من يحاسب بطانة أولي الأمر في الأردن

من يحاسب #بطانة #أولي_الأمر في #الأردن

الأستاذ الدكتور #أنيس_الخصاونة

تؤدي بطانة أولي الأمر في الأردن دورا خطيرا في التأثير على مضامين واتجاهات القرارات والتوجهات التي ينتهجها كبراء الأردنيين وقادتهم وأولي الأمر منهم. فهذه البطانة ليست شخصا أو مستشارا أو رئيس ديوان أو مرافقا فقط وإنما هم جيش جرار من الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم من الموازنة العامة للدولة بمعنى آخر يدفع المواطنين رواتب بطانة أولي الأمر من الضرائب والرسوم والجمارك التي لا حصر لها.
بطانة أولي الأمر بشر لهم مصالح ولهم أولاد وعائلات وأقارب وأطماع ويمكن أن تسول لهم أنفسهم باستغلال مواقعهم وامتيازاتهم وسهولة الوصول لأولي الأمر ونقل المعلومات عن العباد وكتابة التقارير، وتلخيص الأحداث، وأحيانا التصرف بالمال المتاح توزيعا كأعطيات أو منحا أو ابتعاثا للجامعات الداخلية أو الأجنبية، أو هدايا ثمينة، أو ألقابا اجتماعية، أو تعيينات في مواقع دبلوماسية وقيادية ضمن المؤسسة التي يعمل فيها بطانة أولي الأمر أو في الحكومة.تجاربنا وخبراتنا تقول أن كثيرا من بطانة أولي الأمر استعملوا صلاحياتهم لخدمة مصالحهم ومصالح عائلاتهم وأقاربهم ،بعضهم عظم ثروته ويعيش حياة مترفة وليس له علم بالأزمة التي يمر فيها الأردن والعالم ،أولادهم يعينون في ذات البطانة ويصبحون لاحقا هم البطانة لأولي الأمر والنهي ،بعضهم أخذ أموالا شتى وتم الاكتفاء بأن أنهيت خدماته بعد أن عمل ردحا من الزمن وحصل ربما على الملايين .الأخطر من ذلك أن البطانة هي التي توصل المعلومات عن المجتمع وعن قياداته وشيوخه وعن المعارضين وعن المواطنين المشاكسين بالطريقة والشكل والأسلوب التي تريد وهذا خاضع بالطبع لرؤيتها ومزاجها وقيمها ومصالحها وتحيزاتها. البطانة تعمل على إنشاء بؤر للسلطة والنفوذ والممالك المصغرة، لهم جماعتهم وشللهم ويلتف عليهم وحولهم محاسيب وأقارب ليستفيدوا جاه أو مال أو سلطة أو منفعة من منافع الدنيا .
السؤال الكبير الذي نريد له جوابا من يحاسب هؤلاء المقربين والعاملين في بطانة أولي أمرنا وأصحاب الحل والعقد في قمم مؤسساتنا.لم نسمع يوما عن إحالة أحد العاملين المقربين لأولي الأمر ومستشارية للعدالة والمسائلة باستثناء باسم عوض الله الذي حوكم لأسباب سياسية والسيد وليد الكردي الذي فر بملايين الدولارات من البلاد ولم يسترد منه شيئا بعد أي منهم .نحن نعرف أن العاملين في الدولة الأردنية من رئيس الوزراء لأدنى عامل في أي مرتبة وظيفية معرض للمساءلة والمحاسبة عبر القنوات الدستورية والقضائية المحددة.لكن من يحاسب ويسآئل العاملون في بطانة ولي الأمر وهم ألآلاف وهل الاكتفاء بإنهاء خدمات بعضهم كافيا بعد أن أخذوا ثروة هائلة على مدار عقد أو عقدين من الزمن، ناهيك عن تعليم أبنائهم وأنسبائهم في أفضل الجامعات الغربية على نفقة موازنة مؤسسة ولي الأمر،أو علاج مرضاهم في الخارج والذي يكلف الأردن ما يكلفه ليضيف إلى ديننا وحنقنا وإحساسنا بعدم العدالة والمساواة والشعور بالهامشية وعدم التأثير.
نعم هذه أسئلة يتداولها الأردنيون في جلساتهم الخاصة ويفهمونها ويعرفونها ولكن بعضهم أحيانا لا يفضل الحديث فيها إما خوفا من عقاب أو استثناء من امتياز ،أو قيد أمني، أو طمعا في الحصول على بعض ما أنعم الله على البطانة والإفادة مما يفيضوا به على أتباعهم وجماعتهم . الأردنيون يريدون أن يخضعوا بطانة أولي الأمر للمساءلة ويريدون أن يكون لدينا آلية شفافة لمحاسبتهم وسؤالهم عن انتفاخ ثرواتهم وجيوبهم تماما مثل ما هذا متاح لمساءلة بقية موظفي الدولة الأردنية.كما نريد أن يكون للابتعاث والمنح الدراسية أسس معلنة للأردنيين منشورة في الصحف وملتزما بها وأن لا يكون نفوذ للبطانة يتم استثماره من” تحت السجادة” فمشكلتنا أن قرارات كثيرة أصبحت تتخذ وهي قانونية وتتم عبر مجالس ولجان ومقابلات مرتبة ومصاغة بطريقة ليس فيها ممسك قانوني لكنها كلها شكليات ظاهرها سليم وباطنها فيه فساد وعطب . الأردنيون يتطلعون إلى صاحب الأمر ليقف على المعلومات الحقيقية من الناس مباشرة وأن يوجه باتخاذ الإجراءات التي تضمن مسائلة حاشيته وبطانته ومراقبتهم بإسلوب مؤسسي وليس شخصي .الأردنيون يدعون في أعقاب كل صلاة جمعة بأن يهب الله الملك ويرزقه البطانة الصالحة التي تريه الحق حقا وتساعده على إتباعه والباطل باطلا وتساعده على اجتنابه، ويريدون ويحبون أن يستمروا بهذا الدعاء ويتمنون أن لا ييأسوا من عدم إجابة رب العباد لسؤلهم وتضرعهم هذا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى