَذِهِ الْأَسْئِلَةُ فِي نَفْسِ سَامِعِهَا .
وَبَيْنَمَا نَحْنُ نَتَبَادَلُ أَطْرَافَ اَلْحَدِيثِ وَإِذْ نَسْمَعُ صَوْتَ جَرَسِ اَلْهَاتِفِ ، وَإِذْ صَدِيقٌ يَطْلُبُ مِنْ صَدِيقِي أَنْ يَبْحَثَ لَهُ عَنْ عَمَلٍ ؛ لِأَنَّ اَلْمُدِيرَ رَفَضَ أَنْ يُرْجِعَهُ إِلَى عَمَلِهِ .
أَقْفَلَ صَدِيقِي الْمُكَالَمَةَ وَنَظَرَ إِلَيَّ مُتَذَمِّرًا وَقَالَ : – كَانَ يَعْمَلُ . . أَمَّا الْآنَ فَهُوَ بِلَا عَمَلٍ !
وَالسَّبَبُ ؟ شَخْصٌ أَتَى إِلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَيْنَ تَعْمَلُ ؟
فَقَالَ لَهُ : بِالْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ .
كَمْ يُعْطِيكَ بِالشَّهْرِ ؟
قَالَ لَهُ : 700 دِينَارٍ .
فَيَرُدُّ عَلَيْهِ مُسْتَنْكِرًا : 700 دِينَارٍ فَقَطْ ! كَيْفَ تَعِيشُ بِهَا ؟
إِنَّ صَاحِبَ الْعَمَلِ لَا يَسْتَحِقُّ جُهْدَكَ وَلَا يَسْتَاهِلُهُ .
فَأَصْبَحَ كَارِهًا لِعَمَلِهِ وَطَلَبَ رَفْعَ الرَّاتِبِ ، فَرَفَضَ صَاحِبُ الْعَمَلِ ، فَأَصْبَحَ بِلَا عَمَلٍ . .
لِهَذَا السَّبَبِ تَحْدِيدًا ، عَدَمُ تَدَخُّلِكَ فِي شُؤُونِ الْآخَرِينَ وَاجِبٌ عَلَيْكَ وَلَيْسَ كَرَمًا مِنْكَ .
وَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ ، رَنَّ جَرَسُ الْهَاتِفِ مَرَّةً أُخْرَى وَكَانَتْ الْمُتَّصِلَةُ زَوْجَتَهُ ، قَالَتْ مُتَسَائِلَةً : – هَلْ يُمكِنُنِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى صَدِيقَتِي حَالًا ؟
أَجَابَهَا مُسْتَغْرِبًا : – لِمَاذَا ؟ مَا الَّذِي حَصَلَ ؟
قَالَتْ : – تَطَلَّقْتْ . .
رَدَّ مُنْدَهِشًا : – كَيْفَ ذَلِكَ ؟ وَلِمَاذَا ؟ بِالْأَمْسِ أَنْجَبَتْ طِفْلًا وَكَانَتْ مِنْ أَسْعَدِ مَا يَكُونُ !
أَجَابَتُهُ : – سَأَلَتْ إِحْدَاهُنَّ صَدِيقَتِي عِنْدَمَا جَاءَهَا مَوْلُودٌ ، مَاذَا قَدَّمَ لَكِ زَوْجُكِ بِمُنَاسَبَةِ الْوِلَادَةِ ؟
قَالَتْ لَهَا : لَمْ يُقَدِّمْ لِي شَيْئًا . .
فَأَجَابَتْهَا مُتَسَائِلَةً : أَمَعْقُولٌ هَذَا ؟ أَلَيْسَ لَكِ قِيمَةٌ عِنْدَهُ ؟
( أَلْقَتْ بِتِلْكَ الْقُنْبُلَةِ وَمَشَتْ ) .
جَاءَ زَوْجُهَا ظُهْرًا إِلَى الْبَيْتِ فَوَجَدَهَا غَاضِبَةً فَتَشَاجَرَا ، وَتَلَاسَنَا ، وَاصْطَدَمَا ، فَطَلَّقَهَا .
أَجَابُهَا بِحَسْرَةٍ مَمْزُوجَةٍ بِالْبُؤْسِ : – بِالتَّأْكِيدِ . وَأَقْفِلُ الْخَطَّ .
ثُمَّ نَظَرَ وَقَالَ : مِنْ أَيْنَ بَدَأَتْ الْمُشْكِلَةُ ؟ مِنْ كَلِمَةٍ قَالَتْهَا إِمْرَأَةٌ !
أَتَعَلَّمُ ، لَوْ أَنَّنِي أَسْتَطِيعُ لَوَضَعْتُ هَذِهِ الْمَقُولَةَ فِي كُلِّ أَمَاكِنِ الْعَالَمِ وَأَضَفْتُ عَلَيْهَا أَيْضًا ” اجْعَلْ شِعَارَكَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَدَخَّلَ فِي حَيَاتِكَ ( لَيْسَ لَدَيَّ أَسْرَارٌ … لَدَيَّ حَيَاةٌ لَا تَخُصُّكَ ) .
ثُمَّ قَامَ بِتَشْغِيلِ أُغْنِيَةٍ لِجُورْجْ وَسُوفْ ” كَلَامُ النَّاسِ ” . .
وَغَنَّى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَ الْعَالَمَ قَائِلًا : –
كلام النّاس لا بيقدّم، ولا يأخّر
كلام النّاس ملامه وغيره مش أكتر
كلام النّاس لا بيقدّم، ولا يأخّر
كلام النّاس ملامه وغيره مش أكتر ..